لماذا يتهرب أرباب العمل من تسجيل السوريين في التأمين بتركيا؟

لماذا يتهرب أرباب العمل من تسجيل السوريين في التأمين بتركيا؟
منذ قدومهم إلى تركيا قبل سبع سنوات فارين من الحرب في بلادهم، ساندت الحكومة التركية اللاجئين السوريين الموجودين على أراضيها، وساهمت بدرجة كبيرة وعبر العديد من القرارات في إعطائهم جملة من الحقوق، تماماً كالتي تمنح للمواطنين الأتراك، ابتداءً من منحهم بطاقات حماية مؤقتة (كمليك) وما تبعها من ميزات وخدمات أخرى.

وعلى الرغم من جملة التسهيلات والخدمات المقدمة في مجالات "التعليم والصحة والدعم"، عانى السوريون وما زالوا يعانون من مسألة العمل في تركيا، لا سيما وأنه ما ثبت على مر سبع سنوات من لجوئهم هو وجود مسائل (شبه مستحيلة الحل) في ظل عدم وجود قوانين خاصة تنظم آلية عملهم كـ (لاجئين) لا سيما أن القسم الأعظم من السوريين يعيشون في داخل المدن التركية ويعتمدون على أنفسهم في المعيشة بعيداً عن المخيمات.

مخاطر جمّة بلا تأمين (سيكورتا)

وتعود المطالبة بمثل هذه القوانين بعض الحوادث التي يتعرض لها بعض العمال السوريين خلال عملهم وتهرب أرباب العمل (بمن فيهم السوريون ممن يملكون شركات ويشغلون عمالة سورية) من ذلك لسببين رئيسيين، أولهما هو (تشغيل أجنبي) لا يحمل إذن عمل وهذا بحد ذاته يعتبر مخالفاً للقانون ويعرض رب العمل للملاحقة والغرامات المالية، والثاني هو التكلفة الباهظة في حال حاول معالجة العامل السوري المصاب في مشفى خاص بعيداً عن أعين الدولة.

"فقدت أصابعي خلال عملي في منشرة للموبيليا" يقول (خالد البساتنة) وهو شاب سوري مقيم في ولاية أنطاكيا في حديث لأورينت نت، منوهاً إلى أنه عمل لدى رب عمله في ورشة موبيليا لمدة 3 أعوام ونصف، إلا أنه وقبل شهر تقريباً وبينما كان يعمل على آلة تدعى "فريزة" وهي آلة مخصصة لحفر الخشب، انحرف مسار القطعة من يده لتلامس شفرات الآلة الحادة أصابعه وتقطعها على الفور.

يضيف: "لا أنكر أن رب عملي قام بإسعافي ورافقني لحين خروجي من غرفة العمليات التي أخبروني بها، أن أصابعي لا يمكن وصلها وما قاموا به هو عملية لإيقاف النزيف، ولكن إسعافي تم إلى المشفى على أنني جاره وليس عاملاً لديه وقد طلب مني ألا أخبر الشرطة بالحقيقة، وأن أقول أن إصابتي تمت أثناء صيانة (ماكينة لفرم اللحم) في المنزل، وأنه قام بإسعافي، وذلك بعد أن وعدني أن يشرف علي لحين شفائي الكامل، ولكن ما حدث العكس بمجرد أن خرجت من المشفى انتهى كل شيء وأصبح لا يجيب على الهاتف وعندما هددته بأني سأخبر الشرطة ضحك واستهان بالأمر"، مشيراً إلى أنه وفي ظل انعدام قانون التأمين وحظر (السيكورتا) على اللاجئين لا يمكن تحصيل الحقوق وكل شيء يضيع سدى في مثل هذه الحالات".

هل يمكن للسوريين المقيمين الحصول على "سيكورتا"؟

كثر الجدل في الآونة الأخيرة حول إمكانية حصول السوريين غير المتمتعين بالحماية المؤقتة (أصحاب الإقامات) على تأمين على ممتلكاتهم أو حياتهم كالمواطنين الأتراك، خصوصاً وأن أصحاب الإقامات من السوريين يتمتعون بميزات تختلف عن حاملي (الكمليك) تزامناً مع فقدانهم لميزات أخرى تبقى محصورة ضمن إطار (اللاجئين).

وعن هذا الأمر، يقول (عمران وردياني) العامل في مجال الاستشارات القانونية للسوريين لأورينت نت، إن مسألة التأمين في تركيا معقدة بقدر ما هي بسيطة، فالتأمين في تركيا بالنسبة للأجانب وخاصة السوريين منهم ينقسم إلى قسمين، القسم الأول لأصحاب الإقامات، حيث أنه ومن شروط الإقامة السياحية هو وجود ضمان صحي أو (تأمين صحي) يتم إيداعه في أحد المصارف التركية، أما بالنسبة لمسألة تأمين السوريين على حياتهم وممتلكاتهم فهي غير متاحة، والتأمين يتم فقط على (الصعيد الصحي) بالنسبة لحاملي الإقامات، أما بالنسبة للسوريين حاملي (الكمليك) أو الموجودين في تركيا بصفة (لاجئ) بوجه أدق، فهؤلاء لا يمكنهم التأمين على شيء، نظراً لعدم وجود قوانين تنص على ذلك حتى اللحظة.

سيكورتا العمل والتأمين الصحي

بدوره (بولات طاشكان) الموظف في شركة "دان سيكورتا/DAN SIGORTA" قال لأورينت نت: "غالبية السوريين يعملون في الولايات التركية دون إذن عمل، رغم مخالفة ذلك للقانون، ولكن في الوقت الذي تمنع فيه الحكومة التركية عمالة الأجنبي دون إذن، تتغاضى عن مئات الآلاف من السوريين العاملين في المعامل والمنشآت التركية، ولهذا فإن قانون العمل بقي قيد التطبيق فقط من قبل دائرة المالية التي في الغالب تقوم بجولات منظمة على المعامل بين فترة وأخرى".

ويضيف (طاشكان) أن "الآلية الوحيدة لاستخراج إذن عمل للاجئ السوري في تركيا بموجب (الكمليك) فقط، تتم عبر صاحب الشركة نفسها وبعد كتابة عقد عمل مع العامل السوري، يقوم رب العمل بتقديم طلب لوزارة العمل والضمان الاجتماعي، من أجل منح (عامله) حق الإقامة والعمل في تركيا، ويتم منح العامل في هذه الحالة البطاقة الزرقاء نفسها التي يتم منحها لحاملي الاقامة السياحية، ثم كتابة كل البيانات و مدة الاقامة، إلا أنه لا يحق له السفر خارج تركيا، وبعد ذلك يقوم رب العمل بإيداع مبلغ قدره 535 ليرة تركية لصالح العامل السوري في مديرية التأمين SGK ويتم لاحقاً في حال تقاعد العامل المتعاقد مع الشركة منحه راتباً شهرياً كأي موظف تركي".

ويستطرد: "دون ذلك يتم الاستفادة من مبالغ التأمين في حالات العلاج من الأمراض سواء للعامل أو عائلته، حيث أن تأمين العمل يشمل بجوانبه التأمين الصحي، إلا أن العكس ليس صحيحاً، وبالتالي فإن أصحاب التأمين الصحي لا يمكنهم الحصول على تأمين عمل، حتى وإن كانوا من أصحاب الإقامات السياحية، إلا أنهم بإمكانهم الحصول على تأمين وإذن للعمل بناء على إقامتهم في حال كانوا من أصحاب الشركات العاملة في تركيا أو المستثمرين، كما بالإمكان استخراج إقامة عمل مباشرة دون الحاجة للحصول على إقامة سياحية".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات