من قوسايا إلى الزبداني.. دويلة طائفية جديدة تعرف إليها (فيديو)

من قوسايا إلى الزبداني.. دويلة طائفية جديدة تعرف إليها (فيديو)
تناولت منصة "تيلي أورينت" في تقرير لها حكاية استغلال ميليشيا "حزب الله" اللبناني لجماعة "أحمد جبريل" الفلسطينية من جهة، ولسير الأحداث السياسية بعد الثورة السورية من جهة أخرى، من أجل إنشاء دويلته الطائفية في المنطقة الحدودية بين سوريا ولبنان.

كما يسلّط التقرير الضوء على الكيفية التي سعى نظام أسد من خلالها لتأمين خاصرته الرخوة على الحدود اللبنانية بأي ثمن، متبوعةً بما سُمي بـ "سياسة النأي بالنفس" المعلنة من الطرف الرسمي اللبناني، والتي أسهمت في خلق ميليشياتٍ حليفة للمنظومة الأسدية - الفارسية على جانبي الحدود، تبني المنشآت والأنفاق وتهجر السكان وتهدم المدن.

ميليشيات أنشأت -أو تكاد- دويلات غيرّت التركيبة الديموغرافية في تلك المنطقة، ربما إلى الأبد.

دويلة أحمد جبريل

تنشط جماعة جبريل بشكل أساسي في منطقة قوسايا وضواحيها في منطقة البقاع على الحدود اللبنانية السورية، ضمن منطقة جبلية وعرة تتداخل فيها الحدود بين لبنان وسوريا بشكل معقّد.

وترتبط الجماعة بعلاقة مباشرة مع المخابرات العسكرية السورية وتتحرك بأوامرها، ولا يقتصر نشاطها على المنطقة الحدودية بين سوريا ولبنان؛ بل يمتد ليطال عمق الأراضي في البلدين.

في الأيام الأولى من عمر الثورة السورية، شكلت ميليشيات جبريل اليد الضاربة لنظام أسد في قمع المظاهرات السلمية وإطلاق الرصاص الحيّ على المتظاهرين، فقتلت المئات منهم.

كما أُسند لاحقاً لجبريل تشكيل ميليشيات داعمة لنظام أسد، شكّل اللصوص وأصحاب السوابق -الذين خرجوا من السجون بعفو رئاسي - قوامها الأساسي.

واتخذت هذه الميليشات من أكبر مخيمات الفلسطينيين في سوريا (مخيّم اليرموك) منطلقاً لعملياتها، حيث بدأت بإطلاق الرصاص من أطراف المخيم على المناطق المجاورة له، التي يقطنها مواطنون سوريون.

كما نفّذت عمليات اعتقال وخطف وتصفية لشُبّان فلسطينيين رفضوا الانصياع لأوامر جبريل في مساندة النظام السوري.

ووفرت ميليشيات جبريل الغطاء لميليشيا "حزب الله" للقيام بأعمال السرقة وترويج المخدرات وانتزاع ملكية العقارات من أصحابها بالقوة، خاصة في المناطق السورية المقابلة للحدود اللبنانية.

كل ذلك كان يجري ترتيبه في معسكر "الخالصة" داخل مخيم اليرموك، ومعسكرات أخرى كعين الصاحب والريحانية، بإشرافٍ كامل من أحمد جبريل وابنه خالد -الملقّب بـ "أبو العمرين"- المسؤول العسكري والأمني في الجبهة الشعبية، وصاحب العلاقة الوطيدة بقادة مخابرات أسد وميليشيا "حزب الله".

معسكرات ميليشيا أحمد جبريل داخل الأراضي اللبنانية

تنتشر معسكرات ميليشيا "الجبهة الشعبية  لتحرير فلسطين - القيادة العامة" في عدة مناطق لبنانية، معظمها في منطقة البقاع، حيث تتفاوت نوعية التسليح وأعداد العناصر ونوعية تدريبهم بين معسكر وآخر؛ باستثناء معسكر قوسايا، أكبر وأهم معسكرات ميليشيا "الجبهة الشعبية" في لبنان، باحتوائه أسلحة ثقيلة تتنوّع بين المدافع وراجمات الصواريخ والدبابات، وهو عبارة عن شبكة معقّدة من الأنفاق مرتبطة بأنفاق أخرى تصل الأراضي اللبنانية بالسورية.

وبعيداً عن منطقة الحدود باتجاه بيروت، تمتلك ميليشيا جبريل معسكراً استراتيجياً في منطقة "الناعمة" مطلٌّ على مطار بيروت وعلى الطريق الواصل بين العاصمة ومحافظة الشوف جنوبيها، حيث يتمركز في هذا الموقع عشرات من عناصر النخبة ممن شاركوا في تدريب عناصرَ تابعين لميلشيا "حزب الله" في وقت سابق.  

ميليشيات جبريل والثورة السورية

مع بداية الثورة السورية، بدأت الانشقاقات تنهش بنية ميليشيات أحمد جبريل، لاسيما في مخيم اليرموك، إذ انشق أكثر من مسؤول وأكثر من مجموعة، ودخلوا صراعأ مسلحاً ضد جماعة أحمد جبريل، فقُتل بعضهم خلال الموجهات، فيما قضى البعض الآخر تحت التعذيب في معسكرات الميليشيا داخل الأراضي اللبنانية بعد اعتقالهم في سوريا.

وتزايدت الانشقاقات داخل ميليشيا جبريل، فما كان منه إلا أن توجّه نحو رفع التنسيق مع مليشيا "حزب الله" بمباركة نظام أسد الذي كان يخسر الأراضي تباعاً تحت ضربات الجيش الحر.

وعند هذه النقطة بالتحديد، امتلك "حزب الله" مفاتيح السيطرة على ميليشيا جبريل، عن طريق خلق تيارات تدين بالولاء المطلق له داخل الميليشيا، تيارات وضعت البنية التحتية التابعة للجبهة الشعبية من أنفاق وطرق برية بشكل كامل تحت تصرّف الحزب، حيث شكلت هذ البنية حجر الأساس للحزب للتوجه نحو عمق الأراضي السورية، فسيطر على مدينة القصير والمناطق المحيطة بها.

ثم جاء اتفاق المدن الأربع برعاية إقليمية - دولية، طوى صفحة مقاومة شرسة أبداها مقاتلو الجيش الحر للحفاظ على مناطقهم. 

وسقطت مضايا والزبداني مقابل خروج عناصر ميليشيا "حزب الله" مع عائلاتهم من بلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين بريف إدلب.

ففتح بذلك اتفاق المدن الأربع الأبواب على مصراعيها أمام التغيير الديموغرافي ذي الأسس الطائفية في سوريا.

دويلة "حزب الله" الشيعية .. كابوس يرى النور 

بعد سيطرة ميليشيا "حزب الله" على البنية التحتية "للجبهة الشعبية" شرق لبنان، واحتلاله لمساحات واسعة داخل الأراضي السورية المحاذية، بات واضحاً أن هدف "حزب الله" إنشاء دويلته الشيعية التي تعبُر منطقة البقاع اللبنانية بإتجاه القصير شمالاَ والقلمون فرنكوس وصولاً إلى الزبداني ومضايا في الجنوب، فيؤمن الحزب بذلك خط إمداده الرئيسي من دمشق. 

ولتطبيق ذلك كانت سياسة التغيير الديموغرافي عن طريق هدم المنازل وتحويل مجاري المياه. يضاف إليها تغيير ملامح المدن بشكل يصعِّب على أهلها تمييز أملاكهم فيها، ناهيك عن حرق الأراضي الزراعية لاسيما مزارع التفاح الذي تشكّل زارعته المردود الاقتصادي الأهم للفلاحين.  

وليس هذا وحسب، حتى أسماء المناطق طالتها سياسة التغيير، فمدينة الزبداني على سبيل المثال بات اسمها "مدينة النور" أما سهلها الذي تكنّى تاريخياً باسمها والذي قطّع الحزب أوصاله بالسواتر الترابية فبات اسمه "سهل الربيع".

وهكذا استغل "حزب الله" جملة العوامل المحلية والإقليمية التي مكنته حتى الآن من رسم الملامح الأولية لدويلته الطائفية، فاستغل هشاشة مؤسسات الدولية اللبنانية التي اكتفت بمشاهدته يتوسع شرقاً، واستثمر إلتقاءه السياسي والطائفي مع نظام أسد الذي لا يجد ضيراً من التحالف مع أي طرف يضمن استمرار حكمه.

وساعده في ذلك، تواطؤ إقليمي وآخر دولي ممثل بالأمم المتحدة، عن طريق تنسيق اتفاقياتٍ حملت في ظاهرها شعارات حماية الأبرياء وفك الحصار عن المدنيين، لكنها في الجوهر، كانت نواةً صلبة لمشروع التغيير الديموغرافي في سوريا.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات