اتهمها بـ"الخيانة" ووصفها بـ"داعش".. هل اقتربت المواجهة بين النظام وقسد؟

اتهمها بـ"الخيانة" ووصفها بـ"داعش".. هل اقتربت المواجهة بين النظام وقسد؟
مع قرب الانتهاء من معارك المواجهة مع تنظيم داعش، بصرف النظر عن إعلان انتهائها فعلياً، بحسب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أو اقترابها من النهاية (شهر شباط/ فبراير المقبل) بحسب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وفي ظل عدم "نضوج" التسوية السياسية في سوريا، بات نظام الأسد ومن ورائه إيران، بحاجة إلى ساحة جديدة لتفريغ "فائض القوة" المتمثل في عشرات الآلاف من عناصر الميليشيات التي مولتها طهران للقتال إلى جانب الأسد.  

يولي الأسد ومسؤولوه وجوههم شطر ميليشيا سوريا الديمقراطية التي لطالما تحالف معها في المناطق الخاضعة لسيطرتها في شمال شرق سوريا، لينقلب على الهدنة الضمنية معها، بتحريض إيراني- روسي مشترك، له أسبابه المختلفة.

دوافع موسكو وطهران

بالنسبة لطهران، التي كان جنرالها "المتوّج" على حساب دماء السوريين، قاسم سليماني، أول من أعلن الانتصار على داعش بعد السيطرة على البوكمال ودير الزور، فإن هناك حاجة لتبرير بقاء ميليشياتها في سوريا، بعد أن تورطت بإعلان النصر على داعش. يضاف إلى ذلك مخاوف طهران من الطموحات الكردية لميليشيا قسد في شمال شرق سوريا، واعتراضها على حلم "المشروع الكردي" الذي يهدد كيانها وينذر بإيقاد طموحات الأكراد في إيران.

أما موسكو، التي لم تعبأ بإعلان طهران النصر على داعش، فقررت على طريقتها الخاصة الإعلان عنه في قاعدة حميميم أثناء زيارة فلاديمير بوتين الخاطفة، فترى في استمرار المظلة الأمريكية لميليشيا قسد تهديداً مباشراً لمصالحها ونفوذها في سوريا، بعد أن شرعت في عملية "تطويع" موارد سوريا وثرواتها وتجييرها لصالحها، إثر زيارة نائب رئيس الوزراء الروسي، ديميتري روغوزين، إلى دمشق منتصف الأسبوع الجاري، لا سيما أن قسد تسيطر على حقول النفط والغاز شرق سوريا.

بالإضافة إلى ما تقدم، ترى روسيا في ميليشيا قسد وحليفها الأمريكي "عاملاً مزعجاً" لطموحاتها في فرض التسوية السياسية في سوريا، بسبب خروجها عن نطاق نفوذها، ورفض الأتراك إشراك ميليشيا قسد في مباحثات سوتشي العام المقبل.

استنفار كردي

تشير المعلومات إلى وجود استنفار أمني في مناطق سيطرة ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية" شرق سوريا، بعد اتهامها بـ"الخيانة" من قبل بشار الأسد واعتبار نائب وزير خارجيته، فيصل المقداد، هذه القوات مشابهة لـ"داعش"، في وقت بدأ النظام إعادة فتح قنوات مع قادة عشائر شرق سوريا لمواجهة محتملة مع الأكراد.

وكثفت (آسايش) وميليشيا "وحدات حماية الشعب" الكردي دورياتها في مدن منبج وتل أبيض ورأس العين والدرباسية والقامشلي والقحطانية والحسكة، وعززت نقاطها بعناصر إضافية خوفاً من تحرك أبناء العشائر العربية الذين يرفضون هيمنة الأكراد على مناطقهم بإشارة من النظام.

وقال مصدر في محافظة الحسكة لصحيفة الشرق الأوسط: "تصريح الأسد لم يصف الأكراد بالخيانة، بل وصف كل من يعمل تحت المظلة الأميركية بالخيانة، وهذا الأمر ينطبق على الأكراد والعرب والمسيحيين والتركمان باعتبارهم مشاركين في قوات سوريا الديمقراطية التي تعمل تحت المظلمة الأميركية". وأضاف: "رد فعل الأكراد على تصريحات الأسد كان قاسياً ولا يقل عن تصريحه فقد وصفوه بالخيانة".

واتهمت قسد في بيان الأسد بـ"الخيانة". وقالت: "الأسد وما تبقى من نظام حكمه، هم آخر من يحق لهم الحديث عن الخيانة وتجلياتها، بما أن هذا النظام هو المسؤول مباشرة عن فتح أبواب البلاد على مصراعيها أمام جحافل الإرهاب الأجنبي التي جاءت من كل أصقاع الأرض، كما أنه هو بالذات الذي أطلق كلَّ الإرهابيين من سجونه ليوغلوا في دماء السوريين بمختلف تشعباتهم". 

فيصل المقداد نائب وزير خارجية النظام رد على موقف الأكراد ووصف ميليشيا قسد بأنها "داعش جديد" في الشمال الشرقي من سوريا. وقال الأربعاء: "هناك داعش آخر قد يسمى قسد، ويحاول الأميركيون دعمها ضد إرادة الشعب السوري". وأضاف: "هي في خدمة أميركا وخدمة المخططات الغربية ضد شعب سوريا وضد الدولة السورية"، معتبراً أنه "من يعمل على تفتيت الدولة السورية، ويضع شروطاً على إعادة دمج المناطق السورية ببعضها ليس بسوري ولا يمكن الوثوق به".

النظام وقنوات الاتصال

باشر نظام الأسد منذ عدة أشهر  التواصل مع شيوخ عشائر العربية والتركمانية والكردية وغيرهم بعد اتخاذ الكثير منهم مواقف ضد النظام بسبب تصرفاته وخاصة في محافظات الحسكة ودير الزور والرقة والتي سيطر عليها تنظيم داعش، بحسب صحيفة الشرق الأوسط. 

تواصل النظام مع شيوخ العشائر لم يقتصر على الداخل، فقد أعاد النظام نواف البشير شيخ قبيلة البكارة، واحدة من أكبر العشائر العربية في شمال وشرق سوريا إلى دمشق، وأظهره بأنه داعم للنظام عبر مساندة فصيل لواء "محمد الباقر" المكون من أبناء البكارة ونشر صوراً له مع قادة الفصيل في مدينة دير الزور إلى جانب عصام زهر الدين الذي قتل منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. 

وقال أحد أبناء العشيرة: "إيران هي من أعادت الشيخ نواف البشير من تركيا، وهو يقيم في حي كفر سوسة بدمشق تحت حراسة إيرانية. ولم يسمح له لقاء أي مسؤولين سوري، بل هو شخص منبوذ بالنسبة لهم بل وقصة إعادته استغلت فقط إعلامياً فقط".

التحالف المشبوه

تحالف ميليشيا "الوحدات الكردية" مع النظام بني في البداية على مواجهة كل حراك شعبي في مناطق شرق سوريا، واعتبر عدد من مسؤولين النظام في تصريحات لهم أن "الوحدات الكردية هي جزء من القوى الوطنية". لكن هذا الوصف تلاشى بعد هجوم تنظيم داعش على الحسكة بتاريخ 25 يونيو/ حزيران 2015، حيث امتنعت "الوحدات" عن المشاركة لصد الهجوم على المدينة لأكثر من 20 يوماً. ووعد قائد الوحدات الكردية الملقب بـ"لوند حسكة" بأن يشارك في صد هجوم داعش بعد مقابلة محافظة الحسكة السابق محمد زعال العلي، ووعد أن "تكون الوحدات الكردية إلى جانب الجيش والقوات الرديفة له في صد الهجوم"، بحسب مصدر صحيفة الشرق الأوسط. 

وتابع: "بعد هجوم داعش كانت قيادة الوحدات تنتظر سقوط مدينة الحسكة بيد تنظيم داعش وتقوم باستعادتها من تنظيم داعش وبذلك تفرض سيطرتها عليها بحكم الأمر الواقع، إلا أن صمود الجيش والقوات التي قاتلت معه أضاع الفرصة منهم، ودخلوا لتثبيت نقاط كان الجيش استعادها وبسطوا سيطرتهم عليها".

وقال قائد إحدى الميليشيات التي تقاتل إلى جانب النظام: "مع تمادي عناصر الوحدات الكردية في التعرض لنقاط الجيش والقوى الأمنية والرديفة لهم كان لا بد من المواجهة مع القوات الكردية، وهذا ما حصل وتدخل سلاح الجو في قصف مقرات الوحدات والآسايش في مدينة الحسكة بداية شهر أغسطس/آب عام 2016، وعندها أدرك قادة الوحدات أن الحكومة السورية لن تسمح بسيطرتهم على محافظة الحسكة، وكل ما يقومون به هو تحت السيطرة بالنسبة للحكومة السورية".

يعول نظام الأسد في تواصله مع شيوخ العشائر ووجهاء مناطق شمال وشرق سوريا على العنصر العربي، الذي يشكل نحو 70% من ميليشيا قسد، بحسب تصريحات قياداتها التي تنظر إلى هؤلاء كـ"مرتزقة"، كما يقول الشيخ محمد الفارس شيخ عشيرة طي في سوريا. وأضاف: "الوحدات تنظر إلى عناصرها العرب كمرتزقة وهم وقود أي معركة يدخلها الأكراد". وتابع: "عندما يكون الأمر يتعلق بالوطن سيكون العرب وكل شرفاء محافظة الحسكة وكل سوريا يدا واحدة ضد أي مشروع انفصالي أو غيره".

ويبدو أن تطورات الاشتباك الإعلامي، وحاجة النظام وحلفائه (لأسباب مختلفة) لفتح معركة جديدة بانتظار نضوج التسوية السياسية، ترشح ميليشيا قسد لتكون "كبش فداء" المرحلة المقبلة من المواجهات العسكرية، وهو ما بات الطرفان (النظام وحلفاؤه من جهة، وقسد وواشنطن من جهة أخرى) يتحضران له ويستكملان الاستعدادات بشأنه!

التعليقات (2)

    احمد

    ·منذ 6 سنوات 4 أشهر
    اللهم اضرب الضالمين بالضالمين و اخرج منهم المسلمين سالمين .

    حسن

    ·منذ 6 سنوات 4 أشهر
    انا شخصيا لا اصدق النظام في شدة معاداة للكرد لسبب واحد انه لن يعيش بدون الكرد طويلا لا هو ولا طائفته...لان الكرد مركز التوازن المستقبلي في سورية...ولا يوجد تعايش بين العلوية والسنة..والثأرات لن تنتهي...والنظام يريد ان يوازي السنة بتحالفه مع الوحدات الكردية
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات