من يدير الصراع الأمريكي – الروسي في سوريا؟

من يدير الصراع الأمريكي – الروسي في سوريا؟
يعتقد كثيرون أن سيطرة ونفوذ اللوبي اليهودي تنحصر في الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر مركز القرار العالمي، وهذا الإعتقاد صحيح نوعا ما، فمؤسسات الضغط اليهودية "الصهيونية" بأذرعها السياسية والمالية والإعلامية والصناعية والفكرية والقانونية، أكثر من أن تعد وتحصى وهي ربما تكون الأشهر والأقوى على مستوى العالم، أما أهمها فهو حوالي 34 مؤسسة ومنظمة وهيئة وإتحاد يأتي على رأسها منظمة "أيباك" هذه المنظمة التي لم يعد بمقدور أي مرشح رئاسي أمريكي أن يصل إلى البيت الأبيض دون موافقتها ورضاها عنه.

المفارقة هي أن التواجد اليهودي في روسيا والولايات المتحدة يكاد يكون متساوياً من حيث العدد والنسبة، فالأرقام المتوفرة تشير إلى أن عددهم يتراوح بين 5.5 و6 ملايين شخص في كل من البلدين، وبنسبة متساوية تقدر بحوالي 2% من عدد السكان، لكن هذا ليس كل شيئ، فالمتتبع لنشاط هذه اللوبيات سيكتشف أنها منتشرة حول العالم وتعمل حسبما تقتضي مصالح "الدولة العبرية" التي يمكننا القول ودون مبالغة أنها تستحق وعن جدارة لقب الدولة العظمى الأولى في العالم، كيف لا، وهي التي تختار وتصنع الساسة وتصوغ السياسات في أكبر العواصم العالمية كواشنطن وموسكو، وهي التي لا يجرؤ أي سياسي غربي أو شرقي على إنتقادها!!

ربما يعلم الجميع أن الإتحاد السوفييتي كان أول دولة تعترف بالكيان الصهيوني في فلسطين، لكن معظم الناس لا تعلم خلفية هذا الإعتراف وأسبابه، وقد يظن البعض أيضاً، أن هكذا إعتراف إنما جاء نتيجة تلاقي مصالح البلدين، لكن الحقيقة أبعد وأكبر من ذلك، وتكاد تكون صادمة لكل من يطلع عليها.

يقول الأديب الروسي ألكسندر كوبرين في العقد الأول من القرن العشرين: إن كثيراً من الروس يخضع لتأثير اليهود وضجيجهم الإعلامي، كما أن اليهود عودوا الروس على المسكرات، مما جعل منهم أناساً فظيعين وشنيعين وأقوياء، مثل ذباب الخيل القادر على قتل حصان، ولكن المثير في المسالة هو أننا نعي ذلك وندركه غير أننا لا نفعل أكثر من أن نهمس به بيننا ولا يتجرأ أي منا على الجهر به، إذ يستطيع كل فرد بيننا شتم القيصر والنيل من الإله، ولكنه يتهيب الاقتراب من اليهود!!

لقد شكل انتصار الثورة البلشفية عام 1917 مرحلة تكاد تكون الأهم في تاريخ اليهود وسيطرتهم على قرار الإتحاد السوفييتي وروسيا، حتى أن البعض ذهب بعيداً في وصفه لما حدث قائلاً: "إن البلشفية ليست سوى نوع سوفيتي لليهودية، أما صحيفة التايمز البريطانية فقد ذكرت حينها أن حوالي 447 يهوديا من أصل 556 قياديا في السلطة السوفيتية الجديدة، معظمهم في مراكز صنع القرار السياسي وتنفيذه، وذلك على مستوى الحزب والحكومة وكافة الوزارات كالداخلية، والخارجية، والدفاع، والمالية، والإعلام وغيرها، حيث تراوحت نسبتهم في هذه المؤسسات ما بين 60% إلى 100%، بينما لم تكن نسبتهم إلى عدد السكان حينذاك تتجاوز 2%، أما دور اليهود في روسيا قد بدأ بالبروز مع صعود ألكسندر الأول إلى سدة الحكم حيث تميزت سياسته بالليبرالية فسمح للحركات الماسونية بالعمل رسميا عام 1804. ومن هنا كانت البداية. 

بعد انتصار الثورة البلشفية، عمل اليهود على إستغلال شعار فصل الدين عن الدولة، ففصلوا الروس عن تاريخهم الديني، مستغلين وجودهم في مراكز صنع القرار، فقد ترأس لجنة مكافحة الكنيسة ياروسلافسكي (ميني إسرائيل غوبلمان)، وكان مساعده الرئيس اليهودي لوكاتشيفسكي، في حين ترأس اليهودي ستروكوف (بلوخ) قسم محاربة الدين في الجيش، كما ترأس اليهودي كيفاله قسم الدعاية المعارضة للدين، وكذلك في المدارس حيث رأسها اليهودي اسكينسكي، أما في الأدب فقد كان أبشتين. يكفي ان نعرف أن جميع الأعضاء الأربعين للجنة التنوير والإلحاد كانوا يهوداً.

سيطرة اليهود على مفاصل القرار السوفييتي، وعلاقتهم بالروس بقيت بين شد وجذب حتى مرحلة تفكك الإتحاد، ليبرز من جديد دورهم الكبير إبان حكم بوريس يلتسن، حيث ذكرت صحيفة " كوميرسانت الروسية " أن أملاك اليهود الروس في الاقتصاد الروسي قد بلغت حينذاك 70% في قطاع النفط والغاز الطبيعي، 100% في قطاع السماد الزراعي، 80% في قطاع صناعة السيارات، 60% في قطاع صناعة الطيران المدني، 85 % في قطاع الأخشاب، 70% في قطاع البنوك والمصارف، 80 % في قطاع شركات التأمين، 65 % في قطاع الإعلام المرئي والمكتوب والمسموع.

صحيفة "الجارديان" البريطانية أشارت بدورها، إلى أنه من بين السبعة الأوليجاركيين الكبار الذين كانوا يتحكمون بمعظم الإقتصاد الروسي، كان هناك 6 يهود هم (بوريس بيريزوفسكي، ميخائيل خودركوفسكي، فلاديمير جوزينسكي، ألكسندر سمولينسكي، ميخائيل فريدمان وفاليري مالكين) حيث تحول نفوذهم في روسيا من السيطرة على الاقتصاد إلى نفوذ سياسي قوي. 

وهنا سنكتشف أن اليهود وكما ركبوا موجة الثورة الشيوعية الإشتراكية، ونجحوا في تحويل الحزب الشيوعي إلى منظمة ماسونية نموذجية، فإنهم قد عادوا وركبوا موجة الديمقراطية والتحول الرأسمالي، وفي كلتا الحالتان كانوا هم المستفيد الحقيقي من كل ما حدث ويحدث، فديمقراطية روسيا الزائفة ليست سوى ستار لدولة مافياوية ينخر فيها الفساد.

مثلما أن اليهود ينظرون إلى الولايات المتحدة التي أصبحت مركز صنع القرار العالمي، على أنها كيان يجب حمايته صوناً لمصالحهم، فإنهم كانوا ينظرون إلى الإتحاد السوفييتي، ولاحقاً روسيا على أنهما لاعب دولي مهم ومكمل للدور الأمريكي، ويمكن أن يحقق لهم مالم يستطيعوا تحقيقه عن طريق الولايات المتحدة، التي تحكمها لعبة التوازنات الدولية والإقليمية إلى حد بعيد، الأمر الذي يفرض عليها الحفاط على حلفاءها الكثر.

النفوذ اليهودي في روسيا لا يقل قوة عن مثيله في الولايات المتحدة الأمريكية، وهم يتواجدون في موقع يؤهلهم للضغط على أي قيادة روسية وإلزامها بالعمل بما لايضر بمصالح الكيان الصهيوني، وهذا ما يفسر دفاع بوتين المستميت عن منظومة الحكم الأسدي، الذي أثبت جدارة منقطعة النظير في حماية المصالح الاسرائيلية، أليس هذا النظام هو من قضى على المقاومة الفلسطينية في لبنان؟ وقمع الحراك الإسلامي في سورية، وأمّن حماية حدود الدولة العبرية، فلم يطلق عليها رصاصة واحدة منذ حرب تشرين؟ هذه الحرب التي أرادها حافظ الأسد مطية، حكم بها السوريين بالحديد والنار، من خلال رفعه لشعارات الصمود والتصدي والتوازن الاستراتيجي مع إسرائيل، ليأتي وريثه القاصر فيكمل بيع ما تبقى من سورية لإيران روسيا؟ فهل سيجدون أفضل من هكذا نظام وازن في عمالته بين الشرق والغرب؟! 

أمريكيا ومنذ اللحظة التي أعلن فيها أوباما عن خطوطه الحمراء وحديثه عن فقدان الأسد لشرعيته وأيامه التي باتت معدودة، صدرت إشارات إسرائيلية صريحة وواضحة تطالب الإدارة الأمريكية بعدم القيام بما من شانه أن يؤدي لإسقاط نظام الأسد، فخرس أوباما، لتبدأ رحلة المماطلة والتسويف واللعب بدماء السوريين. ألم يصرح مسؤولو الكيان الصهيوني وجنرالاته بخشيتهم من سقوط الأسد، ورغبتهم باستمرار الحرب في سورية إلى مالا نهاية؟   

     

من منا ينسى إهانات نتنياهو المتكررة وأخرها طلب الاجتماع بأوباما وإلغائه الزيارة دون إعتذار، وكأنه أراد أن يودع أوباما بإهانة، ومن قبلها زيارته لواشنطن دون الحصول على إذن من الإدارة الأمريكية، بحسب ما تقتضيه القوانين والأعراف الدولية والدبلوماسية، وإجتماعه بأعضاء منظمة "إيباك" وإلقائه خطبة حماسية سخر خلالها من رئيس الدولة العظمى أكثر من مرة وفي عقر داره أمام الكونجرس؟ ليبتلع أوباما كافة الإهانات على مضض، وكأنه تلميذ أمام أستاذه، أو متهم أمام القاضي. 

أما بوتين نفسه، فإن بعض المعلومات تشير إلى أنه يهودي الأصل وعلى قرابة من إبنة خال كسينجر اليهودية الروسية، كما أن اليهود استقبلوا خبر رجوع بوتين بعد أن قضى أربع سنوات رئيسا للوزراء بسعادة وإرتياح، بل صرح الكثير من الإعلاميين اليهود بأن بوتين أنعش الحالة المعنوية لليهود بمجرد الإعلان عن عودته، يقول يوفجيني ستانوفسكي وهو رئيس معهد إسرائيل ودراسات الشرق الأدنى وأحد مفكري موسكو: إن ’’اليهود لم يعد عليهم أن يقلقوا الآن، لأن بوتين ليس معادياً للسامية ولا مناهضاً لإسرائيل، علما أن بوتين هو أول زعيم روسي يزور دولة إسرائيل وأكثر من مرة، كما أنه قد زار معبداً يهودياً في موسكو، وإستقبل أحد أهم حاخامات إسرائيل، "الحاخام بيريل لازار".

روسيا تنسق حركة طيرانها الجوية مع إسرائيل، وفوق هذا كله فإن الطيران الروسي لا يستطيع أن يحلق جنوب صيدا في لبنان، وهو حين إحتاج لإجراء مناورات حربية، أربك حركة الطيران في المنطقة كلها من إيران إلى لبنان، وفقط كي لا يتسبب بأي إرباكات لإسرائيل؟!

المثير للإشمئزاز هو ما ذهب إليه المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، الذي قال: "أنه لولا التدخل الروسي في سوريا لكانت الرايات السوداء ترفرف فوق دمشق". وكأنه كان هناك رايات سود عندما إندلعت ثورة الشعب السوري وبقيت سلمية لأكثر من تسعة أشهر، يقول هذا مبررا احتلال بلاده لسورية والفظاعات التي ترتكبها بحق المدنيين العزل، ومتناسيا في نفس الوقت عشرات الرايات الشيعية متعددة الألوان، والتي ترفرف فوق مساجد المسلمين السنة في كل مدينة وقرية دخلتها هذه الميليشيات الطائفية.

يبقى العتب الأكبر على فصائلنا المسلحة، التي لازال معظمها يأتمر بأوامر هذه الجهة أو تلك، فتتقاتل وتتناحر على النفوذ والسلطة، ولا تفتح معركة أو تنهيها إلا وفق الأوامر والتعليمات، ولم تصل بعد إلى مرحلة النضوج العقدي، الذي يقدم مصلحة الأمة وأوطانها على المصالح الحزبية والفصائلية الضيقة، فبقيت تعول على دور أمريكي يعتقدون أنه موجود.

لقد بات لزاما على هذه الفصائل أن تعي حقيقة أن روسيا وأمريكا لن تكترثا لمأساة السوريين، لأنهما شريك للأسد في جرائمه وسيستمرون في حملات التدمير والتهجير الممنهج للمدن والقى الثائرة، وهو ما يجب أن يقابل بتغيير جذري في خطط القتال والمواجهة، حماية للأرواح وصونا للمدن من الدمار، وهذا لن يكون دون فتح معارك الساحل ودمشق، أو أقله الانتقال إلى حرب الكر والفر، والابتعاد عن المدن وترك سياسة الاحتفاظ بالأرض، لأنها أثبتت فشلها في مواجهة جيوش كبيرة منظمة مصرة على حرق الأخضر واليابس. 

 

أوباما أو من سيخلفه ومعهم بوتين، ليسوا رؤساء دول عظمى، بل أقرب ما يكونون إلى مهرجي سيرك تديره إسرائيل من خلال أذرعها ولوبياتها الممسكة برقابهم، وما هذه المهاترات والتهديدات المتبادلة التي نسمعها عن خلافات وصراعات أمريكية – روسية حول سورية سوى مسرحيات سياسية لا هدف لها سوى التخدير وذر الرماد في العيون، وبالتالي تسويف يطيل أمد المعاناة وصولا إلى تدمير كامل لما تبقى من سورية، وتوريط الجميع في مزيد من الصراعات الإثنية والطائفية، التي يأملون أنها ستستمر إلى ما لا نهاية طالما أنها تخدم مصلحة الدولة العبرية.

لكن ومع ذلك من يدري، فحتى اللصوص يمكن أن يختلفوا على إقتسام الغنائم، وقد يحدث بينهم مالا يحمد عقباه، وإنا لنرجو ذلك ونسأل الله أن يكون ذلك بعيدا عن الشام وأهلها.    

التعليقات (7)

    مجنون

    ·منذ 7 سنوات 6 أشهر
    اليس اتباع اوامر شخص ما او حاجتك له يعني بانك لست حرا ,قامت الثوره من اجل الحريه ليس لنستبدل بشار بسيدغيره اين هم طلبه الحريه صارت مهمتهم استعباد الناس والتحكم بهم واعتقالهم ووتهجيرهم وحتى قتلهم وجيش الفتح الذي وعد بتحرير حلب لم يفعل و ترك روسيا تدمر حلب والان يريد ان يتوجه لحماه فهي لم تتدمر بعد ،هل ثوار هذه الايام سوريين هل لديهم مبادىء ضمير اخلاق هل لديهم دماغ قلوب اكباد تحترق ألما لنا .في بضعه ايام تم فك الحصار عن حلب وقبلها تحرير قلاع وحصون في درعا ،الاوامر بإيقاف المعارك فجأه تحرق قلوبنا

    ابو يقين

    ·منذ 7 سنوات 6 أشهر
    مقال رائع معلومات اول مرة نقرا عنها.. اتمنى ان يكن مذيلا بالمصادر حتى ينتشر بقوة

    شخص بسيط

    ·منذ 7 سنوات 6 أشهر
    أذا كانت الدول العظمى تخضع للوبي اليهودي الاسرائيلي و لا تستطيع التخلص من سيطرته و جبروته فكيف تريد لبضعة فصائل لا حول و لا قوة لها أن تقاوم هذا اللوبي و تتمرد عليه..؟؟!!!

    الشيخ

    ·منذ 7 سنوات 6 أشهر
    الحكي كتير منطقي هاد هو الواقع

    afaf

    ·منذ 7 سنوات 6 أشهر
    نعم هي مسرحيات هزلية مشتركة من الاحتلاليين الروسي والاميركي على حساب الدماء السورية

    ابو نبيه

    ·منذ 7 سنوات 6 أشهر
    فعلاً كلام في العمق. منذ سنة 1966 دخل حافظ الأسد (عند زيارته لندن) حلفاً أبدياً مع الأيدي الإسرائيلية الخفية، في لعبة قاعدتها: هضبة الجولان مقابل عرش سوريا له ولطائفته. هذه الصيغة نجحت وتمت الصفقة، وتطورت فيما بعد إلى: ضمان أمن شمال إسرائيل، منع أي أطراف تحاول ضرب إسرائيل، ومعاداة فتح في لبنان وحربها نيابة عن إسرائيل. فماذا تريد إسرائيل أحسن من الأسد وعصابته؟ عندما فشل الجيش العلوي وحزب اللات وميليشيات إيران، أوعزت إسرائيل لروسيا ذاتها بالدفاع عنه، ولأميركا بالصمت.

    مجدي

    ·منذ 7 سنوات 6 أشهر
    بوتين أمه يهودية اسمها: ماريا شوليموفا. ومن كانت امه يهودية فهو يهودي. وأول من زكاه لمنصب الرئاسة كان المليونير اليهودي بوريس بيريزوفسكي (مذكور أعلاه). اليهود ماسكين قطبي العالم: أمريكا وروسيا، ويصورون للناس انهما عدوتان.... كله كذب ودجل، الكل في خدمة إسرائيل الكبرى. وأول من خدم إسرائيل كانت بريطانيا تحديدا
7

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات