العلاقات التركية الروسية.. والقلق الكردي العجيب

العلاقات التركية الروسية.. والقلق الكردي العجيب
من المُبكر التنبؤ بنتائج زيارة الرئيس التركي إلى الرئيس الروسي بعد أشهر من القطيعة والجفاء. لكن من الخطأ التقليل من أهمية الزيارة في عودة العلاقات بين الطرفين، حتى بات من المحتمل أن تكون لهذه الزيارة أثر كبير على طبيعة النزاع الدائر في سوريا على اقل تقدير لجهة التوازنات والتحالفات التي ربما ستتغير عَقِب هذه الزيارة.

حالياً تتمتع الفصائل المسلحة المعارضة بمعنويات عالية وإرادة قتال صلبة بعد فك الحصار عن حلب. لكن من المؤكد أن الطيران الروسي –إن رغب بذلك-  سيكون له الكلمة الحسم في معركة تحرير حلب. فامتداد الخارطة الجغرافية لمعركة حلب تجعل من الجيش السوري عاجز عن حسم المعركة، ومن غير المؤكد أن تستطيع المعارضة السورية من دون دعم إقليمي وخاصة الجار القريب من حسم المعركة.

وجه  أردوغان رسالة قوية لجميع خصومه السياسيين في داخل وخارج تركيا، سواء من الكورد في كل من سوريا وتركيا، أو الجماعات التي حاولت الانقلاب أو أوروبا التي تركت وكما صرح اردوغان، تركت تركيا لوحدها تواجه مصير الانقلاب العسكري الفاشل، وحتى أمريكا غير مستثنية من رسالة زيارة اردوغان لروسيا، لما لطبيعة المنطقة من تداخلات إقليمية وجغرافية ودور كل من روسيا وأمريكا في الحرب الدائرة في سوريا.

كما لا يمكن فصل نتائج فك الحصار عن حلب عن نتائج زيارة اردوغان إلى القيصر الروسي فالمعركة الأخيرة أثبتت أن الفصائل الإسلامية هي العمود الفقري والنخاع الشوكي للمعارضة السورية المسلحة، وهو ما تخشاه روسيا وتبتعد عنه أمريكا وتقترب منه الدول الإقليمية.

من المرجح أن تكون الحرب في سوريا طويلة جداً، خاصة وأن حلب عصية على كافة الأطراف من السيطرة عليها، وهو ما يُزيد من الأعباء الاقتصادية التركية، خاصة مع احتضانها لملايين السوريين سواء في المخيمات أو في مدن تركيا وضواحيها وما يتميزون به من مزايا. الحالة هذه تضع الثورة السورية أمام منعطفات كثيرة منها بقاء الوضع هكذا وتأرجح حلب بين الطرفين قد يدفع بالنظام إلى ترك مناطق شاسعة بيد قوات سوريا الديمقراطية والاكتفاء بالدفاع عن مناطق خاصة به فقط، وهو الأمر الذي سيجعل من الداخل التركي لهيب من النار، والمنعطف الأخر فإن نقاط السيطرة قد يُعجل بتقسيم سوريا وهو الأمر أيضا الذي يجعل من أردوغان مستعداً للذهاب إلى روسيا بغية ضبط الواقع بشكل أكثر أو على أقل تقدير الضغط على روسيا لمنع تضخم ورقة حزب الإتحاد الديمقراطي.

لكن في الطرف المقابل فإن الموقف المُحرج لا يخص تركيا ورئيسها وحده، بل أن بوتين نفسه قد أرهق سلاح الجور الروسي من استطلاعاته وغاراته الجوية على معاقل المعارضة السورية، خاصة ما توثقه وتأرشفه كاميرات الصحفيين من قتل الأطفال والنساء والمدنيين والعزل. بعد أقل من شهر سيحتفل بوتين بعيد ميلاد سلاحه الجوي الأول في السماء السورية وهو ما يعني أن روسيا قد أدارت وجهها عن عامل الوقت والمدّة الزمنية لبقاء قواته خارج حظائر طائراته حتى وجد نفسه شريكاً في النزاع المسلح وبات مثله كمثل أي فصيل برّي يُحارب كمرتزق وليس كقوة عظمة، خاصة وأنها عاجزة عن حسم المعركة المسلحة بعد أن عجزت عن حسم المعركة السياسية وعجزها عن تثبيت حليفتها حزب الاتحاد الديمقراطي في مفاوضات جنيف3، وهي الخسارة السياسية التي مُنيت بها لعجزها عن رفد ودعم حلفائها العسكريين، سياسياً.

ربما تكون تركيا مُحتاجة أكثر من غيرها لصداقات وعلاقات اقتصادية ودبلوماسية، لكن روسيا هي الأخرى باتت بحاجة للانتشال من المستنقع السوري، وهي ما ستجد ضالتها في زيارة رجب طيب أردوغان إلى روسيا، وربما يتفقان معاً على ضرورة محاربة الإرهاب وهي النقطة الخلافية الجديدة بينهما من هي الجهات الإرهابية التي يجب أن تُحارب من قبل كلِيهما، وهل ستتخلى تركيا عن شرط تغيير النظام مقابل تخلي الروس عن دعم حزب الاتحاد الديمقراطي. وهل سيكون الاتحاد الديمقراطي حليف روسيا العسكري فقط، ضمن القائمة التركية التي يجب أن تُحارب. أم فقط سيُوضح حد لمزيد من تقدم ب ي  د في سوريا.

ربما  يُعاد صياغة ملامح الغدر الروسي بجمهورية مهاباد الفتية في منتصف القرن الماضي، لكن المختلف في الأمر أن الإتحاد السوفيتي آن ذاك كان يدعي وقوفه إلى جانب الشعوب المضطهدة بعكس ما تقوم روسيا به اليوم من قمع وقصف الشعب السوري، والمشترك بين الأمس واليوم فيما لو تخلت روسيا عن حليفتها   الــ ب ي د أنه في كِلا الحالتين الضحية واحدة.

حتى وأن غُدر بالإتحاد الديمقراطي ودفع عموم الشعب الكردي فاتورة تصرفاته، فإن لا أحد يملك الحق في النقد أو البحث عن الأسباب، من كان منزله من زجاج لا يرمي الآخرين بالحجارة، فإن كان البيت الكردي مُترهل ومتبعثر كف للأخر أن يخشاه. لكن النكتة التي يُرددها بعض البسطاء من الكورد، لماذا سيتخلى عنا الأخر ولا يقدم لنا حقوقنا، وكأن الدُنيا مُلزمة بالكرد، والكورد مُلزمون بالتناحر الداخلي.

التعليقات (10)

    عبدالله

    ·منذ 7 سنوات 8 أشهر
    يجب ان لا نعطي للزيارة حجم اكبر من اللازم فالحقد الروسي على تركيا حقد تاريخي وكذلك ديني ثابت..لن يتغير..اما بالنسبة للاكراد في سورية..فالكل يعلم ان ما تسمى بالفيدرالية ماهي الا بيت من رمل كما يفعله الاولاد بلعبهم مع رمال الشاطئ المتلاطم الامواج..فترى ان الامواج العاصفة تقوم بغمرها بالمياه

    kk

    ·منذ 7 سنوات 8 أشهر
    حكينا و قلنا في مليون تعليك ما ألكم غير سورية .. لاتغدروا .. عم يستخدموكم فقط.. لساكم في حضن الثورة فرجونا نوايا طيبة حقيقية و ولاء لله عز وجل ولنا من بعده

    الحقيقة غير ذلك

    ·منذ 7 سنوات 8 أشهر
    لافرق بين كردي وعربي وتركي طالما يعيش بأخلاق محترمة طالما أن كلا يستطيع افتتاح مدارس بلغته مع مراعاة اللغة الإسلامية (العربية) التي هي أهم لغة رسمية توحد المسلمين وأداة قوة سياسياً وثقافياً واقتصادياً التوازن بين الحكم المركزي والمحلي ليس إيديولوجية قومية وعنصرية هو تقانات إدارية خلال الحرب والسلم وحسب الخصوصيات أما الفدرالية فهي لبلدان تريد التوحد مثل اوروبة وأمريكا أما العراق وسورية فالفدرالية تفتيت خبيث لأنه لاتوجد منطقة ذات غالبية كردية بل مماطق مختلطة PYD PKK يكذبون في هذا الموضوع

    الو

    ·منذ 7 سنوات 8 أشهر
    لو كان فيك خير وقليل من الذكاء لما تركوا لك اورينت الداعشية ان تكتب في صفحتهم ولكنهم على سذج مثلك مبسوطين طبعا ترى انا لا اقرا اطلاقا ما تكتبه لكني من عنوانك الدسم فهمت ان علي الرد ببساطة اقول لك يا صاحب المقال لذكاءك الكثير ليش ما تبيع شوي منه في البازار التركي لك ما تفهم ؟ من قال لك ان ب،ي،د اعتمد على الروس في حربه على ارهاب المعارضة الاوردغانية والصراع ضد مرتزقة اوردغان بدء قبل الخلاف الروسي التركي لذا لا احد اعتمد على الروس بدعم خارجي او دونه في الحرب ضد هؤلاء المرتزقة سيستمر

    يامن زاده

    ·منذ 7 سنوات 8 أشهر
    صفحتكم هذه عبارة عن اقاويل وفبركات تنشرونها لضرب بعض الناس او المنظمات ببعضها البعض من خلال مكاسب مالية او الشهرة لصالح بعض الجماعات والامر واضح كعين الشمس

    kk

    ·منذ 7 سنوات 8 أشهر
    ليست الصورة وحدها تتكلم.. عينا اردوغان على يد بوتين مما يؤكد تواضعه وعينا بوتين على وجه اردوغان مما يؤكد محبته.. والاثنان متلهفان للمصالحة من غدر الاخرين بهم وخيانتهم لهم

    جاسم كوياني

    ·منذ 7 سنوات 8 أشهر
    أوربا و أمريكا متوحدة بفضل الفدرالية ألمانيا لوحدها متآلف من ١٦مقاطعة الفدرالية وحق الشعب الكوردي ان يكونوا ضمن أقاليمهم ويكونوا أصاحب أرادتهم الاقتصادية والسياسية والجغرافية الذين يهجمون الفدرالية الشعب الكوردي في السورية والعراق أفضل لكم اهتمام بالموضوع ٢٤ الدولة العربية المتنافسة في بينهم عليكم زرع الفكرة الاتحاد الفدرالي بينهم أليس كلهم مسلمين واللغة العربية يجمعهم لماذا كل هذا التفكيك حتى العربي لا يستطيع دخول من الدول الى الدولة العربية الاخرى بدون الفيزا

    ابوعمر

    ·منذ 7 سنوات 8 أشهر
    الاكراد الامارحم ربي خونه ولايمثلون صلاح الدين لانهم عملاء لامريكا ومصير العميل ان يباع في سوق النخاسه العوبه بيد امريكا والنظام يحبون ان يكونو عبيدا تحت الاقدام هذا مستواهم ومنزلتهم

    عبد

    ·منذ 7 سنوات 8 أشهر
    علاقات مصالح..بين تركيا وروسيا..لماذا لا تدققون على كلام اردوغان بان احدا لم يساعد تركيا في مسالة الانقلاب اليس ذلك شأنا داخليا تركيا له جذوره التاريخية..لكل من حكم تركيا..بين القيادة والجيش..والذي يتبجح باسلامية اردوغان او انسانيته لماذا لا يقدم الدليل على ذلك...اللاجئون السوريون مثلا..هو يقبض الاثمان عنهم..وقد اغرق السوق التركية بهم وجعلهم عبيد..مافعله الاتراك من قال عائلات كاملة مؤخرا على حدودها من اللاجئين الجدد هذه لا تحسبوها بربكم من غير تركيا الآن تضيق على اللاجئين السوريين..مقابل المال

    عبد

    ·منذ 7 سنوات 8 أشهر
    وانتم الى اي درجة من الضياع وصلتم...اذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الآخرين بالحجر
10

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات