من أفغانستان إلى سوريا.. ملامح تكوين "جيش شيعي" في المنطقة

من أفغانستان إلى سوريا.. ملامح تكوين "جيش شيعي" في المنطقة
كشفت رسالة "النصر" على "خلافة" تنظيم الدولة في سوريا والعراق، التي بعثها قائد فيلق القدس الإيراني اللواء قاسم سليماني في 21 تشرين الثاني الماضي للمرشد علي خامنئي خطوة طهران القادمة، ولا سيما أن رد خامنئي على الرسالة حمل دعوة كافة ما تسمى قوات "المجاهدين" (مليشيات إيران في المنطقة) للحفاظ على استعدادها لمواجهة التحديات المستقبلية في المنطقة.

التعبئة الشيعية الدولية

وتناول تقرير لمعهد واشنطن أعده فرزين نديمي وهو محلل متخصص في الشؤون الأمنية والدفاعية المتعلقة بإيران ومنطقة الخليج ومقره في واشنطن، خطط طهران لاستثمار الميليشيات التي أنشأتها وتحويلها لقوة ضاربة في دولها ويشير نديمي إلى التصريحات الأخيرة لقائد "الحرس الثوري الإسلامي" اللواء محمد علي جعفري وغيره من القادة التي سلطت الضوء على ميليشيات "باسيج العالم الإسلامي" ("بسيج جهان اسلام") باعتبارها نموذجاً ناشئاً عن التعبئة الشيعية الدولية تحت قيادة سليماني، بينما أعرب رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري عن قناعته بأن هذا النموذج، إذا اقترن بالقدرات العسكرية الإيرانية الموسعة، قادرٌ على توحيد صفوف الدول الحليفة لتفادي معاودة ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية" لاسيما في أفغانستان وبعض مناطق باكستان، التي يتوقع القادة الإيرانيون أنها تشكل نقاط قد تنطلق منها نشاطات التنظيم في المستقبل.

إيران تستنسخ "باسيجات" في المنطقة

المحلل نديمي ارتكز في تحليله على تصريحات مماثلة من قائد كتيبة "فاتحين" العميد سيد محمود هاشمي، حول ما يشكله "الباسيج" من نموذج "للمقاومة" لدول المنطقة كحزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي، والحوثيين في اليمن، وكتيبة "فاتحين" هي (القوة الإيرانية الرئيسية المقاتلة في سوريا وتتألف من عناصر إيرانية حصراً) وهي وحدة خاصة شبه تطوعية من "الباسيج" وتتمثل المهمة الرئيسية الموكلة إليها بقتال المشاة.

تعميم نموذج "فاتحين" بأفغانستان وباكستان

ويغوص التقرير في تركيز القادة الإيرانيين اليوم على أفغانستان وباكستان باعتبارهما المرتع المقبل للجهاديين السنّة، فقد يقررون تعميم نموذج "فاتحين" من خلال السعي لإعطاء الكتائب الأفغانية والباكستانية الوكيلة لإيران (أي "لواء الفاطميون" الأفغاني و"لواء الزينبيون" الباكستاني) دوراً كـ"جبهة داخلية"، بعد انسحابها من سوريا والعودة إلى بلدانها الأصليةن وهنا تبدأ طهران باللعب على وتر شرعنة تلك الجبهات الداخلية عبر مطالبة أفغانستان بمنح "لواء الفاطميون"، صفة رسمية شبيهة بصفة قوات الحشد الشعبي في العراق، أو أن تعرض المساعدة على تشكيل منظمة شبه عسكرية جديدة تتلقى التدريب من إيرانن وخاصة أن الميليشيات المسلحة غالباً ما تصبح بموازاة الهيئات العسكرية والأمنية في الدولة أو حتى تحل محلها تدريجياً بفضل الدعم الخارجي، واستغلال افتقار بعض البلدان للقوات الوطنية القتالية العالية، مما يتيح لها زيادة شعبيتها من خلال تحقيق الانتصارات في ساحة المعركة ضد الجهات المعادية من غير الدول.

وفي هذا الإطار فإن لدى أفغانستان تاريخٌ حافل بالميليشيات الخاصة مثل ميليشيا عبد الرشيد دوستم، لكن أيّا منها لم يضاهِ "حزب الله" تنظيماً أو يحظَ بدعم مادي وتدريبي وإيديولوجي قوي من طهران. 

من هنا، إذا قررت إيران تقديم مثل هذا الدعم بعد انتهاء دورهم في سوريا، سيكون بوسع وكلائها الذين يتمتعون بحسن التدريب والتجهيز أن يكتسبوا نفوذاً كبيراً في أفغانستان على المدى الطويل بعد انسحاب قوات "الناتو".

شرعنة ميليشيات إيران بسوريا

وينتقل التقرير إلى الحالة السورية، مستنتجاً محاولة طهران ممارسة ضغوط على نظام الأسد لمنح "قوات الدفاع الوطني"(أنشأها الحرس الثوري في البلاد) صفة قانونية من قبل مجلس الشعب، وهذا ما طالب به على جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني في 23 تشرين الثاني الماضي.

وهنا يستشرف التقرير ما إذا تم إضفاء الصبغة الرسمية على "قوات الدفاع الوطني" وأصبحت المستفيد الرئيسي من المساعدات العسكرية الإيرانية إلى سوريا في مرحلة ما بعد الحرب، سيكون لطهران نفوذ كبير على كيفية استخدام دمشق لبعضٍ من قواتها المسلحة الأكثر قدرة. على سبيل المثال، يمكن لإيران أن تطالب سوريا بنشر وحدات "قوات الدفاع الوطني" بالقرب من مرتفعات الجولان من أجل تهديد إسرائيل، ومن الممكن أن يتعاظم هذا التهديد إذا ما تعاون هؤلاء مع "حزب الله" الذي أعرب عن استعداده للانسحاب من العراق وسوريا - ليستئنف بعد ذلك على الأرجح مواجهته مع إسرائيل.

قيام "جيش شيعي" في المنطقة

ويختم التقرير بنتيجة مفادها أن زخم التصريحات مؤخراً الصادرة عن الحرس الثوري الإيراني تشير إلى قيام جيش شيعي في المنطقة يوحي بمقدار هائل من الثقة الجيوسياسية. وفي حين أنه لا يزال من غير المعروف كيف ستُترجم هذه التصريحات إلى أفعال واقعية أو متى سيحدث ذلك، يجب أن تكون الولايات المتحدة مستعدة لكبح أي توسع للميليشيات الإيرانية في المنطقة. وهذا يعني في الوقت الراهن وضع «باسيج العالم الإسلامي» تحت الرقابة والتعامل مع الحلفاء في المنطقة حسب الضرورة للحد من أنشطة هذه القوات، بما في ذلك أنشطة التجنيد. فصحيح أن قوات «باسيج العالم الإسلامي» تعمل بإمرة إيرانية، ولكن تركيبتها أصبحت تضم جنسيات متعددة وبوتيرة متصاعدة. ولذلك، بوسع أي منظمة تابعة لها أن تدعم مصالح طهران المعادية لأمريكا في كل من أفغانستان وسوريا واليمن وغيرها من الدول ذات الأهمية الاستراتيجية، حتى من دون وجود كبير لإيران على الأرض.

التعليقات (1)

    ابو نضال

    ·منذ 6 سنوات 4 أشهر
    هل نسي هؤلاء *** انه لولا الغطاء الجوي الامريكي لما اخذوا شبرا من داعش
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات