لماذا تجاهل النظام وحزب الله الغارة الإسرائيلية الأخيرة؟

لماذا تجاهل النظام وحزب الله الغارة الإسرائيلية الأخيرة؟
رغم تأكيد النظام السوري وبعض المواقع المقربة منه كما تلك المقربة من حزب الله نبأ الغارة الإسرائيلية ضد قافلة سلاح للحزب قرب أحد المعسكرات فى ضواحى دمشق فجر الأربعاء الماضي، إلا أن الحدث مرّ مرور الكرام وكأنّ شيئاً لم يكن. النظام وحزب الله اعتادا ومنذ فترة طويلة على الصفعات، وحتى البصقات الإسرائيلية في وجوههم، ويتصرّفوا وكأن السماء تمطر، ليس إلا في تعبير وتأكيد على أولوياتهم المتمثلة ببقاء النظام، العصابة بأي ثمن، وانتفاء الحاجة أو ارتفاع كلفة أكذوبة العداء لإسرائيل. 

الضربة استهدفت الحشد الشعبي اللبناني مباشرة، ولكن على الأراضي السورية، وفي مناطق نفوذ وسيطرة النظام. ورغم ذلك لم يحرك أحد منهم ساكناً، وحتى لم يجرى الاهتمام أو إبراز الحدث إعلامياً لعدة أسباب، منها أو أساسها فهمهم واستيعابهم للظروف الحالية التي أتاحت للحزب الحشد القتال في سورية إلى جانب بقايا النظام أو العصابة التي كانت لتسقط منذ فترة، لولا تدخل حزب الله أولاً ثم تبلور المظلة السياسية الأمريكية الروسية التي تعتبر إسرائيل وأمنها في صلبها ومركزها بما فى ذلك بقاء النظام كونه يخدم هذا الهدف.

حزب الله يتصرف منذ سنوات على أن القضية المركزية بالنسبة له تتمثل بالدفاع عن النظام السوري، بأي ثمن وبكل ثمن حتى لو جرى ذلك بمسايرة بشار في انتحاره الاجرامى الجنون وبشكل أوسع أو في سياق أوسع، فإن حزب الله يتصرف  بصفته رأس حربة لمشروع الأمبراطورية الفارسية التى عاصمتها الحركية بغداد، وعاصمتها الفعلية الضاحية الجنوبية، وهو بدد كل رصيده من أجل أمبراطورية الوهم والدم، التي يعتبر نظام بشار الأسد عنصر مهم ومركزي فيها، أيضاً وبناء عليه فإن فلسطين لم تعد مهمة للحزب، والعداء لم يعد لإسرائيل، وإنما للسعودية التي يذكرها أمين عام الحشد  فى خطاباته أكثر بكثير مما يذكر الدولة العبرية، والصدام معها  بالتالى سيحرفه عن إداء مهمته الأساسية، وسينال حتماً من هدفه المركزي، أي بقاء النظام المرتبط مصيره بميليشيات الحشد الشعبي، وسياسياً وعسكرياً بالمظلة الأمريكية الروسية الإسرائيلية له.

حزب الله يعرف طبعاً ويعي جيداً قواعد اللعبة التي أتاحت له الانحراط إلى هذه الدرجة من الدموية والإجرام إلى جانب النظام فى سورية ، فقواعد اللعبة التي وضعتها واشنطن وعبر عنها صراحة وزير الخارجية الأمريكية جون كيري في تسريبه الشهير منذ شهور، عندما قال أن الحزب ليس عدو، وهو يعمل ضمن الاستراتيجية أو السياسة الأمريكية في سورية والمنطقة، الاستراتيجية التي تسمح للحزب بالتدخل والانخراط في عدة ساحات بضوء أخضر أو برتقالي أمريكي شرط عدم التعرض لأمن إسرائيل، وفق تصوراتها وتعريفها الواسع  وإذا ما تخطى أو فعل ذلك لأغراض دعائية، كما كان الحال مع خلايا  سمير القنطار فى الجولان أو تهريب السلاح الى لبنان. فعليه أن يتلقى العقاب صاغراً تماماً كما قبل صاغراً بقواعد اللعب والخطوط الأمريكية التي حولته إلى إداة طائفية ميليشاوية رخيصة ضمن مشروع الامبراطورية الفارسية الخاضعة بدورها   لنفس القواعد التى ترسمها واشنطن.

حزب الله يعرف أن كل ما قدمه لم يكن يكفي لتحقيق الهدف،  المتمثل بإبقاء النظام على قيد الحياة، وحتى انتحاره لم  يؤدي الغرض، لولا التدخل أو الاحتلال الروسي للبلد، الذي بات الآن هو الحامي والضامن لبقاء النظام العصابة. وروسيا بدورها ابرمت تفاهمات تتعلق أيضاً بأمن إسرائيل، وحق الدولة العبرية في الدفاع عنه، كما ترى ذلك مناسباً، والحزب يعي أن الضربة أو الضربات الإسرائيلية بالأحرى ما كانت لتحدث لولا رضى أو حتى تواطؤ الروس فيها. وهنا أيضاً يتصرف وفق قواعد اللعب الروسية المندرجة ضمن قواعد اللعب الأمريكية. حزب الله يقاتل فقط في سورية دفاعاً عن النظام، وإذا ما أراد تحقيق أي أهداف أو أغراض جانبية له، فليتحمل المسؤولية ولا يلوم أو يطلب مساعدة من أحد.

النظام يتصرف بنفس الذهنية ويفهم نفس المعطيات تقريباً، وهو فهم أن تغاضي واشنطن عن بقاءه وابتلاعها لأكذوبة محاربة داعش، واعتباره جزء من الحل، وليس المشكلة يقتضي أيضاً عدم التذاكي، عدم الثرثرة حول مصطلحات السيادة والهيبة، وعليه ألا يتعرض للدولة العبرية أو يسمح لحلفائه بفعل ذلك لأغراض دعائية مكشوفة، وإذا ما تخطى الخطوط الحمر المرسومة أمريكيًا وإسرائيل، فعليه أيضاً تلقي العقاب، وبفم مغلق دون تبجح، ومن "تِمْ ساكت" كما يقال بالعامية.

النظام المدعى منذ  فترة طويلة سابقة للثورة وقبل أن يسقط فعلياً، ويفقد كثير من أوراق قوته وأدواره الإقليمية، لم يكن ليرد اصلاً على الدولة العبرية، وهو يعرف أن أي رد منه أو تذاكي وتشاطر سيدفع ثمنه، وربما لا يعد بقائه مرغوب لا إسرائيلياً ولا حتى أمريكياً أيضاً.

النظام العصابة يعي كذلك أن إيران وحشدها الشعبي، وحتى غض نظر أوباما وتساهله لم يمنعاه من الوصول إلى حافة السقوط العام الماضي، لولا التدخل الروسي، وهو يعرف كذلك طبيعة التفاهمات الروسية الإسرائيلية، وموسكو طلبت منه عدم إيصال أي أسلحة روسية –وحتى ايرانية- إلى حزب الله، إلا أن النظام الألعوبة غير قادر على قول لا للحزب ، يعطيه الأسلحة التي هي ملك للشعب السوري، ومن وكدّه وعرق جبينه ، ثم يتركه لمصيره في النهاية في مواجهة الطائرات الإسرائيلية.

لا يجب تجاهل الهدف الأساسي من مغامرة الحزب بتهريب السلاح إلى لبنان، رغم القرارات الدولية وعدم رضى الحكومة اللبنانية الشرعية،  والذة يتمثل بمراكمة مزيد من القدرة العسكرية للاستقواء وفرض إرادته على القوى السياسية اللبنانية، ويندرج بدوره فى  سياق عسكرة الحشد الشعبى وتحويله إلى جيش بأسلحة  ومعدات ثقيلة لخدمة إيران وأهدافها الاقليمية، وليس لمواجهة إسرائيل التي يسهل عليها كثيراً مواجهة جيش في حرب تقليديةأو شبه تقليدية  أكثر بكثير من  مواجهة ميليشيات بنموذج أقرب الى حرب العصابات.

 فى الأخير ثمة أمران أو خبران اختصرا في الحقيقة خلفيات البصقة الاسرائلية الأخيرة ودلالتها،  اولهما ما كتبه أحد منابر الحشد الشعبى الاعلامى فى عاصمته الفعلية بيروت ، عما جرى ليلة الاربعاء وكيف استهدفت الغارة بشار نفسه الذى نجا باعجوبة وكيف اتى شقيقه ماهر بمروحية على وجه السرعة من اللاذقية الى الشام ليواجه  بنفسه الطائرات الاسرائلية ، وكيف ايقظ بوتين نتن ياهو فى الفجر لتحذيره من تكرار الامر والا تلقى رد بشار واخيه الساحق الماحق هذا الخبر أقرب طبعاً الى الجنون والانفصام منه الى الخيال،  اما الخبر الثانى فيتمثل بذاك الذى كتبه معلق موقع واللا العبرى امير بوحبوط عما أسماه صمت الكرملين ، مقتبساً تصريحاً للعميد طل كلمان الضابط الكبير فى سلاح الجو الاسرائيلى قال فيه بالحرف الواحد " ان منظومات الاسلحة التى تم وضعها الان فى الشرق الاوسط ليست موجهة ضد دولة اسرائيل لاننا ندرك نوايا مشغلى هذه المنظومات ونحن نحلق بحضورهم " للعلم المنظومات تشمل بالتاكيد الحشد الشعبى على اختلاف أشكاله ومسمياته.

التعليقات (2)

    Ghasssan

    ·منذ 7 سنوات 4 أشهر
    حزب الله صنيعة اسرائيل . وليس هناك آي حالة حرب بينهما. سوس بعض الحروب المفبركة لتبرير وجوده و بقاءه. وهذه الخدعة لم تعد تنطلي على آحد.

    Omar

    ·منذ 7 سنوات 4 أشهر
    المهمة واحدة إسرائيلية روسية أمريكية إيرانية تدمير سوريا شعبا وبنية تحتية.
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات