كيف تقود روسيا حربها الإعلامية ضد "الخوذ البيضاء" في سوريا؟ (فيديو)

كيف تقود روسيا حربها الإعلامية ضد "الخوذ البيضاء" في سوريا؟ (فيديو)
كشف تحقيق استقصائي قامت به كوادر تلفزيون أورينت الإعلامية عن الأساليب التي تتبعها روسيا في حربها الإعلامية وأدواتها في بث البربوغاندا بما يخدم سياستها العدوانية في سوريا ودعم نظام الأسد والحرب التي يشنها الطرفان على مؤسسة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) لا سيما في ملف الكيماوي.

وخلصت عمليات البحث والاستقصاء من المختصين في تلفزيون أورينت إلى أن روسيا عملت على إنشاء ما يعرف بـ"شركة الأبحاث على الإنترنت" وهذه بدورها أسست جيشاً إلكترونياً مؤلفا من 60 ألف مجند أو عضو، وهؤلاء يطلق عليهم اسم "المتصيدين" ويعملون بـ 12 لغة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لبث الدعاية الروسية وتعويمها.

أدوات البربوغاندا الروسية

وأوضح الصحفي (أحمد الحسن) أحد أعضاء فريق أورينت الاستقصائي، أن عمليات الرصد والاستقصاء منذ 15 آب الماضي وحتى مطلع أيلول (أي خلال 15 يوم فقط وهي ذروة الحملة الروسية ضد الخوذ البيضاء) كشفت أن الماكينة الإعلامية الروسية من خلال أدواتها ووسائلها الإعلامية بثت أكثر من 40 مادة مفبركة تصب في نفس الموضوع وهو تشويه سمعة "الخوذ البيضاء"  والضغط ضمن وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي على إظهارها كمؤسسة "إرهابية" وفقاً لنظرة النظام الروسي.

كما أوضحت عمليات التقصي أن كل الأدوات الإعلامية كانت تصب في قناة وحيدة، هي بالأساس تابعة للحكومة الروسية أي أن موسكو تتحكم بجميع وسائل الإعلام والماكينة الإعلامية لديها وتعمل على بث دعاية الكرملين.

كيف تعمل البربوغاندا الروسية؟

بدوره، أكد المختص في وسائل التواصل الاجتماعي (أنس المرعي) وأحد أعضاء فريق أورينت، أنه من خلال تتبع بعض الحسابات لشخصيات معروفة بقربها من الروس والنظام، تبيّن أن هناك أكثر من مرحلة تعمل عليها هذه الماكينة، فمثلاً الدعاية ضد "الخوذ البيضاء" فإنهم يعملون بدايةً على تجهيز التهم ومن ثم ترجمتها، ليأتي بعدها مرحلة تشكيل منصات وحسابات يعاد من خلالها التغريد عبر تويتر، وتعويم الموضوع عبر التواصل.

وحول إمكانية كشف هذه القنوات من قبل المرتاد العادي لوسائل التواصل الاجتماعي، أكد  (المرعي) أنه بإمكان كل شخص ومن خلال أدوات تحليل بسيطة يمكنه الوصول لها، وقد حللنا ما يعرف بـ"الفيك فلورز" (المتابعين الوهميين أو المزيفين) لحساب قناة "روسيا اليوم" في تويتر، ووجدنا أنه يحتوي على ربع مليون حساب مزيف، وهذا الرقم أكبر من المتابعن لحساب "الخوذ البيضاء" في تويتر، وبالتالي فأنا كـ"خوذ بيضاء" لا يمكنني مجابهة هذه الحرب مقابل وسائل تمولها دول كبرى، ولكم أن تتخيلو كيف سيكون ارتدادات هذه الببروغاندا.

ومن خلال تحليل البيانات أيضاُ خلال ذروة الحملة الروسية ضد "الخوذ البيضاء" بحسب (المرعي) فقد أثبتت التحليلات أن "روسيا اليوم" تحدثت وبثت في تلك الفترة عن "الخوذ البيضاء" أكثر مما تحدثت المؤسسة (أي الخوذ البيضاء) عن نفسها، كذلك أثبتت عمليات الرصد، أن أبرز 10 شخصيات موالية لروسيا وخلال هذه الفترة، كانت الأكثر تهجماً على "الخوذ البيضاء".

كيف أثرت على الثورة السورية؟

وحول المدى الذي ساهم فيه ممن يعرفون بـ"المتصيدين" في تزييف الحقائق حول الثورة السورية، أكد الصحفي الاستقصائي (علي إبراهيم) أن التأثير يأتي من تثبيت الفكرة، فمثلاً تستخدم روسيا أسلوب التكرار والتركيز من خلال إعادة وتكرار الفكرة التي تريد الترويج لها، وهذا ما عملت عليه ماكينتها الإعلامية، فيما يخص الاتهامات الروسية ونظام الأسد حول تحضير "الخوذ البيضاء" لهجوم كيماوي.

وأوضح (الإبراهيم) أن الأهم من عملية التأثير، أمام كشف هذا الكم من الحقائق، هو مواجهة هذه الدعاية، مشيراً إلى أن كشف الحقائق والمعلومات هذه "جهد عظيم" لسبب بسيط، هو أن " الدعاية التي تقوم بها موسكو في تزوير الحقائق تسببت في خسارة المناطق وآلاف الأرواح، فقبل درعا لعبت الدعاية الروسية في خسارة كثير من المناطق".

شيطنة السوريين السلميين

من جهته، أوضح المحامي (أنور البني) ورئيس المركز السوري للدراسات القانونية، أن الكذب ليس جريمة روسيا الكبرى، فيما يتعلق بالملف السوري، فهو "أهونها" فقد ارتكبت روسيا أفظع الجرائم، ومنعت وصول الملف السوري إلى محكمة الجنايات الدولية، كما أوقفت اللجنة الدولية المختصة في التحقيقات بجرائم الكيماوي التي ارتكبها نظام الأسد.

وبيّن (البني) أن الهدف من الحملة الإعلامية الروسية، هو "شيطنة النشطاء السلميين وجعلهم إرهابيين"، فروسيا حتى المفاوضين وصفتهم بـ"الإرهابيين" وهذه سياسة ممنهجة كما سياسة نظام الأسد.

لماذا "الخوذ البيضاء"؟

وحول الهدف من الحرب على "الخوذ البيضاء" فقد أكد المحامي والناشط في مجال حقوق الإنسان، أنهم (أي الخوذ البيضاء) يمثلون شهود العيان على جرائم النظام وروسيا، وأنهم أبطال الإنسانية، لأنهم كانوا الشاهد والكاشف لكل الجرائم، إن كان بالنسبة للكيماوي أو البراميل المتفجرة والاستهداف الممنهج لكل البنى التحتية، وهم القادرين على الإثبات للعالم تورط هؤلاء المجرمين بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.

كما أصبح دور "الخوذ البيضاء" كشاهد هو دور محوري لمحاكمة روسيا والنظام، وفقاً للبني، ولهذا منذ سنة أو أكثر يكثف الروس والنظام جهودهما في محاربة هذه الجهة وشيطنتها، لا سيما أنها تمتلك البراهين والأدلة.

وأشار (البني) إلى أن روسيا جربت هذه الأدوات في الانتخابات الأمريكية من خلال بث آلاف الأخبار المزيفة والبروبوغاند الإعلامية، وأما  بالنسبة للوضع السوري فتكمن الخطورة بأنها تتركز في تغييب محاسبة النظام، من خلال استغلال تحدث العالم عن الحل السياسي دون التحدث عن محاسبة المجرمين، فروسيا تريد تعويم مبدأ يقول أن معظم الجرائم التي ارتكبها النظام ارتكبها مختلف أطراف الصراع في سوريا؛ لكن الكيماوي يختص بالنظام وحده، وبالتالي تبقى المحاسبة تهم العالم جميعاً حيث يختص فيها المجرم الوحيد وهو نظام الأسد.

هل يسقط الاتهام الروسي جميع الأطراف محاسبة النظام بالتقادم؟

ويؤكد المحامي السوري بالقول: "لا يمكن أن تُسقط هذه الجرائم ضد الإنسانية بالتقادم، ولكن المشكلة هو أن تنخرط المعارضة في المفاوضات، دون أن تضمن محاسبة هؤلاء المجرمين، وبالتالي فالمشكلة ليست في الأدلة؛ بل في إيجاد الجهة القضائية التي يمكن أن تحاسب هؤلاء، وما زلنا أمام خذلان الجميع، فلم تقم أي دولة بتقديم اقتراح لمحاكمة هؤلاء أو إقامة محكمة مستقلة بالملف السوري".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات