ليس الحقّ على الموارنة إذا كانت شجرة التفّاح تأبى العيش في غير مناطقهم الجبلية النائية ولا تشرَب إلّا ماء الثلج، وليس الحق عليهم إذا كانت من تضع لقمة الخبز على موائدهم وتدفع أقساط أولادهم وتُبقي الأمل نابضاً في قلوبهم... وإنّما الحق، كلّ الحق هو على زعماء ونوّاب ووزراء الموارنة الذين لم يعرفوا سوى تحصيل غنائمهم على حساب لقمة عيش أولئك الفقراء الذين يسكنون جبالاً يخاف الدبّ القطبي أن يطأها في فصل الشتاء.
وطبعاً لا علاقة لمؤسس شركة "آبل" الراحل ستيف جوبز بالأمر، ولا ناقة لأمنا حوّاء ولا جَمَلَ لها في التفاحة التي أخرجت آدم من الجنة. إنما نتحدث هنا عن وزير الخارجية اللبناني، دونكيشوت المعارك الوهمية، الذي أراد اللعب على وتر الجو واستغلال مأساتهم، من خلال "التفاح السياسي" وينضح بالمزيد من العنصرية والكراهية محولاً التفاح الذي تناسلت البشرية كلها من خطيئته الى تفاح مسموم يجر الى الخطيئة المميتة.
يوماً بعد آخر يُثبّت وزير خارجية لبنان، حضوره في نادي السياسيين العرب المثيرين للجدل. ولتوصيف أدقّ، المثيرين للسخرية ولموجات ضحك عابرة للحدود اللبنانية، عربياً وحتى دولياً. فأثناء مشاركته في اجتماع وزراء الخارجية في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، غرّد مبشراً اللبنانيين بأنه قد وجد الحلّ لأزمة تصريف موسم التفاح. نعم التفاح، فهل ثمة مشكلة أبدى؟ المهم، ناقش الوزير مع الدول المشاركة والمنظمات الدولية، ورأى أن تصريف الإنتاج يكون بإلزام منظمات النازحين بشرائه.
تصريحات الوزير "الشوفيني" العنصرية ليست الأولى من نوعها، فقد سبقها بأيام تصريح يقول فيه إن من حق اللبنانيات منح الجنسية لأزواجهن من الأجانب باستثناء السوريين والفلسطينيين، متبعا ذلك القول بكلمة تفوق حدود العنصرية بالقول "للهوية اللبنانية ثمن.."، ناسياً انه وأمثاله جعلوا من اللبنانيين ينتظرون تأشيرات على ابواب السفارات كافرين بلبنان والهوية اللبنانية.
خنجر باسيل بظهر اللاجئين السوريين الى لبنان الهاربين من سكاكين داعش وبراميل النظام، سبقه خنجراً بظهر العروبة، ففي ذروة الصراع العربي-الإيراني وفي لحظة غرز الخنجر الإيراني في الظهر العربي في سورية والعراق واليمن والبحرين، خنع الوزير باسيل لإرادة حرب الله ومن ورائه إيران ورفض التصويت على إدانة الاعتداء الإيراني على السفارة السعودية في اجتماع منظمة التعاون الإسلامي، متسلحاً بشعار "النأي عن النفس" عندما يكون القرار بغير صالح وليه الفقيه.
في مقاربة سخرية التاريخ، نرى ان الزمن يتغير بشكل غريب، ففي بداية الخلق استطاعت تفاحة واحدة ان تخرج آدم و حواء من الجنة، بينما في عصر "أسوء الخلق" عنصرية التفاح لها بيئتها الحاضنة و"الحالة الباسيلية".. باقية وتتمدد.
التعليقات (2)