وبالعودة إلى نظرية الفيلسوف الألماني فريدريك هيغل، يمكننا استنباط أن "حزب الله" هذا الكيان الموازي للدولة تعلم جيداً من التجارب الاسرائيلية، لا بل طورها ومزج بها "تقية" تشربها وتشبع منها في حوزات "قم" و"مشهد" لتكون تكليفاً شرعياً مغتصباً للحق والحقيقة والكيان، وعلى صورة الصهيونية ومثالها.
فبعد أن رفع هذا "الكيان الموازي" راية مقاومة الاحتلال بوجه إسرائيل المحتلة، تحول الى قوة احتلال مغتصبة للأرض السورية وشعبها المقاوم بصدوره العارية بنادق اتخذت سابقاً من "مقاومة" إسرائيل خبرة قتالية. ونسي أن إسرائيل المحتلة كانت تنعته بـ"التكفيري"، فأطلق اللقب على القوى المقاومة التي تقاتله للتحرر من احتلاله لأرضها.
ليس التحول من "المقاومة" الى "الاحتلال"، فكثرة احتكاكه المباشر وغير المباشر مع العدو الإسرائيلي جعله يخرج بدرس مهم وهو سياسة قضم الأراضي وبناء المستوطنات ناسياً قول الله: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ.
هل يذكر الرئيس نبيه بري نداءه الشهير إلى عناصر باسيج لبنان أي "حزب الله" وقوله لهم إن قيادتهم تضللهم. ذلك الخطاب الشهير كان بعد الهجمات التي تعرضت لها حركة أمل في ضاحية بيروت الجنوبية والجنوب من قبل باسيج لبنان.
وهل يعلم بري اليوم، عدد وأسماء الشركات التي أسستها مؤسسة الباسيج في لبنان وتولت شراء العقارات غير المبنية ابتداء من العام 1987 بعد حقبة الاستيطان التأسيسي لما سمي "مقاومة إسلامية" على أنقاض وجثث عناصر جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية وحركة أفواج المقاومة اللبنانية "أمل" بعد اختفاء الإمام موسى الصدر بشكل مثير للشكوك بدور مرشد طهران بتغيب الإمام الذي رفض مبايعة ولاية الفقيه.
واليوم، يعود الحديث وبقوّة عن مخطط يهدف إلى تغيير صورة جبل لبنان وتفريغ بعض قراه من سكانه الأصليين، جرّاء الممارسات القمعية والتحديات المذهبية التي تمارس بحقهم، الأمر الذي يذكّر بالهجمة التي قادها بيض أميركا ضد زنوج أميركا السكان الأصليين، تلك المأساة التي لا تزال قابعة في الأذهان قد تجد لها طريقاً للتنفيذ في لبنان، خاصة مع استراتيجية "حزب الله" للتوسيع حدود الضاحية الجنوبية باتجاه المناطق المجاورة في بيروت وجبل لبنان، وتأمين سيطرة عبر بناء المستوطنات على الطريق الساحلي لربط الضاحية بالجنوب اللبناني، إضافة الى ربط الضاحية بالبقاع عبر قرى جبل لبنان.
"القادمون الجدد"، هي عبارة يردّدها أهالي قرى الجبل القريبة من الساحل عند حديثهم عن التغيير الديموغرافي الذي دقّ أبواب بلداتهم منذ عدة أعوام، حيث بدأت عمليات شراء أراضٍ في مناطق الجبل "تتمّ عبر متنفذين ينضوون تحت عباءة "حزب الله"، يصار إلى تسهيل أمورهم المادية من خلال مصرف "صادرات إيران". وتهدف هذه العمليات إلى إقامة مجمّعات سكنية وأحياء بكاملها لعناصر الحزب وعائلاتهم على شكل قرى صغيرة من أجل تأمين التواصل السكاني الشيعي بين مناطق الجبل الساحلية والضاحية الجنوبية.
وتشير المعلومات عن رصد تحويل مبالغ تفوق 500 مليون دولار خلال السنوات الأخيرة من النظام الإيراني إلى الجهات المالية المختصّة في "حزب الله"، لتمويل دفعة جديدة من الصفقات التي استطاع الحزب عقدها مع مالكي أراض في مناطق عدة من لبنان لشرائها"، ومن بين هذه الصفقات إنشاء مدينة هي الأكبر من نوعها على الطريق الساحلي قرب سهل الدامور ستكون كفيلة بضخامتها بتغير وجه المنطقة الديمغرافي وتحويلها مركزاً عسكرياُ للسيطرة على طريق الساحل ومدخل الشوف في جبل لبنان الجنوبي.
في وقت استطاع "الباسيج اللبناني" إضعاف الدولة اللبنانية حتى باتت تنعت بالرجل المريض، وانغماس الحكام اللبنانيين بتناتش حصصهم من صفقات الفساد، لا أحد يكترث لهذه المعضلة. فهذا "الباسيج" يستفيد من الضوضاء لتنفيذ مخططه الخبيث، لنصبح جميعاً في لبنان لاجئين عند "حزب الله" وسيّده الإيراني، وعندها نصبح محكومين من قبل المرشد الأعلى للجمهورية اللبنانية.
التعليقات (7)