كيف سيمنح نظام الأسد السلطة لإيران من بوابة وزارة الأوقاف؟

كيف سيمنح نظام الأسد السلطة لإيران من بوابة وزارة الأوقاف؟
يثير "المرسوم رقم 16" المقرر التصويت عليه من قبل أعضاء مجلس الشعب لدى نظام الأسد، جدلاً واسعاً وموجة من النقاشات الحادة بين رافض ومؤيد، لا سيما أن التسريبات الأولية تؤكد أنه يتضمن توسيع صلاحيات "وزارة أوقاف" أسد وتشكيل ما يسمى بـ"المجلس العلمي الفقهي الأعلى" إضافة إلى "مجلس الأوقاف الأعلى" و"الفريق الديني الشبابي".

وإذا ما تم إقرار المرسوم بعد أن يعرض على مجلس الشعب للتصويت، فإنه سيتم حظر أي نشاط ديني لا توافق عليه وزارة الأوقاف، كما ستتوسع صلاحيات وزارة الأوقاف وممتلكاتها في سوريا.

ولعله من أبرز النقاط المثيرة للجدل "أن وزير الأوقاف يمكنه تعيين أي شخص بمنصب ديني حتى لو لم يحمل الجنسية السورية" الأمر الذي قد يفتح الأبواب أمام توظيف شخصيات دينية شيعية ضمن مناصب دينية بسوريا.

وبدأت موجة الانتقادات تطال مشروع المرسوم، بعد أن هاجمه عضو في مجلس الشعب، معتبراً إياه أنه مخالف للمبدأ الأول في "الدستور" الذي يتحدث عن "حقوق وواجبات متساوية للمواطنين" كما دعا موالون لنظام أسد إلى تنظيم وقفات احتجاجية أمام مجلس الشعب من أجل المطالبة بعدم إقرار المرسوم.

نصوص تثير الشكوك

ورد في "المرسوم" الذي يتألف من 115 مادة عدة مواد أثارت الانتقادات والشكوك لدى السوريين، خاصة أنها تدعم تحويل نظام الحكم في سوريا إلى "نظام إسلامي" وتمهد الطريق أمام إيران للتمدد الشيعي، وفقاً لمتابعين.

ومن هذه البنود، ما جاء في المادة رقم 2 من المرسوم، والتي تعطي السلطة لوزارة الأوقاف من أجل وضع ضوابط العمل الديني والرقابة وتوجيه الفكر الديني.

وفي ذات المادة، أعطي "المجلس العلمي الفقهي الأعلى" الذي سيتم تأسيسه بناء على ما ورد في المرسوم، السلطة في محاربة ما يسمى بـ"الفكر التكفيري المتطرف مثل الوهابية وتنظيم الإخوان المسلمين والحركات والتنظيمات المتطرفة الأخرى".

كما تضمن المرسوم تأسيس "فريق ديني شبابي" ضمن وزارة الأوقاف، من أجل تأهيل الشباب ليصبحوا أئمة وخطباء، إضافة إلى إحداث معاهد ومدارس شرعية إضافية في سوريا.

وبناء على المرسوم، بات وزير أوقاف أسد أعلى سلطة من المفتي العام، الذي تحددت صلاحياته، وبات عضواً فيما يسمى "المجلس العلمي الفقهي الأعلى" الذي سيرأسه الوزير، حيث يسمي "المفتي العام" بناءاً على اقتراح من وزير الأوقاف لمدة ثلاث سنوات قابلة للتمديد بمرسوم.

أيضاً، من أبرز النقاط التي ذكرت في المرسوم، هي استثناء شرط الجنسية السورية من قبل الوزير عند تكليف أحد الأشخاص بعمل ديني.

وتم تقييد النشاطات الدينية للأئمة والشيوخ في سوريا عبر عدة بنود وردت في المرسوم، من أهمها "عدم مغادرة الأراضي السورية قبل الحصول على موافقة من وزير الأوقاف أو من يفوضه".

وينظر متابعون إلى المرسوم على أنه الأرضية التي ستجعل من رجال إيران أصحاب مناصب دينية في سوريا، وأنه مقابل يدفعه النظام لما قدمته إيران له منذ بدء تدخلها في سوريا بحجة محاربة التطرف وإجراء إصلاح ديني.

ويقول مصدر مطلع لأورينت نت: "يبدو أن نظام الأسد يسير نهجاً قريباً من مبدأ ولاية الفقيه في إيران، اعتماداً على البنود المذكورة في المرسوم 16، ليعتبر المرسوم استكمالاً للامتيازات التي منحت لإيران في سوريا".

ويضيف المصدر، إن "المرسوم 10 الذي أحدث ضجة منذ فترة وحالياً المرسوم 16، داعمان بشكل رئيسي للاحتلال الإيراني بسوريا، خاصة أن هذا الاحتلال اشترى عقارات بالجملة في سوريا وأرسل مئات العائلات لإعادة توطينهم في سوريا".

ولا يعتبر الأمر حديث العهد، حيث أكد وزير الأوقاف لدى النظام (محمد عبد الستار السيد) في لقاء تلفزيوني (الاثنين) الفائت، أن "مشروع المرسوم يجري العمل عليه منذ سنوات".

توطين الشيعة

ومع ازدياد مظاهر التشيع في سوريا ودعم حكومة الأسد رحلات الحج المسيرة من إيران إلى سوريا بحجة زيارة أضرحة ومراقد معينة، يستمر النظام في منح الجنسية السورية للمرتزقة إيران وخاصة ممن قاتل في سوريا إلى جانبه.

وكانت صحيفة النهار اللبنانية كشفت في أيار الماضي، تجنيس نظام الأسد نحو مليوني شخص "شيعي" قدموا من إيران ولبنان وشارك الآلاف منهم في المعارك إلى جانب ميليشيا الأسد، حيث نوهت الصحيفة إلى أنه "لا يقتصر الأمر على منح هؤلاء بطاقات الهوية السورية، بل تعداه لتسهيل إقامتهم في المناطق التي خلت من السكان الأصليين مثل غوطة دمشق وريفها وحمص وحماة وحلب".

وفي بداية العام الحالي، أكدت وسائل إعلامية محلية، حصول أكثر من 200 ألف مرتزق من إيران على جوازات سفر صادرة عن دائرة الهجرة والجوازات في مدينة دمشق.

كما حصل العديد من رجالات النظام الإيراني على الجنسية السورية، محاولين تفادي العقوبات الأمريكية المفروضة عليهم.

ويقول (عمار) وهو أحد المواطنين من حلب: "نلاحظ ازدياد في نشاطات الشيعة، هذا الأمر لم يكن من قبل يحصل في المدينة، كما أن نسبة الطلاب الذين يتعلمون اللغة الفارسية بازدياد" ويتابع "مؤخراً تم ترميم عدة مقامات في حلب بتمويل من هيئة مزارات آل البيت الممولة من إيران، ومنها ترميم مقام الشيخ أبي عبد الله بن حمدان الخصيبي المعروف بالشيخ يبرق في ثكنة هنانو، كما أن شيوخ من الطائفة الشيعية أعدوا حملات تستهدف تشييع الأطفال مؤخراً".

تأسيس نظام جديد

وعدا عن التمدد الإيراني المتمثل بتجنيس إيرانيين واستقرارهم في سوريا، استحوذت إيران على نقاط تابعة لها في عدة مناطق سورية، محولة إياها إلى قواعد عسكرية أبرزها تلك الواقعة في منطقة مطار دمشق الدولي والتي ترتكز فيها قيادة ميليشيا "الحرس الثوري" الإيراني.

وتستمر حالات التشييع في سوريا مدعومة بالأرضية المهيئة لإيران للتحكم بسوريا عبر نظام الأسد، ومن بين الأدوات التي استغلتها إيران بناء الحسينيات في مختلف المناطق بسوريا ودعم تعليم اللغة الفارسية للسوريين، لتصبح إحدى أهم عروض المعاهد الخاصة.

وتقول دراسات، إن نسبة التشيع الحاصلة فيما بين السنة الموجودين في سوريا تمثل نحو 2% من العدد الكلي، بينما معرضة هذه النسبة للازدياد بالمستقبل القريب في حال استمرار توسع التمدد الإيراني في سوريا.

ومع تصدر المرسوم رقم 16 المشهد الإعلامي في سوريا، يبدو أنه يمضي نحو التنفيذ، في الوقت الذي يمضي فيه نظام الأسد نحو تكوين نظام حكم شبيه بالنظام الإيراني بناء على دعم مطلق من الأخير.

أيرز فقرات المرسوم 16

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات