فشل ترمب في متابعة ضربة مطار الشعيرات يقوي شوكة الأسد

فشل ترمب في متابعة ضربة مطار الشعيرات يقوي شوكة الأسد
طيلة ست سنواتٍ استطاع نظام الأسد أن ينجو بانتهاكاته التي يرتكبها ضد الشعب السوري وأن يفلت من العقاب، ومنذ أن بدأ النظام باستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين الذين ثاروا ضد حكمه في عام 2011 أظهرت الولايات المتحدة وحلفاؤها بأنهم على استعدادٍ للوقوف في وجه النظام ولو خطابياً بإطلاقٍ إداناتٍ لفظيةٍ وفرض عقوباتٍ غير مجدية. واستمر هذا على حاله حتى تجاوزت جرائم النظام ضد الشعب السوري مرحلة القتل والاضطهاد وتحولت إلى عملية تطهير طائفي وقتل جماعي.

في السابع من نيسان عام 2017 بدا أن كل هذا قد تغير، حيث إن الضربة الأمريكية على قاعدة الشعيرات الجوية كانت أول مرةٍ منذ بداية الثورة السورية تقوم فيها قوةٌ خارجيةٌ بتحميل الأسد عاقبة أفعاله ضد الشعب السوري. فقد قضى السوريون ومن في صفهم سنواتٍ يدعون إلى إنشاء منطقة حظرٍ للطيران لإيقاف هجمات النظام ضد الأهداف المدنية. وعندما تدخلت روسيا لصالح الأسد، قام نشطاء بوضعِ عدةِ تصورات عن هذه الخطة واستبعدوا وجود أي احتمالٍ للتضارب بين روسيا والولايات المتحدة فوق السماء السورية. وبموجب خطة "المنطقة المحمية من القصف" هذه، كلما قامت طائرات النظام بقصف أهدافٍ مدنية تقوم دول التحالف الدولي الراغبة في حماية الشعب السوري بقصف مطارات نظام الأسد رداً على ذلك. وستقوم تلك الدول بمهاجمة أهداف للنظام حصراً لإقصاء أي احتمالٍ لحدوث صراعٍ مع روسيا.

عندما أقرّ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترمب الضربة على قاعدة النظام الجوية في الشعيرات وهي القاعدة الجوية ذاتها التي انطلقت منها الطائرات التي شنت هجمة السارين التي قتلت ما يزيد على 100 شخصٍ في خان شيخون، كان يطبق خطة المنطقة المحمية تلك بالحرف تقريباً على الرغم من أن احتمالية أن يكون هذا الأمر مقصوداً تكادُ تكون مستبعدةً تماماً. ولكن – ولو لهنيهاتٍ – بدا أن ضربة ترمب على مطار الشعيرات سيكون لها التأثير المطلوب في حماية أرواح المدنيين. ففي اليوم الذي تلا الضربة تناقل سكان إدلب أن طائرات النظام قد غادرت سماء إدلب. 

وصرّح وزير الخارجية الأمريكي جميس ماتيس بأن 20% من طائرات النظام قد دُمّرت. وكانت تصريحات التصريحات الصادرة عن الإدارة الأمريكية بعد الضربة تصريحاتٍ غير مسبوقةً، حيث قال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون بأن "حكم عائلة الأسد يقترب من النهاية"، كما وصف ترمب الأسد بأنه "حيوان" بادئاً بذلك وبطريق الصدفة وسمةً على تويتر أصبحت الأكثر رواجاً في العالم لعدة أيام.

في العاشر من نيسان ظهر السكرتير الصحفي للبيت الأبيض شون سبايسر ليلمح بأنه في حال استخدم النظام البراميل المتفجرة ضد أهدافٍ مدنيةٍ من جديد، فإنه سيواجه رداً من الولايات المتحدة، إلا أن الإدارة الأمريكية سارعت إلى توضيح تلك التصريحات قائلةً بأن حديث سبايسر كان يشير إلى الهجمات باستخدام الأسلحة الكيماوية وحسب.

ولكن بعد أقل من أسبوعين على ضربة مطار الشعيرات، يبدو كأن الضربة الأمريكية لم تحدث مطلقاً، فقد عادت الأمور إلى ما كانت عليه بالنسبة لنظام الأسد وحليفه الروسي، إذ تبين أن توقف القصف على محافظة إدلب لم يكن إلا مؤقتاً. ففي 13 نيسان قامت الطائرات الروسية بقصف بلدة جسر الشغور بالفوسفور والنابالم، في حين شن النظام حملةَ قصفٍ متبعاً سياسة الأرض المحروقة شمال مدينة حماة واستطاع السيطرة على بلدة صوران واستعادة ما غنمه الثوار خلال الشهر الماضي. كما شن النظام ورسيا قرابة 50 غارةٍ جوية في محافظةِ حماة منذ الأحد وهناك أنباءٌ بأن روسيا قد استخدمت نوعاً جديداً من القنابل في تلك الغارات. وفي 18 نيسان استخدمت الذخائر العنقودية ضد هدفين في إدلب. 

كما تستمر سياسة التهجير الإجباري للأهالي، واكتمل الآن اتفاق "المدن الأربعة" الطائفي. وفيه أُجبر السكان السنة في مضايا والزبداني على ترك مدنهم المحاصرة والانتقال إلى إدلب التي يسيطر عليها الثوار بينما جرى نقل السكان الشيعة من مدينتي كفريا والفوعة في محافظة إدلب إلى حلب التي هي تحت سيطرة النظام، على الرغم من حدوث تفجير الراشدين الذي أودى بحياة أكثر من 100 مدني من المدنيين الذين أخرجوا من كفريا والفوعة.

وردت أنباءٌ عن خطةٍ جديدة وضعتها إدارة ترمب الجديدة لسوريا ولكنها ضبابيةٌ جداً ويبدو بأنها لا تضيف إلا النزر اليسير إلى السياسة الأمريكية الحالية تجاه سوريا. إذ يبقى تركيز هذه الخطة على تنظيم الدولة أكثر من تركيزها على الأسد، كما أن إدارة ترمب كانت قد أبدت تعامياً كبيراً عن حياة المدنيين في حملتها ضد تنظيمي الدولة والقاعدة. وقد قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بأن التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا قد قتل في شهر فبراير عدداً أكبر من المدنيين يفوق عدد من قتلتهم روسيا. كما تتضمن خطة ترمب أيضاً إنشاء "مناطق استقرار مؤقتة" وهو تملصٌ من التزامه الأخير بإنشاء "مناطق آمنة"، ومن الواضح أن هذه المناطق ستُنشأ عبر تطبيق عمليات وقفٍ لإطلاق النار تجري بالتعاون مع نظام الأسد – وهي عمليات وقف إطلاق النار ذاتها التي خرقها نظام الأسد مرة ً تلو الأخرى.

إن إخفاق إدارة ترمب حتى الآن في متابعة هجمتها على القوى الجوية لنظام الأسد بأي شيءٍ عدا عن الألفاظ يدعّم وجهة النظر القائلة بأن الضربة التي استهدفت الأسد نُفذت حصراً لأغراضٍ شخصيةٍ ولم يكن لها علاقةُ بحماية المدنيين. بعدما تكشّف بخصوص التدخلات الروسية في الانتخابات الأمريكية تود إدارة ترمب أن تظهر بأنها تستطيع مجابهة روسيا، كما يبدو ترمب مهووساً بإظهار أنه أقوى وأقدر من كلٍ من باراك أوباما وهيلاري كلينتون. فعندما قام ترمب بمشاركة إحدى المقابلات مع قاسم عيد –وهو أحد الناجين من الهجمات الكيماوية على الغوطة – على صفحته على فيس بوك كان التعليق الذي استخدمه خالياً تماماً من ذكر سوريا، وكان يتعلق بــ "إفلاس" رواية الـ  CNN و"سخرية" عيد المزعومة من هيلاري كلينتون.

بعد أسبوعين من الهجمة على الشعيرات قويت شوكة كل من نظام الأسد وروسيا من جديد، ولكن ما أظهرته ضربة الشعيرات هو أنه بغض النظر عن دعم روسيا لنظام الأسد، لا زال باستطاعة المجتمع الدولي التحرك لحماية المدنيين السوريين وإضعاف نظام الأسد إن وجدت الإرداة لفعل ذلك. فإن أمكن استهداف مطار الشعيرات يمكن أيضاً استهداف المطارات الأخرى للنظام وإن حدث ذلك سيتوجب على نظام الأسد أن يوقف حملة القصف ضد الشعب السوري، إلا أن هذا بكليته يعتمد على رغبة إدارة ترمب في الاستمرار بعملٍ ذو معنى ضد الأسد ولكن الدلائل ليست مشجعة ًحتى الآن.

مادة مترجمة عن Orient Net English

ترجمة: محمد الكاتب

رابط المادة الأصلية هنا

التعليقات (1)

    سوري حر

    ·منذ 6 سنوات 10 أشهر
    ترامب وترام وترامايه ضرب الصحراء ولم يضرب الاهداف ولذلك هذا الشيء استثمار دعاية لترامب والاسد مع بعض سوية العب ياحبيبي واللعب على الشعب السوري بالقتل والتدمير وتشريد الشعب من ارضه لحساب الاسد وشبيحته الانجاس
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات