في أحياء حلب الشرقية.. مواجهة الحصار بالزراعة

في أحياء حلب الشرقية.. مواجهة الحصار بالزراعة
لم يمنع القصف العنيف الذي تتعرض له الأحياء المحاصرة في مدينة حلب، "ميلاد الشهابي" وصديقه "أبو البرائين" من مواصلة العناية بأرضهم الزراعية التي تشكل اليوم أحد أهم موارد الخضروات بالنسبة إلى أسواق الأحياء المحاصرة، بعد أن انقطعت وارداتها من المنتجات الزراعية بشكل كامل.

 

فكرة بسيطة

ميلاد، وهو ناشط إعلامي قرر استثمار الأراضي الفارغة الموجودة داخل الأحياء المحاصرة بمدينة حلب في الزراعة، بمساعدة مجموعة من الأصدقاء من (فريق أحمر وrcmh)، حيث بدأوا بتحويل إحدى الحدائق والتي تبلغ مساحتها "أربعة هكتارات" إلى أرض زراعية قادرة على انتاج مايقارب العشرة بالمئة من احتياجات السكان المحاصرين داخل مدينة حلب، والذين يقدر عددهم بنحو "أربعمئة ألف" نسمة.

 

"تم طرح فكرة المشروع على العديد من المنظمات الإنسانية العاملة في مدينة حلب، وتحديداً قبل فرض المليشيات الطائفية الحصار الأول على مدينة حلب بعدة أسابيع، لكن خلال تلك الفترة التي كان فيها طريق الكاستيلو بالخدمة، لم يلق المشروع آذاناً صاغية.

 

هذا ما يقوله ميلاد الشهابي، الذي قرر البقاء داخل مدينته ولم يغادرها عندما كان ذلك ممكناً حتى بداية شهر تموز من العام الجاري.

 

 وأضاف: مع اقتراب شبح الحصار عرضت عدة منظمات استعدادها تبني المشروع لكن وفق شروط تجعل منه تابعاً لجهة تتحكم بموارده وهو ماتم رفضه، وعلى أساسه قررت وبمساعدة من الأصدقاء في فريقي "أحمر و وrcmh " تقسيم العمل على مراحل، بدأناها بحراثة ما يقارب الهكتار، أي عشرة آلاف متر مربع، وزراعتها بالخضروات (خيار، بندورة، باذنجان وكوسا) إضافة إلى أنواع الحشائش التي تنمو صيفاً وتستخدم في الوجبات.

 

وتابع: مع فرض النظام حصاره على مدينة حلب، بدأت تنمو الخضروات التي زرعناها، وكان مستوى الإنتاج جيد جداً بالنسبة لنا باعتبارنا حديثي العمل في هذا المجال، فقد كان قطف المحاصيل في الوقت الذي كانت فيه أحياء مدينة حلب بأمس الحاجة للخضروات، كافياً لجعلنا نستشعر نجاح مشروعنا والتفكير بتنميته.

https://orient-news.net/news_images/16_10/1475918434.jpg'>

 

تنامي المشروع

 سيطرة الثوار على منطقة الراموسة وكسرهم الطوق العسكري الذي تفرضه المليشيات الطائفية حول مدينة حلب لفترة محدودة، لم يمنع القائمين على هذا المشروع من تنميته وحراثة أكبر قدر ممكن من الأراضي القابلة للتحول إلى مساحات زراعية في الحي، والتي تبلغ مايقارب "أربع هكتارات" خشية معاودة مليشيا النظام فرض الحصار، وهو ما حدث فعلاً.

 

"تجربة الحصار الأول علمتنا الكثير في هذا المجال، باعتبارنا أبناء مدن والكثير منا غير ملم بالأمور الزراعية، وعندما نجح الثوار بفتح طريق امداد جديد، حاولنا ادخال أكبر قدر من مستلزمات الزراعة والأمور اللوجستية التي افتقدناها" كما يوضح "أبو البرائين" الذي يعمل اليوم على جعل ساحات مدينة حلب مزارع مثمرة.

 

ويضيف: عشنا طيلة الأيام التي مرت على حلب بعد كسر الحصار عنها عملية سباق مع الزمن، فقد كانت متطلبات المشاريع كثيرة وضرورية، بدأناها بإدخال التراب الأحمر والبذار بمختلف أنواعه والأسمدة والمواد الحافظة، بالإضافة إلى العمل على تخزين الوقود الكافي لاستخراج المياه من الآبار وتشغيل عنفات ضخ المياه والآليات اللازمة للزراعة من محاريث وصهاريج مياه.

 

ويتابع أبو البرائين: عملنا أيضاً على وصل شبكات للري من الآبار الارتوازية التي تكون بالغالب قادرة على تأمين المياه للأرض المزروعة، إضافة إلى تفعيل مايعرف بالسبك الزراعية التي تكون أكثر تنظيماً وانتاجاً من الطرق البدائية.

 

الاكتفاء الذاتي

 فترة الحصار الأول التي عاشتها حلب على قصرها، والتجارب التي مرت على أصحاب المشاريع الزراعية في المناطق المحاصرة الأخرى، جعلت أصحاب هذه التجربة قادرين على تلافي الأخطاء التي مرت بهم، من خلال معرفة الأنواع التي تم افتقادها داخل الأسواق والعمل على انتاجها أو توفيرها.

وعن هذا الموضوع يقول أبو البرائين: رغم انتشار المزروعات داخل الأحياء المحاصرة، إلا أننا لاحظنا  ماهي المواد الأساسية الأكثر استهلاكاً، ومن خلال المتابعة عرفنا أنها الخضروات  مثل (البقوليات، البصل والبطاطا) الأمر الذي عملنا على التركيز على انتاجه والحصول على بذاره أثناء كسر الثوار للحصار الأول.

 

وأكد أبو البرائين أن المساحات التي يعملون على زراعتها ستكون قادرة على سد ثغرة كبيرة خلفها اغلاق الطرق التجارية أمام المدنيين وتعوض بعض ما ينقص الأسواق من خضار، وهذا طبعاً في حال عدم قيام طيران النظام أو حليفته روسيا بقصف المساحات المستثمرة مجدداً، كما حصل معهم خلال الأيام الماضية.

 

المشاريع التي لجأ إليها أهالي مدينة حلب في سبيل مقاومة الحصار، هي اليوم على رأس أولويات السكان، الذين أيقنوا تماماً بأن المجتمع الدولي لن يكون قادراً على ادخال المساعدات الإنسانية لهم، وهو ما أكده قصف الطائرات الروسية قافلة المساعدات الأممية التي كانت تحاول الدخول إلى مدينة حلب قبل اعلانهم الحرب عليها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات