معركة الرقة هل باتت قريبة فعلاً؟

معركة الرقة هل باتت قريبة فعلاً؟
صدرت في الأيام الأخيرة تصريحات عدة لمسؤولين أتراك أمريكين وأوروبيين تقول أن معركة الرقة صارت قريبة، وأنه سيتم عزل المدينة أو عزل داعش فيها، بالتزامن مع معركة الموصل التي انطلقت منذ أسبوعين. فهل فعلاً باتت معركة الرقة قريبة؟ وهل تستطيع واشنطن تجاوز أنقرة المصرّة على الحضور في المعارك الكبرى في العراق وسورية؟ كونها باتت تربط أخيراً بين معارك الباب منبج الرقة الموصل، وحتى سنجار في العراق.

كان الرئيس أردوغان  فى الحقيقة أول من أطلق شرارة الحديث عن معركة الرقة أثناء عودته من قمة العشرين بالصين أوائل شهر أيلول  الماضي، هو قال أن تركيا جاهزة للانخراط في معركة  تحرير الرقة خاصة بعد نجاح عملية درع الفرات ، واستخدام جيشها الجرار لهزيمة داعش فى عاصمته مكرراً الشروط التركية المعروفة والمتمثلة بعدم الاستعانة بالارهابيين، وعدم تقوية أو استفادة النظام من المعركة، والاعتماد على الجيش الحرّ ، ليخوض المعركة بدعم تركي قوي، وهو مع أهل وأبناء الرقة من سيتولون إدارتها بعد تحريرها.

بعد ذلك تحدثت باريس عن ضرورة هزيمة داعش في معقله  وعاصمته المركزية، ومن ثم تبنت واشنطن عبر وزير دفاعها نفس الموقف، مع التأكيد على أن بالإمكان خوض المعركة في مدينة الرقة التى لا مكان لروسيا فيها بالتزامن مع معركة الموصل التى قد ستستمر أسابيع وربما شهور حتى، حيث ستتم المباشرة أولا بعزل المدينة من أجل التمهيد للمعركة الحاسمة.

قائد قوات التحالف الدولى لمواجهة داعش الجنرال الامريكي ستيفت تاونسند قدم شروحات إضافية عن معركة الرقة، حيث قال أنه تيتم الاستعانة ببي كاكا السوري كونه الأكثر تدريباً، واستعداداً للانطلاق بفترة وجيزة نحو الرقة من أجل عزل المدينة والتحكم بالمحيط، تاونسند أشار كذلك إلى أن واشنطن تتفاوض تخطط تتحاور مع أنقرة حول المعركة وتفاصيلها، بينما كان وزير دفاعه أشتون كارتر أعلن من أنقرة الأسبوع الماضي أن بلاده تدعم تركيا في معركتها ضد الإرهاب، وأن ثمة تنسيق كبير بين البلدين، وهو نفس ما أكده الرئيس أوباما في اتصاله الهاتفي مع نظيره التركي صبيحة الأربعاء الماضي الذي أكد فيه الرئيس أردوغان على المواقف أو بالاحرى خريطة الطريق التركية المتضمنة تحرير مدن الباب منبج ثم الرقة فى سوريا، وحتى سنجار في العراق لمنع تحولها إلى قنديل 2 أى معقل ثانى لبى با كا التركي.

بناء على ما سبق تبدو معركة الرقة إذن مرتبطة تماماً بطبيعة الموقفين الامريكي والتركي كما بتطورات معركة الموصل الى ستنعكس مباشرة على نظيرتها فى الرقة .

كعادتها تعطي واشنطن تصريحات متضاربةومتناقضة وبدا المسؤول العسكري الامريكي المركزي فى التحالف الدولى لمحاربة داعش معبرا عن هذا التناقض ، عندما تحدث عن الاستعانة بالقوة الجاهزة أى بى كا كا السوري للاسراع فى عزل الرقة بأقصر وقت ممكن،  كما تحدث عما أسماه تفاوض تحاور وتخطيط مع أنقرة رغم الموقف التركي الحازم والقاطع والذى يكرره المسؤولون الاتراك بشكل دائم فى وسائل الإعلام كما على مسامع الإدارة الإمريكية واعضائها الكبار والصغار .

المعركة فى الرقة  باتت مرتبطة مباشرة بمعركة الموصل ليس فقط كونها عاصمة داعش المركزية ومعقله الأخير،  وإنما للتأثير السلبي للرقة على معركة الموصل خاصة مع إرسال المقاتلين من المدينة السورية إلى المدينة العراقية عكس تنبؤ وتوقعات مصادر التحالف ووسائل الإعلام القريبة منها،  والأهم ربما من ذلك احتمال أن تطول المعركة لشهور وسط مخاوف جدية من صعوبتها كما عجز القوى العراقية المختلفة عن التوصل إلى صيغة موحدة لإدارة المدينة بعد تحريرها ، وربما اكتفاء البشمركة وهي القوة الرئيسية والأكثر تنظيما تدريبا وخبرة بما حققته وزهدها فى المواصلة،  مع تاكيدها إنها لن تدخل الى المدينة ولن تتدخل في تحديد مستقبلها ومصيرها تاركة المهمة المهمة والتحدي الصعب على عاتق جيش المنطقة الخضراء الضعيف والمترهل .

إذا ما تعثرت أو طالت معركة الموصل فستبحث الإدارة الإمريكية في أيامها الأخيرة عن نصر اعلامي فى مكان اخر أي في الرقة الذى سيمثل تحريرها ضربة معنوية وعسكرية قاسية لتنظيم داعش، غير أنه كما اتضح  من عملية درع الفرات فإن من الصعوبة بمكان هزيمة داعش دون دعم قوي بري جوي واستخباراتي من الجيش التركي وهنا ستكون انقرة فى وضع يسمح لها باملاء شروطها، أو على الاقل ضمان ألا تؤثر معركة الرقة سلبا على أمنها ومصالحها كما على مصالح الثورة الشورية وقواها الحية والشرعية .

أنقرة وضعت خارطة طريق واضحة نقلها الرئيس اردوغان بصراحة ووضوح الى نظيره الأمريكي باراك اوباما الباب- منبج ثم -الرقة ولن يتم السماح باى وجود لبى بى كا فى منبج او في المناطق الآمنة المحررة، كما لن يتم السماح لهم باستغلال المعركة الحالية مع داعش لانتزاع مدينة الباب وكما قال أردوغان ورئيس وزراءه بن علي يلدريم فان تركيا ستتدخل أيضاً شرق الفرات إذا دعت الحاجة،  لتطهير الحدود من الارهابين ومنعهم من تهديد أمنها والرسالة هنا واضحة تماماً ، كما الموقف الحازم برفض أى مشاركة فى الرقة أو فى أى معركة أخرى فى سورية والعراق.

ربما تمثل الرقة لواشنطن أهمية الآن أكثر مما هى لأنقرة المعنية الان  أكثر بخارطة طريق منبج الباب وحتى سنجار، وهى العملية التى ستستغرق  أسابيع وحتى شهور غير أن ذلك لا يعنى ابدا أن تمتنع انقرة أو تستنكف عن فرض موقفها ومصالحها فيما يتعلق بالرقة ايضا،  وإذا ما أصرت واشنطن فعلاً على المضى قدما فى سياساتها الحالية الضبابية الملتبسة والغامضة وتأجيل القرارات الصعبة والحاسمة الى الادارة الجديدة، ما يعني  مواصلة الاعتماد على بى كا كا السوري فى محاربة داعش بسورية فان تركيا ستصر على مشاركة القبائل والعشائر العربية فى المعركة،  والمهم ضمان ألا يدخل أى عنصر إرهابي إلى الرقة محل داعش ، أو يحدث تطهير عرقي وتغيير ديموغرافي، فيها وتسليمها لأهلها لإدراتها كما جرى فى جرابلس واخواتها.

 مع صعوبة تصور نجاح معركة الرقة دون تركيا أو قدرة بى كاكا على حسمها ، كون الصغار قادرين على الحسم او لعب دور مهم فى المعارك الصغرى فقط ، أما تلك الكبرى فستحتاج حتماً الى الكبار ، وأنقرة محملة بل مشبعة فى الحقيقة بثقة عالية بالنفس بعد دحر الانقلاب ونجاح عملية درع الفرات،  وهى خلعت القفازات وتبدو مصرة على فرض رؤاها وتصوراتها والدفاع عن مصالحها ، وتعميم نموذج جرابلس على شمال سورية وحتى على البلد ككل فيما بعد، مع رفضها لمعادلة الباب مقابل حلب التى طرحتها موسكو وإصرارها على أن الباب وحلب لإبنائها وأهلها الشرعيين تماماً كما الرقة والموصل .

التعليقات (2)

    الحقيقة

    ·منذ 7 سنوات 6 أشهر
    يرفض اردوغان مشاركة الاكراد ولكن هل سيقبل بمشاركة المليشيات الشيعية

    مقال غريب بعض الشي

    ·منذ 7 سنوات 6 أشهر
    ياعمي اولا اسمهم قوات سوريا ديمقراطية عليك احترام جميع المكونات فيها ثم ان قسد تسطيع حسم المعركة بدون تركيا كما فعلت في كل المعارك السابقة واين كانت حبيبتك تركيا عندما كان الجميع يطلبون منها الانضمام للتحالف كانت تخشى الانضمام الى وقت متأخر كل الاوربيين والامريكان سيعتمدون على قسد لانهم يعرفون ان طبخة تركيا فاضية لذلك لا داعي ان تأتي وتحاول ان تمسح وسخ الاتراك وتبيض وجوههم يعني مو بيناتنا هالحكي تمام عمي
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات