حلب تتحضر للحصار وتستفيد من التجارب السابقة: تربية المواشي وزراعة الأسطح

حلب تتحضر للحصار وتستفيد من التجارب السابقة: تربية المواشي وزراعة الأسطح
بدأت العديد من المؤسسات الخدمية والمدنيين الذين اتخذوا قرار البقاء في مدينة حلب، إعداد العدة لمواجهة الحصار الذي كان يخيم على المدينة قبل أن يصبح واقعاً وبنسبة كبيرة جداً، مطلع الشهر الجاري، إثر سيطرة مليشيات النظام على منطقة الملاح القريبة من طريق الكاستيلو.

الكثير من الأسر في حلب كانت قد اقتدت بسكان المناطق المحاصرة من قبل قوات النظام، عبر التجهيز للحصار المحتمل بتخزين المواد التموينية وتفعيل مشاريع لتربية المواشي والدواجن، وأخرى زراعية تؤمن لهم احتياجاتهم اللازمة من اللحوم والخضار في حال استمرت سيطرة قوات النظام والمليشيات المساندة له على الطرق الواصلة بين مدينة حلب وريفها.

"عيسى" شاب ثلاثيني رفض البقاء في مخيم باب السلامة الحدودي نتيجة تدهور الأوضاع الخدمية والمعيشية فيه وقرر العودة مع زوجته وأطفاله الثلاثة إلى منزل عائلته في حي المرجة جنوب مدينة حلب، حيث بدأ بالعمل على زراعة باحة منزله الكبيرة كما وصفها.

ويتحدث عيسى: لم أنتظر اغلاق طريق الكاستيلو الذي يؤمن من خلاله احتياجات مدينة حلب الغذائية كي أبدأ بتنفيذ المشاريع التي توفر بديلاً، مثل الزراعة وتربية الأغنام والدجاج وحتى اقتناء الفخار الذي يحفظ برودة الماء، وهي أمور لا يمكن العيش بدونها، بالإضافة إلى تخزين المواد التموينية التي تكفي أسرتي مدة من الزمن. 

ويتابع: قمت بعد وقت قصير من عودتنا إلى المنزل بشراء البذار اللازمة من خضروات وحشائش وحتى غراس أشجار الزيتون والتين، وبمساعدة زوجتي قمنا بفرش باحة المنزل وسطحه بالتراب وتجهيزه للزراعة كما نفعل عادة في المنازل القروية خلال موسم الصيف الذي كنا نقضيه غالباً في حصاد المحاصيل.

استعدادات عيسى للحصار لم تقتصر على الزراعة فقط، إنما شملت تربية الأغنام والدجاج والعديد من الحيوانات التي يمكن الاستفادة منها في حال استمرار الحصار لوقت طويل، مستفيداً بذلك من نشأته في محيط ريفي حيث معظم سكان الحي الذي يعيش فيه هم من المهاجرين من الأرياف الأمر الذي يجعل من الخبرة متوفرة.

وعن هذا الموضوع يتحدث عيسى: بعد أسابيع من تجهيز المناطق التي أصبحت بمثابة أرض زراعية، بدرت لي فكرة تربية الحيوانات التي تجعلنا قادرين على تأمين احتياجاتنا من الحليب ومشتقاته واللحم بالإضافة إلى الصوف.

ويضيف عيسى: حالياً لا تشكل عملية اقتناء أي نوع من أنواع الحيوانات الأليفة والمنتجة مشكلة بالنسبة لنا، فطبيعة الحي القريب من المزارع والمساحات الترابية الخاوية المتوفرة فيه، تشكل مراع مناسبة للحيوانات، وهو ما يفسر فعلياً اقتناء معظم قاطني حي المرجة للأغنام والدجاج، ما شجعني أنا وخالي على شراء عدد لا بأس به من الغنم والبقر والدجاج والأرانب، بهدف توفير احتياجات عائلتي بالدرجة الأولى، والمساهمة في تأمين اكتفاءنا الذاتي في الحي والمدينة بغض النظر إن كان ذلك سيؤمن لنا أرباحاً أو لا، لأن الأولوية بالنسبة لنا، عدم تكرار تجربة الجوع في حلب، والتي تعرض لها أخوتنا في الغوطة وجنوب دمشق ومضايا وغيرها.

 تجارب الحصار التي مرت بها ولا تزال مختلف المناطق السورية، وإدراك الجميع لخطورة الموضوع على السكان المدنيين، تدفع الجميع للضغط على الفصائل العسكرية في حلب من أجل التعجيل بعمليات فك الحصار عن المدينة قبل تعزيز مليشيات النظام موقعها المطلة على طريق الكاستيلو، لكنها في الوقت نفسه تدفع الحلبيين للتأهب والاستعداد لكل السيناريوهات حتى لا يكون هناك شيئاً مفاجئاً.

وحسب تقديرات المجلس المحلي لمدينة حلب، فإن عدد السكان في القسم الخاضع لسيطرة الثوار منها يبلغ نحو 300 ألف نسمة، يعتمدون بشكل شبه كامل على ما توفره لهم المؤسسات الانسانية والجمعيات الخيرية من مساعدات غذائية وطبية تدخل إلى حلب عبر طريق الكاستيلو الذي بات خارج الخدمة بشكل كامل منذ عدة أسابيع.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات