ماذا يخفي الموقف العُماني المفاجىء تجاه نظام الأسد؟

ماذا يخفي الموقف العُماني المفاجىء تجاه نظام الأسد؟
تعود (سلطنة عمان) إلى واجهة المشهد السياسي من جديد، ولا سيما بما يتعلق بعلاقتها مع النظام؛ حيث كان موقف السلطنة طيلة سبعة أعوام من عمر الثورة السورية، يغرد خارج السرب العربي عموماً والخليجي على وجه الخصوص، محتفظاً بعلاقات جيدة مع النظام بل ومؤيداً له في كثير من الأحيان. 

لكن تأييد السلطنة للضربات الغربية على النظام في 14 من نيسان الجاري، يعد نقطة تحول هامة في هذه العلاقة، حيث أعلنت وزارة الخارجية العُمانية، أن السلطنة " تعرب عن تأييدها للأسباب التي أدت بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا للقيام بالإجراءات العسكرية ضد المنشآت العسكرية للنظام". 

تأييد مشروط

 

تصريح خارجية السلطنة يطرح عدة أسئلة حول الإفصاح عن موقفها، لاسيما أنه كان بإمكان عُمان الاستمرار بسياسة التخفي السياسي والنأي عن تصدير المواقف وإعلانها، وهذا ما يعرف عنها حيال مثل هذه الأحداث الهامة. 

وعن تبدل موقف عُمان من النظام وتفسير هذا الموقف الطارئ، قال الدكتور "مطلق المطيري" أستاذ الإعلام السياسي في جامعة الملك سعود السعودية، (لأورينت نت): "أعتقد أن موقف عُمان الخاص بالضربة العسكرية ينحصر بالأسباب وليس موقفا معارضا للنظام، والأسباب تتعلق بالأسلحة الكيماوية المحرمة واستخدامها ضد الشعب". 

وأضاف: "هذا يجعل السلطنة في موقف يحمل أكثر من تفسير، تؤيد الغرب وبنفس الوقت لا تعارض النظام كشرعية، ولكن معارضتها تتجه نحو الأسباب التي أدت إلى الضربة في حال ثبت استخدام النظام للأسلحة فهي مع الضربة ضد الأسباب، وإن لم يثبت استخدام الأسلحة الكيماوية فهي بنفس الوقت لم تعارض النظام". 

ويرى الدكتور المطيري أن "موقف السلطنة ليس استراتيجياً ومؤثراً على ما يربط السلطنة بنظام الأسد، وإنما آني ومرحلي، لا يمكن الاستناد عليه كنقطة تحول".

ردود متباينة

وتراوحت ردود الأفعال المعلقة على تصريح الخارجية العمانية الذي نُشر على صفحتها الرسمية على (تويتر) بين مؤيدٍ ومعارض من قبل العمانيين، حيث علق (خالد الهاجري) بالقول: "يوجد فرق بين الحيادية الإيجابية والسلبية، وكانت ومازالت سياسة السلطنة تنتهج الحيادية الإيجابية على مبادئ ثابتة، فلا يُمكن لأي شخص أو نظام أن يخرج عن المبادئ المتفق عليها مهما كانت أسبابه على استخدام السلاح الكيميائي، لهذا يجب على الجميع أفراد وحكومات رفض هذا الفعل". 

فيما قال أحد المعلقين ويدعى (هلال): "لن نخوّن من يعترض على بيان وزارة الخارجية التي تمثل سياسة السلطنة، ولن نخرجه من ملة الوطنية كما خونونا وأخرجونا عند زيارة وليد المعلم للسلطنة، وحتى يعلموا أن سياسة الدولة لا تمثل أفكارهم الضيقة عليهم أن يدركوا معنى السياسة". 

ورأى المهندس (أحمد السيباني) أن "البيان واضح وصريح ولا يعكس تأييد العمل العسكري ضد الشقيقة سوريا، حيث ذكر البيان أنه يؤيد الضربة العسكرية إن صحت الأسباب، خلاف ذلك هي لا تؤيد العمل العسكري، وحتى هذه اللحظة لم تعلن أي حكومة عربية ولا غربية صحة تلك الأسباب حتى الآن، ولن تعلن". وأضاف: "البيان دبلوماسي جداً ووضع السلطنة في مسافة واحدة مع جميع الأطراف منها سوريا وبريطانيا والولايات المتحدة". 

علاقات قائمة.. الوساطة ونقل الرسائل

ومنذ بداية الحراك السلمي ضد النظام، لم تصدر مسقط موقفاً واضحاً (مع أو ضد) النظام؛ حتى آب/ أغسطس من عام 2015، حين وصل وزير خارجية النظام (وليد المعلم) إلى سلطنة عمان بزيارة رسمية بدعوة من نظيره العماني قادماً حينها من إيران، والتي كانت تعتبر أول زيارة لمسؤول من النظام لعاصمة خليجية منذ بدأ الثورة. 

وتلك الزيارة أخذت طابع نقل الرسائل السرية إلى النظام، حين كانت مسقط تحاول آخذ دور الوساطة بين النظام ودول الخليج في ظل الحديث عن مبادرة إيرانية لحل الأزمة السورية في ذلك الوقت، مع العلم أن السلطنة تحتفظ بعلاقة جيدة مع إيران. وجرى الحديث في تلك الأثناء عن إمكانية إجراء لقاء بين وزراء خارجية (النظام، السعودية، إيران) في عمان، إلا أنه لم يتم، بسبب فشل المبادرة التي كانت روسيا ورائها بشكل أساسي. 

وقبل الضربة الغربية بأسبوعين فقط، كان (وليد المعلم) يسجل زيارته الثانية في السنوات السبع الأخيرة إلى مسقط، وتحديداً في 27 من شهر آذار/ مارس الماضي، ليفتتح المقر الجديد لسفارة النظام في مسقط، ويبحث – بحسب وكالة (سبوتنيك) الروسية- مع كبار المسؤولين العمانيين سبل تطوير وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وعددٍ من القضايا الإقليمية والدولية، وذلك بدعوة من وزير الشؤون الخارجية العماني (يوسف بن علوي). 

والتقى المعلم في زيارته (أسعد بن طارق آل سعيد) نائب رئيس الوزراء العماني والممثل الخاص للسلطان (قابوس بن سعيد)، وبحسب وكالة (سانا) فإن الأخير قال للمعلم: "إن سوريا على حق والحق ينتصر دائما". وذكرت (سانا) أيضاً، أن (آل سعيد) "هنأ سوريا على الانتصارات التي تحققت في مواجهة الإرهاب محملاً الوزير المعلم تحيات وتقدير صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد إلى الأسد". 

وفي نهاية 2017 وقعت سلطنة عمان مع النظام مذكرة تفاهمٍ على شكل اتفاق، لتوسيع آفاق التعاون المشترك بين البلدين في مجالات النفط والغاز، وذلك في زيارة لوزير النفط والثورة المعدنية للنظام إلى مسقط؛ إضافة إلى إقامة سفارة عمان في دمشق لاحتفال ضخم في أحد فنادق العاصمة السورية، بمناسبة عيدها الوطني لعام 2016 وحضر الحفل شخصيات هامة من النظام والسلطنة.  

كل ذلك اعتبر تمرداً في المواقف من قبل السلطنة على محيطها؛ لكن اليوم يبدو أن الخروج عن عزلتها بتصدير المواقف والعودة إلى السير -ولو الخجول- على الخط الخليجي والعربي فيما يخص العلاقة مع النظام، سيدفع باتجاه خسارة النظام آخر حليف على الصعيد الدبلوماسي في الخليج، إن لم تتبنَ السلطنة موقفاً آخر، وهذا ما ستبينه الأيام القادمة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات