من قال إن الأسد سينتصر

من قال إن الأسد سينتصر
ما جرى في سوريا أن الغزاة صار بعضهم يحارب البعض الآخر فيما يدفع السوريون الثمن. لقد صارت سوريا بلادا منتهكة.

منذ الرصاصة الأولى التي أُطلقت على المحتجين السلميين فقد النظام السوري شرعيته. لم يكن ضروريا كل ما وقع في درعا. فالنظام لم يكن مهددا يومها. كان في إمكان الرئيس السوري أن يحتوي الأزمة. وهي لم تكن سوى أزمة عارضة. وهو ما تمناه السوريون، غير أن الرئيس تصرف بطريقة غير مكترثة. لم يكن ذلك الإهمال وراثيا كما يروج البعض. بشار ليس أباه.

حداثوية بشار لم تنقذه من الوصفات الجاهزة التي احترف الحزب الحاكم صناعتها. وهي وصفات لم يكن الأسد الأب يأخذ بها دائما. كان حافظ الأسد في مكان فيما كان الحزب في مكان آخر، غير أن بشار كان صناعة ذلك الحزب. وهنا بالضبط وقع مقتله. لذلك فإن من يراهن على انتصار بشار في هذه الحرب الكونية، حسب تعبيره، فإنه يخون البداهة متعمدا، لا لأن وقائع الحرب تقول غير ذلك، بل لأن البلد نفسه قد تغير. سوريا لم تعد سوريا. لقد ورث الأسد بلدا آخر.

بسبب الحرب غادرت سوريا زمن “الأسد إلى الأبد”. ولن تكون إعادتها إلى ذلك الحصن ممكنة. إنه قدر تاريخي لن يكون حزب البعث قادرا على التعامل معه بإيجابية، غير أن الأمور سارت في هذا الاتجاه. وهو ما سيرضخ له الجميع. هو قدر سوريا أكثر من أن يكون قدر الأسد الذي يمكن أن يجد له ولعائلته ملاذا آمنا في أي لحظة وبيسر شديد.

لن يكون الأسد حلا لسوريا في مستقبل أيامها، حتى بعد أن فشلت الثورة في تفسير ما جرى تحت غطائها من إرهاب. لقد انتهت الثورة السورية في وقت مبكر من حياتها غير أن نظام الأسد انتهى قبلها. لم تقض الثورة على النظام الذي فشل من جهته في معالجتها. ما حدث أن الإثنين تواطآ لكي تكون الساحة السورية ملعبا للآخرين. الغرباء صاروا هم السادة في سوريا. ما الذي يمكن أن يقوله أهالي دير الزور والرقة وأرياف دمشق وحمص وحماة وحلب وإدلب؟

ما جرى في سوريا أن الغزاة صار بعضهم يحارب البعض الآخر فيما يدفع السوريون الثمن. لقد صارت سوريا بلادا منتهكة. ولم يكن ذلك ليقع لو أن الرئيس السوري مارس دوره بما يفرضه عليه الانضباط الوظيفي. ما كان ذلك ليقع لو أن الثورة السورية لم تدخل إلى المزاد العلني. كل المعطيات على الأرض تؤكد أن ليس هناك منتصرون.

في الوقت نفسه تحرص الأطراف الراعية للحرب ألا يكون هناك طرف يُهزم أولا. سيستسلم الجميع لهزيمتهم في الوقت نفسه. وهو ما يجري الاعتراف به الآن ضمنا. فالنظام وضع مصيره في يد روسيا ومن خلفها إيران والميليشيات التابعة لها، أما المعارضة فإنها حين تتحدث عن ثوارها فإنها تشير إلى الفصائل والتنظيمات الدينية المتشددة التي لا تزال تقاتل، وهي ليست من جسد الثورة ولا تمت بصلة إلى تطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة.

لن ينتصر الأسد إلا إذا اعتبرنا هزيمة سوريا مؤشرا على ذلك الانتصار. الحرب التي لم تنته فصولها بعد هي ليست حربه ضد معارضيه وهي بالقوة نفسها ليست حرب المعارضين على النظام. فبعد أن خرج الطرفان من المعادلة صارت سوريا مزادا دوليا تستعرض فيه أطراف عديدة بضاعتها. وليس أدل على ذلك من المشاركة العسكرية التركية ضد الأكراد، بعد أن توسع نفوذهم وتمددوا مخترقين الخطوط الحمراء التي رسمتها تركيا لهم.

ولأن سوريا الأسد لم تعد موجودة حتى في الإعلام السوري الرسمي، فإن احتجاج الحكومة السورية على تلك المشاركة لن يصل إلى أحد. لذلك فمن المضحك أن يأخذ البعض ما يقوله الرئيس السوري عن انتصاره في داريا مثلا على محمل الجد. فالأسد يعرف أكثر من سواه أن الزمن الذي كان من الممكن أن يتوج فيه منتصرا قد ولى إلى غير رجعة.

التعليقات (2)

    حسن

    ·منذ 7 سنوات 7 أشهر
    صدقت سورية كالجمل الذي وقع في الغابة والتمت القوارض عليه تنتهشه..شهدنا خلال السنوات الماضية.. ما يسمى بالربيع العربي.ان قلة من القادة..او الزعماء العرب القدماء قد تصرفو بشكل صح وهم كانو قد علمو اللعبة نتيجة خبرتهم الطويلة مالرئيس حسني مبارك. .فؤد الفتنة في اولها..وسلمت مصر.فما بالك والرئيس السوري اصبح في مأزق.واصبح مجرد الارادة.وهو انهك ودمر البلد والشعب وتنقصه كثيرا الخبرة وقبلها..نفسية وشخصية الزعيم..الى الآن هو يضحك..في خطبه. مما يدل على انه شخص غير سوي.

    طارق السيد أحمد

    ·منذ 7 سنوات 7 أشهر
    معظم الفصائل هي من أهل المناطق التي يحاربون فيها دفاعا هذا الكاتب يكذب ويتهم الفصائل بأنهم مرتزقة لاينتمون إلى الثورة لمجرد أنه يكره الإسلاميين على مايبدو او أنه يكره الربيع العربي
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات