هل خطط "داعش" ونظام الأسد للهجوم على السويداء؟

هل خطط "داعش" ونظام الأسد للهجوم على السويداء؟
تداولت صفحات موالية لنظام الأسد وميليشياته الطائفية ما سمته "تسريبات" عن مفاوضات يجريها النظام مع تنظيم "داعش" في حوض اليرموك بريف درعا الغربي، بغرض إخراج التنظيم من المنطقة التي تشهد معارك بين الطرفين، مقابل نساء اختطفهن التنظيم من قرى ريف السويداء الشرقي، خلال هجوم شنه (الأربعاء) الفائت أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين العزّل بينهم أطفال ونساء واختطاف أكثر من 10 نساء بينهن أطفال ومسنات.

ولم يأخذ التنظيم سوى ساعات لإعلان مسؤوليته عن الهجوم، الذي سبقه قبل يوم أو أيام قليلة سحب نظام الأسد عناصر ميليشياته من المنطقة بحجة زجهم في المعارك الدائرة بمنطقة "حوض اليرموك" غربي درعا، إضافة لسحب السلاح من القرى التي هاجمها "داعش" مما يشير بلا شك، وفقاً لأهالي المنطقة وناشطين من السويداء، إلى تورط نظام الأسد في التخطيط لهجوم التنظيم على المنطقة.

وعزز من هذه الرواية، بث التنظيم فيديو وصوراً لنساء اختطفهن من القرى التي تعرضت للهجوم، وإظهارهن بطريقة مغايرة لما هو معروف عن سلوك "داعش" في عرض شروطه والذي غالباً ما يلجأ إلى التهديد والوعيد "لإبداء جديته" كما يؤكد مختصون، فالفيديو أظهر الرهينة توجه نداءها لـ "بشار" و"كنانة حويجة" (عرّابة مصالحات نظام الأسد) ولم تأتِ على ذكر الروس، أو حتى "شيوخ الطائفة الدرزية" وهو ما لا يمكن أن يغفله "داعش" والذي غالباً ما يعرض "مطالبه أو شروطه" على لسان أحد عناصره وليس على لسان امرأة لما يؤمن به التنظيم من معتقدات حول "صوت ووجه المرأة ولباسها أيضاً".

هل خطط النظام للهجوم؟

بالعودة إلى إبرام اتفاق النظام والتنظيم في 20 نيسان الفائت، فقد أصر نظام الأسد على نقل 1220 عنصراً من تنظيم داعش إلى بادية السويداء وفقا لوكالة "سبوتينيك" الروسية، وكان قد نص الاتفاق المبدأي على خروج داعش إلى معاقله الرئيسية في ريف دير الزور، إلا أن النظام رفض الاتفاق والذي نص على خروج عدد من عناصر التنظيم لاستكشاف الطريق، ليتم نقلهم بتاريخ 22 أيار الفائت إلى منطقة الأشرفية والعورة على بعد أقل من 10 كيلو متر عن ريف السويداء الشمالي الشرقي، عبر منطقة بئر قصب، ثم إلى بلدة "الأصفر" شمال شرق السويداء، ومنها إلى قرية الساقية الخاضعة لسيطرة قوات النظام، ثم إلى منطقتي الأشرفية والعورة.

فيديو لنقل عناصر التنظيم إلى السويداء

داعش يوسع سيطرته

أشار أورينت نت في تقرير له بتاريخ 24 أيار الماضي (أي بعد يومين من نقل مئات من عناصر التنظيم) وفقاً لمصادر خاصة، أن "داعش" بدأ بتوسيع مناطق سيطرته في المنطقة، دون أي تحرك يذكر من ميليشيا أسد الطائفية، حيث أكدت المصادر حينها أن التنظيم بسط سيطرته على المنطقة الممتدة من تلال الصفا شرقاً حتى مدرسة العورة غرباً ومن منطقة الكراع جنوباً حتى تلول ثليوث ومحيط تل دكوة في الشمال الشرقي، موضحةً أن رقعة سيطرة التنظيم قد تجاوزت حدود السويداء الإدارية الى محافظة ريف دمشق.

ونوهت المصادر  إلى أن التنظيم قد يشن هجماته انطلاقاً من معاقله في المنطقة باتجاه محاور ثلاثة: الأول باتجاه البادية وصولاً لمنطقة السبع بيار بهدف تأمين طرق إمدادٍ لعناصر التنظيم في السويداء مع قواتهم الموجودة في محيط حميمة وقاعدتي التي تو والتي ثري.

الثاني هو محور سد الزلف والرحبة وصولاً للحدود الأردنية وهي منطقة وعرةٌ أيضاً ويخبرها عناصر التنظيم جيداً؛ أما المحور الثالث، يضم قرى شرق السويداء كأصفر والمشيرفة وعليا وغيرها من القرى التي كان يسيطر عليها التنظيم سابقاً والتي بات على مشارفها الآن.

اعترافات خطيرة

في الـ 25 من أيار أيضاً، ألقت الفصائل العاملة في ريف درعا الشرقي القبض على 20 عنصراً من تنظيم "داعش" عبر حاجز المليحة الشرقية، تسللوا من مناطق سيطرة ميليشيات أسد الطائفية في محافظة السويداء إلى ريف درعا، حيث اعترف عناصر "داعش" أن مجموعة أخرى تسللت قبل يوم بتسهيل من نظام الأسد بنفس الطريقة، وقبضت عليهم الفصائل في وقت لاحق، فيما يبدو أن تسهيل تهريبهم إلى منطقة "حوض اليرموك" أحد شروط اتفاف خروجهم مع النظام من جنوب دمشق.

وبعد يوم واحد، اعترف عنصران من التنظيم في فيديو بثته الفصائل أنه جرى تهريبهم عن طريق البدو في البادية السورية وشخص من الطائفة الدرزية (مهربين)، إلى  منطقة الحراك بريف رعا. وأكد أحدهم أن اسمه (نهاد ميرزا باهجه) من أصول تركية، موضحاً أنه خرج من مخيم اليرموك باتجاه شرق السويداء.

وحول العلاقة بين نظام الأسد وتنظيم "داعش" جنوب دمشق، أجاب أحد العناصر أنه "كان هناك حاجز بين التنظيم والميليشيات الطائفية كان يدخل لهم الطعام، وعن طريقه يتم بيع النحاس للنظام، ويدخل الذخيرة لداعش بالسيارات عن طريق شخص يدعى "إيهاب السلطي" وهو مسؤول المصالحة في منطقة العسالي بدمشق، وأن طائرة لنظام الأسد ألقت ذخيرة وأموالاً للتنظيم خلال الحصار. ولفت العنصر إلى أن جرحى داعش كان يتم علاجهم في مستشفى (المهايني) في قلب دمشق بتسهيل من نظام الأسد.

POirBO5g2Yg

اعترافات عناصر داعش

لماذا كنانة حويجة؟

أظهر الفيديو الذي بثه "داعش" أمس (السبت) إحدى النساء اللاتي اختطفهن من قرى ريف السويداء، ومع انتشار الفيديو على شبكات التواصل الاجتماعي للرهائن، شكك ناشطون بطريقة وأسلوب عرض الفيديو وإظهار الرهينة بهذا الشكل "لسرد مطالب التنظيم" لا سيما أن الرهينة وجهت نداءها لـ "بشار" و"كنانة حويجة" (عرّابة مصالحات نظام الأسد) ولم تذكر الروس، وهو ما لا يمكن أن يغفله "داعش" والذي غالباً ما يعرض "مطالبه أو شروطه" على لسان أحد عناصره وليس على لسان امرأة لما يؤمن به التنظيم من معتقدات حول "صوت ووجه المرأة ولباسها أيضاً".

وبالعودة مرة ثانية لاتفاق داعش الأسد في جنوبي دمشق، فقد أفاد موقع "Syrian Observer" الإخباري بتاريخ الـ 26 من أيار الفائت في تقرير له (ترجمه أورينت نت) أن مراسلة تلفزيون النظام (كنانة حويجة) قد حصلت على ملايين الدولارات بهدف تأمين خروج مقاتلي تنظيم "داعش" من مواقعهم جنوبي دمشق، بدون تفتيش مع ضمانة عدم تعرضهم لتغطية صحفية أثناء خروجهم.

ولم يحظ خروج عناصر "داعش" بأي تغطية صحفية على عكس ما حصل مع مقاتلي الفصائل في مناطق أخرى مثل الغوطة الشرقية وشمال حمص، والذي شهد خروجهم من مناطقهم تغطية من قبل التلفزيون ووسائل إعلام أخرى مؤيدة للنظام.

ويشير التقرير إلى أن (حويجة) هي ابنة اللواء (إبراهيم حويجة)، الرئيس السابق لجهاز المخابرات الجوية (واحد من أقوى الأجهزة الأمنية لدى النظام) وهو ما يشير إلى أن اتفاق "داعش الأسد" يحظى بمتابعة مبرميه ولم ينته بعد، لا سيما أن الرهينة التي خرجت في الفيديو ذكرت "كنانة حويجة" بالاسم دون غيرها، فيما يبدو أنها ضامنة للاتفاق ومشرفة على استمراريته.

كنانة حويجة (عرّابة مصالحات نظام الأسد)

لماذا السويداء؟

يشير تسلسل الأحداث القريب والمبني على مواقف جزء لا يستهان به من أبناء السويداء، رفض هؤلاء لا سيما "حركة رجال الكرامة" نعتهم بالإرهاب من قبل قوات الاحتلال الروسي، وردوا بالوصف ذاته بأنه "لا يحق لدولة محتلة راعية للإرهاب أن تصف الآخرين بالإرهابيين" وسبقته الحركة ببيان حذّرت فيه من المساس بأبناء السويداء، خصوصاً إلى أن أحصائيات تشير إلى أن ما بين 30 إلى 50 ألف من أبناء السويداء "متخلفين ومطلوبين" للاحتياط في صفوف ميليشيا أسد، إذ يرفض هؤلاء الانخراط في صفوف الأخيرة.

وكان أهالي المحافظة بدؤوا بحملة ضد شراء ممتلكات أبناء الجارة درعا "المعفّشة" على يد ميليشيات أسد والتجارة بها، بعد اقتحام المنطقة من قبل عناصر هذه الميليشيات، بل وصل الأمر بالمؤسسة الدينية في المحافظة لإصدار فتوى حرّمت تداول الممتلكات "المعفّشة" إضافة لتحريم الصلاة على من يشتريها أو يتاجر بها وعائلته، ويمنع دفنه في مقابر "الدروز" أيضاً.

وبحسب مراقبين وإعلاميين ومثقفين من أبناء المحافظة، فإن نظام الأسد وضع "داعش" إلى جانبهم وفقاً للاتفاق المبرم بينهما منذ عقد (اتفاق جنوب دمشق) وسهل هجومه قبل أيام من خلال سحب السلاح، ليخرج الطرفان باتفاق جديد سيُخرج محاصرو التنظيم من "حوض اليرموك" مقابل إطلاق سراح النساء المختطفات، وليظهر الأسد بمظهر الحامي للدروز والمبادر من خلال إطلاق سراح "أسرى التنظيم" من سجونه والمحاصرين غربي درعا، وبالتالي يعود كـ "دولة" "تعنى بشؤون رعاياها" على حد وصفهم.

ولكن بالمقابل، يكون قد مضى في اتفاقه مع "داعش" على حساب دماء أهل جبل العرب، وهو ما يفسر بحسب هؤلاء نقله إلى السويداء لا إلى دير الزور، كونه يعلم أكثر من غيره قدرتهم على الإجرام وتنفيذ مخططاته ببث الرعب وسفك دماء جميع السوريين دون تمييز بين طائفة وأخرى لما يخدم مصالحه.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات