الفيل الجمهوري أم الحمار الديموقراطي.. سيد أمريكا القادم؟

الفيل الجمهوري أم الحمار الديموقراطي.. سيد أمريكا القادم؟
تنطلق اليوم الثلاثاء الثامن من شهر تشرين الأول من العام 2016 عملية الاقتراع  للانتخابات الرئاسية الأمريكية الثامنة والخمسين لرئاسة الولايات المتحدة، والتي سيفوز بها سيكون الرئيس 45 للولايات المتحدة، حيث يتنافس على المنصب ثمانية مرشحين، صحيح أن الساحة قد خلت إلا من الثنائي كلينتون – ترامب، إلا أن هناك مرشحون آخرون لم يسمع بهم معظم الناس، يخوضون الانتخابات ويمنون النفس بإنقلاب أمريكي يقصي الحزبين الديموقراطي والجمهوري عن المشهد السياسي الأمريكي.

المتنافسون على منصب الرئاسة الأمريكية ثمانية مرشحون هم: هيلاري كلينتون (وزيرة خارجية سابقة) عن الحزب الديموقراطي، دونالد ترامب (رجل أعمال) عن الحزب الجمهوري، جيل ستاين (فيزيائية) عن حزب الخضر، غاري جونسون (محافظ ولاية نيو مكسيكو) عن الحزب الليبرتاري، روكي دي لافوينتي (رجل أعمال) عن حزب الإصلاح، داريل كاستيل (محامي) عن حزب التأسيس، إيفان مكمولين (جمهوري) مستقل، لورنس كوتليكوف (أستاذ إقتصاد) مستقل.

إنتهت الإنتخابات الرئاسية التمهيدية الأمريكية في شهر حزيران \\ يونيو 2016، وتم إختيار ممثلي الأحزاب لمنصب الرئاسة الأمريكية، لتدخل الانتخابات في مرحلة مناظرات بين المرشحة الديموقراطية كلينتون والجمهوري ترامب، حيث حفلت بالكثير من الفضائح، والمعارك وقليل من الجدية وبرامج العمل، فكانت كلينتون أكثر خبرة وإتزاناً، في حين أن المرشح الجمهوري ترامب كان عدوانيا غوغائياً، ركز في حملته ومناظراته على الجانب الشخصي لمنافسته وحزبها وحتى زوجها بيل كلينتون، الذي إنتعش الاقتصاد الأمريكي في عهده بشكل كبير.

ترامب القادم من عالم الأعمال والعقارات، الخبير في تهريب الأموال وفي التهرب الضريبي على حد سواء، الدونجوان زير النساء، لازال يملك حظوظاً قوية للفوز بمنصب الرئيس، وهو ورغم كل ما نشر وقيل عنه، يبدو غير مبالٍ بالأمر، بل إنه يزداد غروراً وعجرفة، حتى قبل ساعات من الإنتخابات، الغريب في الأمر أن واحدة من ممارسات ترامب، كانت كافية قبل سنين قليلة للإطاحة بأي رئيس أمريكي منتخب، لكنها اليوم تبدو كتفاصيل صغيرة غير مهمة بنظر الأمريكيين، وهذا إن دل على شيئ فإنما يدل على تغير مفاهيم المجتمع الأمريكي، فإذا ما فاز ترامب فإنها ستكون وصمة عار في جبينهم.

لطالما كانت ولاية فلوريدا حاسمة ومهمة لكل للراغبين في الوصول إلى البيت الأبيض، وهي اليوم لا تشذ عن هذه القاعدة حيث وقبل يوم واحد من الانتخابات لازال التنافس على أشده بين كلينتون وترامب، فالفارق بينهما نقطة واحدة لصالح كلينتون، لهذا فإن حملة المرشحين باتت على أشدها، وذلك على أمل تغيير رأي الناخب الأمريكي في هذه الولاية.

يكفي أن نعلم ان إنتخابات العام 2000 قد حسمت في فلوريدا تحديداً، وبعد إعادة فرز بطاقات الاقتراع بقرار من المحكمة الأمريكية العليا التي أصدرت حكماً لصالح الجمهوري جورج دبليو بوش، فخسر منافسه الديمقراطي آل غور.

انتخابات العام 2016 هي الأكثر إثارة للجدل، ليس في أمريكا وحسب، بل على مستوى العالم الذي أنشغل وعلى مدى شهور بما يحدث في الولايات المتحدة، فروسيا مثلاً وظفت الجاسوس سنودن لضرب المرشحة الديمقراطية، من خلال تسريبات ممنهجة حول قضية إستخدامها لبريد إليكتروني خاص أثناء عملها كوزيرة للخارجية، وهي بهذا تحاول ترجيح كفة ترامب المغرم بروسيا وقيصرها بوتين، لكن مما لا شك فيه أن جميع حلفاء واشنطن قلقون من إمكانية فوز ترامب بالرئاسة.

ما يميز إنتخابات العام 2016 هي أنها تنافس على الشخص أكثر منه تنافس على السياسات، وكثير من الأمريكيين يعتبرون أنهم مخيرون بين السيئ والأسوأ. 

تميز الديمقراطيون بالفكر المحافظ وارتباطهم بحماية العبودية قبيل الحرب الأهلية الأميركية التي نشبت عام 1862، وكانت له شعبية كبيرة في الجنوب، منذ نهاية الحرب الأهلية إلى سبعينيات القرن العشرين، لكن الحزب تحول بقيادة الرئيس فرانكلين روزفلت ليصبح ممثلاً للتيار الليبرالي ومناصراً للنقابات العمالية والتدخل الحكومي في الاقتصاد، ولا يزال الحزب مرتبطاً بما يسمى بالأفكار التقدمية حتى اليوم.

أما الجمهوريون فيتميزون بالمواقف الصلبة والتركيز على المساواة وتكافؤ الفرص، ويتبنون قيماً محافظة إجتماعياً، ويرفضون فكرة زيادة الضرائب ويدعو الحزب إلى تقليل الإنفاق الحكومي، ويهتمون بدور السوق الحرة، والعمل الفردي، باعتبارهما عوامل إزدهار مهمة للإقتصاد الأمريكي.

على مدى التاريخ الأميركي، كانت كفة الجمهوريين بشعارهم "الفيل" أرجح من حيث عدد الرؤساء، رغم أن الحزب الجمهوري تأسس بعد نظيره الديمقراطي بشعاره "الحمار"، حيث تولى رئاسة أميركا 18 جمهورياً، مقابل 15 ديمقراطياً.

إذا كان الحمار مثار سخرية في العالم العربي، فإنه قد تحول إلى أيقونة سياسية وعلامة تجارية في الولايات المتحدة، تدر مئات الملايين من الدولارات، فالحمار شعار الحزب الديمقراطي الأمريكي، هو رمز الثورة والتمرد منذ عقود، وقصة الحمار مع الديمقراطيين بدأت في العام 1828 عندما إختار المرشح الديمقراطي للرئاسة آنذاك "أندرو جاكسون" شعار "نترك الشعب يحكم"، فاختار حماراً رمادي اللون وألصق على ظهره شعار حملته الانتخابية وقاده وسط القرى والمدن المجاورة لمسكنه، من أجل الدعاية لبرنامجه الإنتخابي "الشعبوي" ضد منافسه الذي كان نخبوياً بعيداً عن هموم الناس.

أما الفيل فهو رمز المال والثراء والصوت الإنتخابي الجمهوري المؤثر، وقد ظهر كشعار للحزب الجمهوري لأول مرة في دعاية سياسية لأبراهام لينكولن محرر العبيد، لكن الفيل لم يتحول إلى شعار سياسي للحزب الجمهوري إلا في عام 1870 عندما قام رسام الكاريكاتور الأميركي الشهير "توماس ناست" بالتعبير عن تذمره مما وصفه بخروج الحزب الجمهوري عن قيمه الليبرالية، فاختصر الحزب الجمهوري في رسم كاريكاتوري لفيل ضخم مذعور يحطم كل ما تطؤه قدماه، وكتب على جسمه عبارة "الصوت الجمهوري" ومنذ ذلك الحين تحول الفيل إلى شعارٍ للحزب الجمهوري.

يقول أوباما ساخراً من ترامب، بحسب موقع "ديلي بيست" الأمريكي: "إن لم يكن الشخص قادراً على إدارة حسابه على "تويتر"، فكيف يمكنه الاحتفاظ بشفرة السلاح النووي"، وذلك خلال تجمع في ولاية فلوريدا في إطار دعمه لهيلاري كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطي.

العالم العربي بات خارج حسابات الربح والخسارة، وأياً يكن الفائز في هذه الانتخابات، فإن الأمر بالنسبة لنا أشبه ما يكون تحصيل حاصل، فكلا المرشحين، عجوزان يتنافسان على الظهور بمظهر الداعم الأكبر للكيان الصهيوني، ومحاربة الإرهاب، الذي هو بالمحصلة الشعوب العربية والإسلامية.  

اليوم وقبل فتح باب الإنتخاب بساعات وبعد تصريح مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي "جيمس كومي"، الإيجابي حول تسريبات كلينتون، فإنها تتقدم على ترامب في جميع إستطلاعات الرأي، وبما يتراوح بين 3 – 6 نقاط، لكن هذا لا يعني أنها قد ضمنت الفوز والوصول إلى سدة الرئاسة كأول إمرأة وزوجة رئيس سابق ووزيرة خارجية تستلم هذا المنصب، فإستطلاعات الرأي تبقى مجرد تكهنات إعتمدت على رأي عينة من الشارع الأمريكي، ومن يدري فقد يفاجئنا أحد مرشحي الأحزاب الأخرى أو أحد المرشحين المستقلين، ننتظر ونرى.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات