ما أسباب الاشتباكات بين "تحرير الشام" و"الجبهة الوطنية" وتأثيرها على الشمال السوري؟

ما أسباب الاشتباكات بين "تحرير الشام" و"الجبهة الوطنية" وتأثيرها على الشمال السوري؟
يثير الاقتتال الفصائلي في المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة في الشمال السوري، لا سيما إصرار "هيئة تحرير الشام" على إنهاء أبرز من يكن لها العداء من هذه الفصائل، التساؤلات حول الأسباب التي تدفع "الهيئة" للمضي في طريقها هذا.

واللافت في الاشتباكات بين "تحرير الشام" و"الجبهة الوطنية للتحرير" في الشمال السوريّ، هو دخول فصائل لم تكن تُشارك سابقاً بمثل هذه الخلافات، خاصة من الفصائل التابعة "للجبهة الوطنية للتحرير" مما يعني - وفقاً لمراقبين - أن الأمور تتجه للتأزّم أكثر، وهذا قد يُنبئ باستمرار هذه الاشتباكات لتغيير خريطة المنطقة.

فرض الهيمنة الأُحادية

وعن أسباب هذه الاشتباكات المتكررة بين الفصيلين, يقول (عمر حذيفة) "شرعي فيلق الشام" و"الجبهة الوطنية" لأورينت نت: "كان قرار المعركة بين فصيليّ الجبهة الوطنية للتحرير وهيئة تحرير الشام آتياً لا بدّ منه، وكلا الطرفين يتجهّز له من أجل حسم قرار الساحة لأحدهما، خصوصاً أن الطرفين فقدا الثقة فيما بينهما وهذا لا يخفى على أحد، وقد ساعد على ذلك الأخبار الكاذبة والتجييش الاعلامي المتبادل من الأسماء الوهمية التابعة للفريقين، بالإضافة للقنوات الاعلامية التي تُحسب على طرفيّ المشكلة".

واتّهم (حذيفة) "هيئة تحرير الشام" بأنها تسعى إلى "فرض هيمنتها الأُحادية على المنطقة" بقوله: "أعتقد أن الساحة ملك للجميع وليست حكراً لطرف دون آخر، ولا يحقّ لأحد أن يتحكم بمقدرات الأهالي والمدنيين الذين يتحملون النصيب الأكبر من هذه المعاناة، ولكن هيئة تحرير الشام تفرّغت لبسط النفوذ وحكم الناس بالترهيب، والسعي للاستحواذ على مقدرات الساحة ووضع يدها على مفاصل البلاد والتفرّد بقرارها".

ويذهب في هذا الاتجاه، الناشط الإعلامي (محمد العلي)، والذي يرى أن "الاشتباكات بين فصيليّ الجبهة الوطنية والتي غالباً يمثّلها بهذه الاشتباكات حركتيّ نور الدين الزنكي وأحرار الشام، وبين هيئة تحرير الشام من جهة أخرى, يعود سببها إلى محاولة فرض السيطرة المطلقة لأحد الطرفين، وبالتالي التحكم بمقدّرات المنطقة ومواردها الاقتصادية والسيطرة عليها أمنياً وقضائياً وإدارياً".

نَيْل الشرعية بتطبيق التفاهمات الدولية

يشار إلى أن أغلب فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير" شاركت في التوقيع ضمن اجتماعات "أستانا" ووافقت على عدد من البنود التي تخصّ المناطق المحررة في الشمال السوري، ولكن القوة المُسيطرة الأكبر على تلك المناطق هي "تحرير الشام" ومع ذلك تمّ تطبيق أغلب بنود تلك الاتفاقات تحت مرأى ومشاركة الهيئة وآخرها كان اتفاق "سوتشي".

وبهذا الجانب، يؤكد الناشط الاعلامي أنه "من أبرز أسباب الاشتباكات بين الطرفين كان الوجود المباشر والقوي في تطبيق الاتفاقات الدولية الموقّعة سابقاً كاتفاق سوتشي، والذي يهدف لفتح المعابر والطرقات الدولية، وكل هذا يتطلّب وجود قوة عسكرية مسيطرة على المناطق المحررة، وبالتالي تكسب شرعيتها من خلال تطبيقها لهذه الاتفاقيات".

اقتتال طويل الأمد يُضعف الطرفان

بدوره، يقول: المحلل العسكري المقدم (أحمد العطار): "منذ بضع سنين والاشتباكات تتكرر بين جبهة النصرة بمسمياتها اللاحقة وعدد من الفصائل الأخرى التي بات أغلبها ضمن تشكيل الجبهة الوطنية للتحرير، وفي كل مرة يقع قتلى وجرحى من الطرفين، عدا عن الضحايا المدنيين".

ويضيف (العطار) أن "طول هذه الاشتباكات دون حلٍ جذريّ سيُضعف الطرفين، وهذا ما سيحصل، لأن عملية استئصال طرفٍ لآخر ليست بالعملية السهلة، حتى وإن تدخلت الدول المعنية بذلك، ومع استمرار هذه المعارك ستكون منطقة الشمال عرضةً لتدخلات نظام الأسد والتنظيمات المتشددة وكل من له مطمع فيها، وبالتالي ربما نرى تشكيلاً أو جهة مسؤولة عن هذه المنطقة غير هؤلاء المتقاتلين".

المدنيون هم الضحيّة

وقُتل خلال الاشتباكات الأخيرة عدد من المدنيين وأُصيب آخرون، بعضهم من الأطفال والنساء كما حدث في مخيمات أطمة، وبعضهم الآخر من الفرق الطبية، بالإضافة لنزوح مئات العائلات وانقطاع السُبل بالآلاف.

وفيما يخصّ آثار ونتائج هذه الاشتباكات المتكررة، يقول الناشط المدني ومدير فريق منسّقي الاستجابة (محمد الشامي) لأورينت نت: "المتضرر الوحيد من هذه الاشتباكات المتكررة بين تحرير الشام والجبهة الوطنية هم المدنيون، فمثلاً تم نزوح أغلب مخيم الجزيرة في أطمة بعد وقوع شهداء وجرحى من المدنيين، أثناء الاشتباكات جانب المخيم، بالإضافة لتوقّف دعم وعمل المنظمات الاغاثية والانسانية في الشمال، وإن استمرت ستكون كارثة انسانية وخاصة في حال سيطرت هيئة تحرير الشام على المنطقة".

بينما نوه الاعلامي (محمد العلي) إلى أن "أبرز سلبيات هذه الإقتتالات هو الشرخ العائلي والمناطقي في الشمال المحرر، حيث تجد شخص من هذا الطرف يقتل قريبه من الطرف الآخر أو مجموعة من هذه البلدة تقتل آخرين من بلدة مجاورة، وكذلك من الآثار السلبية عزوف المنظمات الدولية عن العمل في الشمال".

وأضاف (العلي) "لا يمكننا أن نتجاهل دماء المدنيين التي أُريقت خلال هذه الاشتباكات في السنوات الأربع الأخيرة، ومعها دماء بعض العناصر الذين لا حول لهم ولا قوة سِوى رضوخهم لفتاوى مشايخهم، وبسبب هذه الدماء والآثار بات الأهالي يتمنّون الخلاص من طرف دون آخر، أو من الطرفين معاً، كي يرتاحوا من هذه الاشتباكات".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات