ما مستقبل "شرق الفرات" عقب الانسحاب الأمريكي؟

ما مستقبل "شرق الفرات" عقب الانسحاب الأمريكي؟
يفتح إعلان الرئيس الأمريكي (دونالد ترمب) انتهاء الحرب على تنظيم "داعش" وبدء انسحاب قوات بلاده التساؤلات لما ستؤول إليه منطقة شرق الفرات وعموم الجزيرة السورية التي تبسط ميليشيا "قسد" السيطرة عليها فيما عدا مربعين أمنيين لنظام الأسد في القامشلي والحسكة.

ويمهد الانسحاب الأمريكي "المفاجئ" - وفقاً لمراقبين - المجال لعملية عسكرية تركية كان الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) أعلن عنها شرقي الفرات ومنبج خلال أيام، وهي مناطق كان الوجود الأمريكي فيها يشكل عائقاً أمام هذا العملية. كما تحدثت تقارير إعلامية أن الانسحاب جاء عقب اتصال هاتفي (أردوغان) و(ترمب)؛ إلا أن الانسحاب من جهة أخرى يفتح شهية النظام والروس لاقتحام "شرق الفرات" المنطقة الغنية بالنفط والغاز والتي تشكل سلة سوريا الغذائية. 

اتفاق بمعزل عن الروس 

"تشير المعطيات إلى أن أمريكا وتركيا اتفقتا بشكل أحادي، دون إشراك روسيا" والذي أفضى إلى إعلان الرئيس الأمريكي الانسحاب من سوريا، ممهداً الطريق لعملية عسكرية تركيا شرقي الفرات وفي منبج، وفقاً للصحفي (صالح العبدلله). 

ويرى "العبدلله" أن هذا الانسحاب "ليس انسحاباً كلياً" إنما انسحاب من المناطق التي "تشملها العملية العسكرية المحاذية للشريط الحدودي وبالتالي سحب نقاط المراقبة وتجنب صدام حلفاء في حلف الناتو، إضافة إلى وجود قوات من التحالف بالمنطقة مثل القوات الفرنسية، التي أعلنت أنها ملتزمة بالبقاء بالمنطقة، ما يفتح المجال للتنبؤ بمساحة العملية التركية التي قد تقتصر على منبج ومناطق بعينها شرقي الفرات".

إعادة تركيا إلى المحور الأمريكي

ويذهب في هذا السياق الباحث والصحفي (عبد الوهاب العاصي) والذي يرى أن "القرار هو بمثابة محاولة انتزاع تركيا من المحور الروسي الناشئ، مقابل محاولة إعادة بناء الثقة في التحالف الاستراتيجي التركي الأمريكي".

ويقول (العاصي) "يُمكننا القول إن واشنطن أعادت النظر بطبيعة العلاقة مع الحلفاء ضمن آليات حماية المصالح الأمريكية، وأن قرار الانسحاب العسكري هو مرتبط باتفاق غير واضح المعالم مع تركيا التي تعتبر حليفها الاستراتيجي، على اعتبار أن الطرفين يعملان على إعادة بناء الثقة المتزعزعة بينهما جراء اعتبار أن كل منهما ينتهج سياسة غير مسؤولة تجاه الآخر". 

 ويضيف "العاصي" في حديثه لأورينت نت، أن هذا الافتراض (أي حصول اتفاق بين أمريكا وتركيا) إلى أن أنقرة ستكون معنية بمنع المخاطر التي قد تلحق بالأمن القومي الأمريكي من روسيا وإيران في ظل السياسات الحالية المتبعة من قبلهما، والتي تدفع نحو تقويض بنية النظام الأمني العالمي. 

 الانسحاب يفتح المجال لعملية عسكرية تركية

ويعتبر "العاصي" أن قرار الانسحاب الأمريكي يعني في الحد الأدنى من الاتفاق "رفع الغطاء السياسي والعسكري عن قوات سوريا الديمقراطية" وبالتالي فتح المجال للأطراف الأخرى أمام احتمال التدخل في شرق الفرات، سواء عبر التحرك العسكري أو عبر بديل آخر على الأرض، وبطبيعة الحال قد يعجل ذلك من خطوات أنقرة في تحركها المفترض، خصوصاً وأن جاهزيتها للتحرك قد اكتملت من كافة النواحي.

ما موقف الروس والنظام من الاتفاق؟

وربما العملية العسكرية التركية تدفع "الوحدات الكردية" التي تقود تحالف مليشيات "قسد" للبحث عن مخرج متمثل باحتمال تعزيز التنسيق مع نظام الأسد من أجل اعتراض أي تحرك لتركيا، وبالتالي قد يضع ذلك أنقرة أمام ضرورة التعامل مع مصالح روسيا وإيران.

ويشير الباحث السوري إلى النظام ليس لديه القدرة والوقت اللازم للتغطية، بالمقابل تركيا مستعدة لكل أشكال التحرك. وحتى لو حاول النظام الالتفاف عبر إعلان ضم "قسد" لمؤسسته العسكرية ككتلة، قائلاً: "لا أعتقد أن تركيا تكترث أو تترك المجال لروسيا وإيران، وهنا سيبدأ شكل جديد من رفع حدة أو سقف التعاطي الروسي مع محور أستانا".

وتطرّق (العاصي) إلى مراجعة السلوك أو التعاطي الروسي مع أحداث مماثلة. بمعنى أن موسكو سوف تصر على الطلب من تركيا أن تتقدم إلى النظام كي يوافق على تحركها المفترض بغض النظر عن شكله، وربما تستجيب أنقرة لذلك والعمل على إيجاد آلية مناسبة، وربما لا تستجيب والأمر متعلق بمدى قدرة أو رغبة أمريكا والغرب على دعم سياسات تركيا الأمنية أو الخارجية أو كلا السياستين.

ما مستقبل شرق الفرات؟

"المنطقة أما سينار يوهين لا ثالث لهما" يقول الأكاديمي السوري (عبد السلام الدلال) الباحث في النزاعات الدولية، أولهما تسليم "ب ي د" المناطق التي يسيطر عليها لقوات النظام، وهذا يعني أنه لا يريد الدخول في مواجهة حقيقية مع فصائل الجيش الحر المدعومة من تركيا كما حصل في عفري، لذلك قد تسلم المناطق التي تسيطر عليها المناطق للنظام تجبنا لسيناريو مشابه لعفرين، سيما وأن النظام مازال موجودا في مركز مدينة القامشلي ومركز مدينة الحسكة.

وحول قدرة النظام على إدارة هذه المناطق أمنيا وخدميا في هذه المرحلة، وما يمكن أن تشكله "الوحدات الكردية" من خطر في المستقبل، يرى الباحث، أن "الإجابة الواقعية" وفقا لإدارة النزاعات الحديثة وإدارة المناطق بعد النزاعات تشير إلى احتمالية حدوث السيناريو الثاني، وهو قرار المواجهة مع فصائل الجيش الحر مدعومة من تركية الأمر الذي سيؤدي حكما إلى إنهاء وجود "حزب الاتحاد الديمقراطي" وأجنحته العسكرية.

وبالتالي (الكلام هنا لدلال) فإن التدخل التركي أصبح واقعي أكثر من أي وقت سابق، لقسم ظهر حزب الإتحاد الديمقراطي "ب ي د"، وبنظرة تحليلية للنزاع الآن يبدو أن القوى الكبرى وأولها أميركا أدركت أنا مصالحها المتقاطعة مع بعضها البعض أقوى من البيادق التي تمتلكها على الأرض.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات