كأغلب السوريين المغتربين والمنحازين إلى ثورة الشعب نسيت ما لسوريا من منتخبات ومشاركات رياضية ولم تعد تعنيني نتائج مشاركاتها، ومرت تصفيات كأس العالم وكأس آسيا دون أن أعرف ماذا حل بمنتخبها وللدقة لم أعلم أي شيء عن نتائج هذه التصفيات، لكن موجة من التغريدات والمناشير على مواقع التواصل الاجتماعي وضعتني فجأة في قلب الحدث، فتعمدت وقتها البحث عن كل ما يتعلق بنتيجة منتخب سوريا، بعد أن خاض مباراة كانت شبه حاسمة مع منتخب قطر، خسر في نهاية المباراة وانهالت عليه من قِبل أغلب من أعرف سيول من الشماتة والشتائم، وكان الوصف الدارج "منتخب الأسد" هزم، نعم هزم لكن هل كان يمثل سوريا وهي التي هُزمت قلت لنفسي في لحظة وانقبض بها قلبي، هل نحن فعلا ضد سوريا، هل نحن خونة، هل نحن موتورون، هل نحن نكره سوريا؟... لا.
نحن وطنيون يوم كنا نسافر ونتابع مشاركات المنتخب ونتلقى الهراوات على أبواب الملاعب سعداء لأننا في الطريق لمؤازته، لكنه لم يكن يوما منتخبنا وإن كنا نعرف ونتغاضى لكن بعد الثورة أصبح الأمر أكثر ألما وأنت تتابع مجموعة منتقاة بعناية ممن ترك ثورة أهله ليكون جزءا من منتخب لا يمثل سوريا، مجموعة من "شبيحة" لم يتوانَ أحدهم (بحسب شهادة صديق) عن المشاركة بحاجز للأمن لاعتقال الشباب في مدينته، وآخر بلّغ في وقت سابق عن نشاط رفاقه الثوري، لينال حظوة عن رؤسائه في النادي، وغيره ممن لا ناقة له في كرة القدم ولا جمل لكنه ابن فلان.
تابعت ما كتب على مواقع التواصل الاجتماعي وعايشت نبرة تحمل التشفي تجاه خسارة منتخب الأسد لكن القلوب كانت في داخلها حزينة والحال هذه، فهو ليس مجرد انقسام داخلي بين أبناء بلد واحد، على تشجيع منتخبهم الذي يريد أن يسوّقه صناعه بأنه يمثل البلاد حقا، إنه في عين أغلب السوريين ليس سوى حاجز شبيحة أو كتيبة عسكرية بأجر بخس ولباس رياضي لم تهتم يوما لعذابات الشعب بل كانت إحدى مسبباتها، ولم تكن تحمل حلما بأن تشكل حالة جامعة للكل كما كانت تفعل الرياضة في أماكن آخرى، من كان يمثل سوريا في التصفيات لا يريد أن يمثل سوريا يريد أن يمثل الأسد ومن يلف لفه، لم يكن يريد حتى أن يداعب أحلام الصغار علهم يكبروا على حب المنتخب، كان يطلب ثأرا من الشعب السوري الذي يراه صناع هذه المنتخب متآمرا على قيادته "الأبدية" يرونه شعبا إرهابيا وجب قتله وتهجيره وما كانوا يطلبون الفوز على قطر تحديدا إلا للشماتة كنوع من الكسر والذل للشعب السوري.
لم أكن أتمنى أن أعيش لحظة كهذه، لكنها حقيقة وشاءت الأقدار والقرعة أن تضع هذا المنتخب مع قطر في وقت يرى فيها الأسد وشبيحته أنهم على الأرض يقاتلون عصابات تدعمها قطر، وما كانوا يخسرونه في حرب الرجال يحاولون تعويضه في قصف البشر وتدمير المدن، وهذه المرة أرادوا أن يثأروا في كرة القدم، لكن الأقدار شاءت أن يخسروا ويفرح بهم من قتلوا أهله وشردوهم أو اعتقلوهم أو دمروا مدنهم لكن كل هؤلاء لم يفرحوا يوما لخسارة سوريا، بل لخسارة الأسد.
التعليقات (2)