واشنطن.. وصراع بين المؤسسة السياسية والعسكرية في سوريا
تؤكد صحيفة "الحياة" اللندنية في تقرير لها اليوم الجمعة أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، كان أكثر المتحمسين للانخراط الديبلوماسي مع نظيره سيرغي لافروف وأنه كان يعبر في جلسات مغلقة عن أنه يعمل ضمن "صندوق الأدوات الذي أتاه الرئيس وهو الحوار الديبلوماسي من دون تهديد بالقوة"، كما يقترب من هذا الموقف "بريت ماغورك" المبعوث في التحالف ضد "داعش" لجهة أولوية محاربة هذا التنظيم وتحقيق "انتصارات" ضده بمساعدة ايران وميليشياتها في العراق وبمساعدة الأكراد في سورية.
في المقابل، عارض "كارتر" هذا الخيار ورفض أي تعاون مباشر بين الجيشين الأميركي والروسي في سورية في أجواء استعادة الحرب الباردة في مناطق أخرى.
كما أن مدير "وكالة الاستخبارات المركزية" (سي آي ايه) جون برينان عارض تبادل المعلومات الاستخباراتية حرصاً على السرية والقلق من اطلاع جهاز الاستخبارات الروسي على آلية عمل "سي آي ايه".
تشير الصحيفة إلى أن أوباما وضع ثقله وراء خيار "كيري – ماغورك" رغم تحفظات "كارتر – برينان" وأعطى تعليمات لكيري بتوقيع اتفاق التعاون في ٩ أيلول (سبتمبر)، لكن انهيار وقف النار وضرب قافلة المساعدات الإنسانية في ريف حلب "بعد الضربة الغامضة على موقع للجيش السوري في دير الزور"، وانتقال روسيا من دور المتحفظ في معركة حلب إلى قيادة معركة استعادة المدينة، واقتحام أحيائها الشرقية وتدمير كل البنى التحتية والخدمية والطبية، وضعت أوباما في موضع محرج أمام معارضي التعاون وصار تحت ضغط من مؤسسات أميركية ومن الحزب الديموقراطي قبل الانتخابات ومن حلفاء واشنطن في أوروبا والشرق الأوسط الذين كانوا منزعجين أصلاً من حصرية التعاون مع روسيا وغياب الشفافية بين الحلفاء.
أول خطوة، كانت المواجهة الكلامية بين واشنطن وحلفائها وموسكو في مجلس الأمن ووصف الهجمات الروسية بـ"البربرية"، ثم عقد كيري اجتماعاً مع الحلفاء الأوروبيين والاتحاد الأوروبي لبحث الأزمة السورية وإصدار بيان ختامي، حمل روسيا مسؤولية التصعيد والقصف.
سلة الخيارات السياسية البديلة لواشنطن
ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية غربية أن أوباما أعطى الضوء الأخضر لبحث خيارات الرد على بوتين حيث عقدت جلسات لمراكز أبحاث في عواصم غربية وجلسات عمل لمسؤولين عسكريين وأمنيين وديبلوماسيين لمراجعة "سلة الخيارات" أبرزها.
1- الإعلان رسمياً أن روسيا ليست شريكة في البحث عن حل ديبلوماسي في سورية وبدء النظر لها على أنها "مخرب للحل".
2- وقف عمل "المجموعة الدولية لدعم سورية" التي يرأسها الجانبان الأميركي والروسي منذ بدء عملية فيينا في خريف العام الماضي وتوقيف العمل بمجموعتي العمل الخاصة بالمساعدات الإنسانية والخاصة بوقف العمليات القتالية اللتين تعقدان برئاسة أميركية - روسية أسبوعياً في جنيف.
3- انتقال واشنطن بدلاً من ذلك للتنسيق مع حلفائها الغربيين والإقليميين، على عكس ما كان يحصل منذ أكثر من سنة عندما اشترطت موسكو أن يكون التعاون ثنائياً بين أميركا وروسيا.
4- وقف دعوات رفع العقوبات عن روسيا من أوروبا والبحث في تعميق العقوبات، إضافة الى الحديث مع دول اقليمية لمعاقبة موسكو في أسواق النفط.
5- بدء حملة إعلامية - سياسة وإعلامية ضد روسيا وبدء إثارة الموضوع السوري ودور روسيا في جلسات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وتحميل روسيا مسؤولية مباشرة للقصف والغارات والقتل، إضافة الى تحريك ملف قصف قافلة المساعدات في مجلس الأمن وتحريك ملف الأسلحة الكيماوية والكلور.
6- بدء حملة غربية في الأمم المتحدة لـ"طرد" نظام الأسد، مقابل رفع مستوى التعاون مع "الهيئة التفاوضية العليا" المعارضة وعقد لقاءات سياسية رفيعة المستوى معها وإبقاء المعارضة المعتدلة على قيد الحياة.
7- بدء دول غربية فرض عقوبات اقتصادية إضافية على نظام الأسد والضغط على دول غربية أو عربية لوقف التطبيع معه.
الخيارات العسكرية
على الصعيد العسكري، وضعت على طاولة وزارات الدفاع والخبراء العسكريين خيارات عدة أهمها.
- بحث إقامة منطقة حظر جوي محدود فوق حلب.
- إقامة منطقة حظر جوي جنوب سورية.
- إعطاء الضوء الأخضر لتركيا في قيادة عملية عسكرية مع الجيش الحر لطرد "داعش" من الرقة.
- توجيه ضربات لمدرجات الطيران السوري، توجيه ضربات لقواعد قوات النظام السوري.
- توجيه ضربات لميليشيات حليفة لقوات النظام.
- بحث اقتراح لإرسال قافلة مساعدات إنسانية بحماية عسكرية من تركيا إلى ريف حلب.
البدائل الأمنية
تقديم معلومات استخباراتية أكثر لفصائل معارضة عن مناطق انتشار قوات النظام وحلفائها.
تقديم دعم عسكري أكثر من حيث الكم والنوع لفصائل الجيش الحر، ورفع الفيتو الذي كان قائماً بمنع وصول أسلحة نوعية.
وفي السياق ذاته، تطابقت معلومات عن وصول كميات كبيرة من الذخيرة والسلاح شملت مضادات للدروع وراجمات غراد الى "جيش إدلب الحر" الذي تشكل أخيراً من تحالف ثلاثة فصائل معتدلة.
كما تطابقت معلومات عن وجود مضادات جوية، لكن مداها لا يصل الى الطيران الحربي الروسي أو السوري، الهدف، جعل أي تقدم لقوات النظام وأنصارها وروسيا مكلفاً وبقاء الميزان العسكري غير منحاز في شكل كامل لمصلحتهم إلى حين وصول رئيس أميركي جديد.
خطط أوباما البديلة في سوريا
في شأن متصل، كشف مسؤولون أميركيون لوكالة "رويترز"، أن إدارة الرئيس باراك أوباما بدأت تبحث اتخاذ "ردود أقوى" ضد التصعيد السوري-الروسي في حلب.
ونقلت الوكالة عن أحد المسؤولين أن خيارات أوباما "تبدأ من عند تشديد اللهجة" ضد روسيا، مضيفاً أن إمكانية اتخاذ أي إجراء تعني ان على واشنطن أولا أن "تنفذ تهديد كيري وتوقف المحادثات مع الروس" بشأن سوريا.
وبحسب المسؤولين، فإن إخفاق المساعي الدبلوماسية في سوريا لم يدع أمام أوباما خياراً سوى "البحث عن بدائل معظمها يتضمن استخدام القوة بشكل أو بآخر"، وأن هذه البدائل "جرى بحثها من قبل لكن تقرر تعليقها".
أسلحة للمعارضة وضربة جوية أميركية لإحدى القواعد الجوية للنظام
وتتنوّع "البدائل" بين السماح لدول الخليج بتزويد المعارضة بأسلحة أكثر تطوراً، وهي الخطوة الأكثر ترجيحاً، مقابل الخيار الأخطر المتمثل بتوجيه ضربة جوية أميركية لإحدى القواعد الجوية لقوات النظام، لما يمكن أن يُحدث من خسائر بشرية في صفوف القوات الروسية المتواجدة في هذه القواعد.
وأكد المسؤولون أن الخيارات الجاري بحثها "محدودة" وهي لن تصل إلى حدّ إرسال قوات أميركية ضخمة إلى سوريا. إلا أن سرعة تقدّم النظام بدعم روسي في حلب، جعل من قائمة الخيارات تقتصر على دعم الهجمات المضادة التي تشنّها المعارضة في مواقع أخرى بمزيد من الأسلحة، أو حتى الضربات الجوية التي "قد لا تغيّر مسار المعركة لكنها ربما تدفع الروس للتوقف والتدبر".
وأوضح مسؤول آخر لـ"رويترز"، أن خيار تسليح المعارضة لن يشمل الصواريخ المضادة للطائرات، التي تخشى إدارة أوباما أن تقع في أيدي مقاتلي "داعش" و"النصرة".
التعليقات (6)