ما تأثير انخفاض الليرة التركية على الشمال السوري؟

ما تأثير انخفاض الليرة التركية على الشمال السوري؟
تواصل الليرة التركية الانخفاض في الأيام القليلة الماضية مسجلةً أدنى مستوى لها منذ أكثر من عشر سنوات، وذلك بسبب ما تشهده العلاقات بين أنقرة وواشنطن من توتر على خلفية اعتقال القسّ الأمريكي (أندروا برانسون) وهذا الانخفاض لم يؤثّر فقط على الداخل التركي، وإنما بدأت ملامح تأثّيره تظهر في الشمال السوريّ، والذي تُعتبر فيه الليرة التركية إحدى أهم العملات الأجنبية المتداولة في المنطقة.

ولامس سعر الليرة التركية قرابة السبع ليرات مقابل الدولار الواحد في الشمال السوري ظهر (الجمعة)، بتراجعٍ وصل ما يُقارب 20% عن سعره قبل يوم واحد، ما أثّر سلباً على الأسواق السورية في المنطقة عموماً.

جمود الحركة التجارية

تداولات السوق التجارية في الشمال السوري تجري بالعملات الثلاث (الليرة السورية والليرة التركية والدولار الأمريكي)، ففي الوقت الذي انخفضت فيه القيمة الشرائية لليرة التركية، كان هناك تراجع طفيف بسعر الدولار الأمريكي مما جعل الحركة التجارية بالمنطقة تتراجع إلى أدنى مستوياتها.

وفي هذا السياق، يقول مدير مكتب العلاقات العامة في نقابة الاقتصاديين الحرّة (حيان حبابة) لأورينت نت "رغم أن غالب الحركة التجارية في الشمال السوري المحرّر تتم عبر العملتين (الدولار والليرة السورية) إلا أن التعاملات التجارية في الشمال ستُصاب بالركود وبالتالي ستنخفض الإيرادات، بسبب امتناع التجار عن البيع من تركيا إلى الشمال السوري، وذلك على المدى القصير؛ إلا إذا تمّ رفع سعر المواد أو تسعيرها بالدولار الأمريكي".

كذلك يؤكّد جمود الحركة التجارية في الشمال، التاجر (حسان الشيخ) وهو صاحب أحد محلات توزيع المنتجات الغذائية التركية في الشمال السوري، خلال حديثه لأورينت نت قائلاً: "منذ بضعة شهور وحتى اللحظة بدأت العملة التركية بالتراجع حتى وصلت للانخفاض السريع مؤخراً، ولكن توقّعنا أنه بقرب حلول عيد الأضحى المبارك ستكون الحركة الشرائية مرتفعة جداً، ولكن حصل عكس ذلك، فهناك محلات تجارية أغلقت أبوابها أمام المواطنين، بسبب حالات التذبذب في سعر المواد المرهونة بسعر الليرة التركية، والتي سببت خسائر فادحة للتجار وبالتالي على المواطنين، لأنه سيتم رفع تسعيرة هذه المواد لتعويض خسائر البضائع المشتراة بالليرة التركية".

مقاومة هشة

في الأشهر الأخيرة قامت الحكومة المؤقتة بتسليم رواتب الموظفين في الشمال السوري التابعين لها (الشرطة الحرة والجيش الحر) بالليرة التركية بدلاً من الدولار الأمريكي، دعماً منها لليرة التركية وللحصول على العملة الصعبة من المنح الدولية المقدمة للشمال عبر تركيا.

ويقول الناشط (محمد فراس مولى) لأورينت نت "أجبرت تركيا معظم المانحين الدوليين على تحويل أموالهم المقدمة كمشاريع دعم للشمال السوري من العملة الصعبة كالدولار واليورو إلى الليرة التركية، إضافة للرواتب بالليرة التركية التي تدفعها تركيا لأكثر من 50 ألف موظف سوري في الشمال من بينهم عناصر الجيش الحر والشرطة الحرة شمال حلب، والعديد من عناصر القوات التركية، كل ذلك يجعل من الشمال السوري تركيا مصغّرة تتأثر بإيجابيات وسلبيات الوضع الاقتصادي في تركيا".

ويُشير (مولى) إلى أن "عملية تتريك" الحركة الاقتصادي - على حد وصفه - في الشمال السوري، أثبتت هشاشتها لعدم قدرتها على مقاومة الأزمات الاقتصادية، رغم كل النداءات الشعبية لدعمها، مؤكداً أن "بعض المجالس المحلية في الشمال السوري دعت لدعم الليرة التركية والتداول بها حصرياً، كما عملت تركيا على زيادة التداولات المالية لليرة التركية في الشمال، ولكن يبدو أن خطوة تتريك الشمال السوري هشّة جداً لعدم قدرتها على مواجهة الأزمات الاقتصادية وربما العسكرية".

مصير إدلب المجهول

في الوقت الذي تواصل الليرة التركية انخفاضها لأدنى مستوياتها، تشهد محافظة إدلب عودة التصعيد العسكري من قبل ميليشيا أسد الطائفية، ما جعل البعض يربط قوة تركيا اقتصادياً بمصير محافظة إدلب أمنياً وسياسياً.

حيث يرى الاقتصادي (حيان حبابة) أن الوضع الاقتصادي والمالي لتركيا ينعكس على الوضع في إدلب، موضحاً بحديثه لأورينت نت بالقول: "في ظل الحرب الاقتصادية التي تتم الآن على تركيا من قبل عدة دول على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، أعتقد أنها وسيلة ضغط على تركيا لثنيها عن دعم معركة تحديد مصير محافظة إدلب والتي ستكلفها عدة مليارات في حال حدوثها، أو لإضعاف دورها كضامنٍ سياسيّ للمحافظة، فكلما كنت قوياً اقتصادياً كانت قراراتك أكثر قوة وصلابة" حسب كلام (حبابة).

جدير بالذكر، أن انخفاض الليرة التركية يعود لعدة أسباب منها داخلية كالاختلاف على سعر الفائدة بين الحكومة التركية والبنك المركزي التركي، وأخرى خارجية كالخلاف الأمريكي التركي حول اعتقال القسّ الأمريكي، وفرض "ترامب" بعض الرسوم الجمركية على تركيا.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات