عن الـ2000 ليرة سورية والدعوات المطالبة بمقاطعتها

عن الـ2000 ليرة سورية والدعوات المطالبة بمقاطعتها
أصدر مصرف سورية المركزي، مؤخراً، ورقة نقدية جديدة من فئة ألفي ليرة سورية، تحمل صورة بشار الأسد للمرة الأولى منذ توريثه السلطة في العام الفين، وبدأ التداول بها فوراً في المحافظات التي يسيطر عليها النظام، قابلها إصدار جهات رسمية سياسية واقتصادية معارضة، سلسلة بيانات تدعو من خلالها إلى مقاطعة الورقة النقدية "الوليدة"، وبل وتحذر من التعامل معها.

خرج حاكم المصرف المركزي "دريد ضرغام" يوم الأحد الماضي، خلال إصدار الورقة النقدية الجديدة ليروج بأن طرح فئة 2000 ليرة والتي تعادل حوالي أربعة دولارات بأسعار الصرف الحالية، قد طبعت قبل أعوام، لكن قرار طرحها للتداول تأخر نظراً لظروف الحرب وتقلبات سعر الصرف، وليشير إلى أن السنوات الماضية شهدت ارتفاعاً كبيراً بالأسعار، ما زاد من سرعة تداول النقود الورقية وتلفها، فتطلب الأمر طرح أوراق نقدية مختلفة.

كابوس التضخم

الصحفي السوري "عدنان عبد الرزاق" أكد لـ"أورينت نت" أن الاقتصاد السوري أمام المزيد من التضخم الحتمي، الذي سيلحق بسعر صرف الليرة، والتي خسرت نحو 1100 % من قيمتها السوقية، منذ عام 2011، حين كان الدولار نحو 50 ليرة، لتهبط إلى سعر ما يقارب 550 ليرة للدولار حالياً.

يشير عبد الرزاق إلى أن المنطق الاقتصادي يقول إن النقد يحدد سعره وفق مبدأ "العرض والطلب"، ولكن في سوريا هناك عرض كبير لورق النقد السوري وشح في الطلب، في حالة معاكسة للتعامل مع القطع الأجنبي.

ويشير الصحفي السوري إلى أن المعروض النقدي في سوريا قبل عام 2003، كان 665 مليار ليرة، وهي الكتلة المالية المتداولة في السوق السورية، في ذات العام أصدر بشار الأسد مرسوماً رئاسياً لطبع 10 مليار ليرة سورية نقد جديدة وطرها بالسوق، وقتها تم طبعها في روسيا، نتيجة امتناع دول الاتحاد الأوربي بسبب العقوبات على النظام، ليعود النظام نفسه قبل أيام و يطبع ما يوازي 10 مليار ليرة سورية، من فئتي الألفين والخمسمئة ليرة سورية، وبالتالي بلغ المعروض النقدي في سوريا 685 مليار ليرة، ضمن بلد توقفت فيه معظم العجلة الاقتصادية، نتيجة استمرار الحرب والعمليات العسكرية، وتراجع الانتاج في القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية والزراعية والسياحية، وكلها عوامل ستؤدي حتماً إلى تضخم في السوق السورية يدفع ثمنه المواطن، والذي يعيش أصلاً حالة معيشية سيئة، بسبب عدم وجود فرصة عمل وبلوغ نسبة البطالة 80 % إلى جانب ارتفاع نسبة الفقر 90%.

الحكومة المؤقتة تقاطع

جهات رسمية سياسية واقتصادية معارضة، أصدرت خلال اليومين الماضين، بيانات تطالب مقاطعة التعامل مع الورقة النقدية الجديدة من فئة ألفي ليرة سورية.

فقد نشر المكتب الإعلامي للحكومة السورية المؤقتة أمس الجمعة، بياناً جاء فيه: "بناء على النظام الأساسي للحكومة وعلى مقتضيات المصلحة العامة يمنع تداول العملة الورقية الجديدة"، دون تحديد آلية لمنع إدخال هذه الأوراق النقدية إلى المناطق المحررة، كما لم تقدم خططاً أو حلولاً بديلة.

و"هيئة الاقتصاديين الأحرار" تحذر

قبل بيان "الحكومة المؤقتة" الارتجالي بساعات، أصدرت "هيئة الاقتصاديين الأحرار للتنمية والتطوير" بياناً اعتبرت فيه أن "قبول التعامل بالفئة النقدية الجديدة سيؤكد سيطرة العصابة الحاكمة، وبسط نفوذها على كامل المناطق المحررة، من خلال التحكم بالاقتصاد وتسويق نفسها للخارج على حساب ضعف وتشتت الثورة".

 وأشار بيان الهيئة إلى أن طرح ورقة نقدية سيزيد من التضخم الاقتصادي الذي سيؤدي إلى حصول فوضى أسعار في المناطق المحررة، ما يزيد من معاناة الفقراء ويوسع الهوة بين طبقات المجتمع.

ورأى بيان الهيئة أن تداول العملة سيؤدي إلى سحب القطع الأجنبي من المناطق المحررة واستخدامه في تمويل الحرب على السوريين.

مجلس أخترين يتوعد

"المجلس المحلي في مدينة أخترين" بريف حلب الشمالي الشرقي، كان أول السباقين إلى الاعتراض على تداول الورقة النقدية الجديدة، حيث أصدر بدوره بياناً توعد من خلاله بمعاقبة حاملها، مهما بلغ عددها ومهما كان السبب، بالسجن عاماً كاملاً، إلى جانب مصادرة الأوراق النقدية أينما وجدت وإتلافها.

دعوات عاطفية استعراضية

الصحفي "عدنان عبد الرزاق" وصف دعوات مقاطعة الفئة النقدية الجديدة بـ" العاطفية والارتجالية والاستعراضية"، واضعاً تلك الدعوات ضمن سياق ردود الأفعال العفوية المباشرة، والتي لا تؤثر على نظام بشار الأسد، بل تنعكس على المواطن العادي في المناطق المحررة.

وأوضح "عبد الرزاق" أن النقد السوري الحالي ما يزال إلى اليوم معتمداً لدى جميع الدول، فالعملة السورية ليست محسوبة على آل الأسد وإن تصدرت صور الأب ووريثه عليها، مذكراً بأن الورقة النقدية من فئة ألف ليرة سورية، عليها صورة حافظ الأسد وما تزال متداولة في المناطق المحررة إلى الآن.

 

ماهي البدائل ؟

كما ذكّر بوجود عدد من الموظفين في المناطق المحررة من مدرسين ومحامين ومهندسين ومتقاعدين، يتقاضون رواتبهم من "الدولة السورية"، مطالباً في الوقت نفسه الجهات التي تدعو إلى مقاطعة الفئة النقدية الجديدة بإيجاد البدائل.

وأعرب "عبد الرزاق" في نهاية حديثه عن أسفه نتيجة صب الحكومة السورية المؤقتة اهتمامها على قضايا ثانوية، كالاعتراض على تداول الورقة النقدية الجديدة، بدلاً من التركيز على قضايا اقتصادية مصيرية، تحصن رأس مال السوريين وتحافظ على حقوقهم، ولا سيما في العجز عن متابعة ملف استعادة الأموال المنهوبة، أو فضح عمليات بيع مقدرات وموارد الدولة السورية الاقتصادية لروسية وإيران، والتي كان آخرها قبل أيام عندما بدأت شركة "ستروي ترانس غاز" الروسية، أعمال الصيانة لأكبر مناجم الفوسفات في سوريا (الشرقية وخنيفيس) الواقعة في ريف حمص، والتي تعد من أكبر مناجم الفوسفات في سوريا.

هذا ويرى خبراء في الاقتصاد أن إصدار نظام الأسد ورقة نقدية جديدة من فئة ألفي ليرة، سيرتب عليها خطوات اقتصادية متلاحقة، أهمها انخفاض سعر صرف الليرة، وارتفاع أسعار معظم السلع في السوق السورية، إلى جانب زيادة في الرواتب والأجور، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة المعروض النقدي من الليرة في الأسواق، وبالتالي زيادة التضخم النقدي، ونتيجة لذلك ستفقد الثقة بكل تأكيد بالعملة المحلية.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات