جريمة روسية جديدة
عضو وفد المعارضة للمفاوضات في جنيف "محمد صبرا" رفض الانخراط بمناقشة تفاصيل وبنود "الدستور الروسي" من الناحية الموضوعية وحتى القانونية، مشدداً على أن الدستور السوري لن يضعه سوى أبناء سوريا، كما كفلته بذلك القوانين والعهود والمواثيق الدولية.
وأضاف "صبرا" الذي كان المستشار القانوني للائتلاف الوطني المعارض في حديث لـ"أورينت نت" أنه "ليس من حق روسيا أو غيرها من الدول الاعتداء على الحق الأصيل للسوريين في تحديد نظامهم السياسي وشكل دولتهم وعقدهم الاجتماعي".
واعتبر "صبرا" أن ما تقوم به روسيا من محاولة إملاء دستور على السوريين هو جريمة إضافية، بعد جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبتها القوات الروسية بحق الشعب السوري.
انتداب روسي
وأشار "صبرا" إلى أن روسيا ساهمت بمساعدتها لنظام بشار الأسد بتحطيم حاضر السوريين وهي تحاول الآن مصادرة مستقبلهم، معتبراً سياسات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوريا تنتمي إلى "عصر الانتداب" الذي كان سائداً في ظل عصبة الأمم.
وأردف أن روسيا تفرض "دستورها" على سوريا، في محاولة لفرض انتداب من الدرجة الثالثة حسب المادة 21 من نظام عصبة الأمم، ناصحاً الإدارة الروسية بأن تنظر بواقعية إلى العالم المعاصر، مؤكداً أن زمن فرض الارادات الاستعمارية على الشعوب قد ولى.
رئيس إيراني أو أفغاني لسوريا
من جانبه، أشار الإعلامي السوري "فيصل القاسم" إلى روسيا اشترطت في "دستورها" الجديد لسوريا، أن لا يكون الرئيس السوري بالضرورة مسلماً، مذكراً بتصريح وزير الخارجية الروسي سيري لافروف الذي قال قبل سنوات إن "روسيا لن تسمح للسوريين السنة الاكثرية ان يحكموا سوريا".
"القاسم" وفي سلسلة منشورات له عبر صفحته الرسمية في موقع "فيس بوك" لفت إلى "الدستور الروسي" الذي أعتدته لسوريا لا ينص على أن يكون الرئيس السوري بالضرورة سوري الجنسية، كون بشار الأسد قال قبل أكثر من سنة: "إن سوريا ليس لمن يحمل جنسيتها بل لمن يدافع عنها"، مضيفاً بسخرية "توقعوا لسوريا رئيساً إيرانياً أو كورياً شمالياً أو أفغانياً أو عراقياً أو لبنانياً أو شيشانياً أو روسياً حسب نظرية ذيل الكلب مختار حي المهاجرين في دمشق".
واعتبر "القاسم" أن قيادة نظام الأسد بلا كرامة أو شرف كونه لم يرفض مشروع الدستور الروسي المقترح، محذراً بأن سوريا ستفقد هويتها بشكل كامل بعد أن أزال الدستور الجديد هويتها العربية، متسائلاً في الوقت نفسه عن موقف من أسماهم "العربجيين والقومجيين في سوريا"، وقال ":لماذا لا نسمع لهم صوتاً أو حتى عواء رداً على الدستور الذي ينهي سوريا عملياً؟"
الفخ الروسي
الحقوقي السوري ميشال شماس حذر بدوره من الوقوع في شرك السياسية الروسية، متهماً معارضة موسكو بالتماهي مع التوجه الروسي عبر توريطها بالانشغال في صياغة دستور جديد لسوريا، وصرف أنظارها عمّا تحتاجه سورية فعلاً في مثل هذه الظروف التي تمر بها.
وأضاف "شماس" عبر سلسل تعليقات في صفحته الرسمية "في بوك" أن "ما تحتاجه سوريا الآن ليس لصياغة دستور جديد على أهميته، بل إلى مناقشة كيفية الاتفاق على مرحلة انتقالية تحتاجها البلاد الآن على أساس إعلان دستوري يحكم هذه المرحلة، يتح للسوريين لملمة جراحهم وإعادة بناء ما تهدم وإطلاق سراح المعتقلين وتعويض الضحايا والبحث عن المفقودين، ومحاسبة المجرمين وإعادة هيكلة الجيش والأمن.
ولفت إلى أن موسكو تريد صرف أنظار السوريين عن قيام مرحلة انتقالية وإبعادها عن أية مناقشة، والدخول فوراً مع نظام الأسد في صياغة دستور جديد وتشكيل حكومة تحت قيادة الأسد وكأن شيئاً لم يحدث في سوريا، فلا دمار ولا مئات الآلآف من القتلى مثلهم من المعتقلين ولا ملايين المهجرين واللاجئين.
يشار أن أورينت نت حصلت على نسخة من "المسودة الروسية" لمشروع الدستور السوري الجديد، ويتضمن إلغاء كلمة "عربية" من اسم "الجمهورية العربية السورية"، وتقترح إمكانية "تغيير الخارطة السورية" عبر استفتاء شعبي يشارك فيه جميع السوريين، و"أن مبادئ وأحكام القانون الدولي ومعاهدات سورية الدولية المعترف بها هي جزء لا يتجزأ من نظامها القانوني"، وإذا كان لمعاهدة دولية أحكام تختلف تتناقض مع القانون السوري، فسوف يتم اللجوء لأحكام ومبادئ المعاهدات الدولية"، وذلك في محاولة روسية من أجل ضمان الاتفاقيات التي وقعتها مؤخراً مع نظام الأسد والتي حصلت بموجبها على امتيازات استراتيجية وعسكرية واقتصادية.
والجدير بالذكر أن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف قال إن مشروع الدستور السوري المقدم من روسيا يراعي مواقف نظام الأسد والمعارضة ودول المنطقة، في حين زعم رئيس الوفد الروسي في أستانا "إلكسندر لافرنتيف" أن "الدستور الروسي" ليس تدخلاً في الشأن السوري وإنما أعد من قبل الخبراء الروس لتسريع عملية السلام، بينما قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا إن "الهدف من طرح ما أطلق عليه "المشروع الروسي" للدستور السوري الجديد، هو تشجيع السوريين على بدء المناقشة حول الموضوع".
التعليقات (2)