تعنت الحوثيين يرجح حتمية معركة صنعاء

تعنت الحوثيين يرجح حتمية معركة صنعاء
سبعون يوماً من الجدل العقيم. هذا مختصر المشاورات اليمنية في الكويت، بإشراف الأمم المتحدة، ومواكبة دبلوماسية حاشدة عربياً ودولياً. جاء وفد الحكومة مسلحاً بشرعيته أولاً وبقرارات دولية مبنية على هذه الشرعية. في المقابل جاء وفد الانقلابيين، جماعة الحوثيين وأنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح، مستنداً إلى استيلائهم على الحكم بالحيلة وبقوة السلاح. والهدف بالنسبة إلى الحكومة إنهاء الحرب وإعادة الدولة ومؤسساتها، أما فريق الحوثي- صالح فيسعى إلى حل منبثق من وضع شاذ فرضه بانقلابه على الشرعية، أي على الشعب اليمني. وصف أحد الدبلوماسيين الأجانب، في حديث خاص، انطباعه العام عن المشاورات بأنه ذهل بالتناقض الحاد بين الرؤيتين: وفد الحكومة يتحدث طوال الوقت باعتباره معنياً بكل البلد وكل الشعب بمن في ذلك خصومه الجالسون إلى الطاولة. لكن هؤلاء ومن معهم حريصون على إبداء عدم اعترافهم بالآخر فكيف يتفقون معه، وتستنتج دائماً أن أولويتهم السيطرة والسلطة، وأنهم جاؤوا إلى الكويت بهدف ترويض القرار 2216 والحصول على "تسوية" تبقيهم على أسلحتهم وسيطرتهم ليعودوا لاحقاً فيستكملوا ما بدؤوه منذ اجتياحهم صنعاء. ورغم أن أطرافاً دولية عدة حاورت الحوثيين وشرحت لهم أن أي تسوية لن تبصر النور ما لم تفض أولاً إلى إعادة الدولة، إلا أنهم أخذوا المقاربة الدولية لهم بمثابة اعتراف بهم وبقوة موقفهم على الأرض.

عندما دعيت الأطراف اليمنية إلى الكويت للتشاور بدءاً من 18 أبريل كان مفروضاً أن وقفاً لإطلاق النار صار سارياً قبل أسبوع، لكن الحوثيين لم يحترموه إطلاقاً، بل راحوا يستغلون التزام "التحالف العربي" وقف الغارات الجوية لتحسين مواقعهم على بعض الجبهات، وواصلوا محاصرة تعز وقصفها، وفي الأسبوعين الأخيرين عادوا يهاجمون مناطق في الجنوب كانوا طردوا منها قبل شهور. لم يكن احترامهم أفضل لما وافقوا عليه مسبقاً بشأن المشاورات، بل نقضوا كل اقتراحات المبعوث إسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي يحاول وضع آليات تنفيذ لبنود القرار 2216. فخريطة الطريق تمر بهذه المراحل: وقف النار، الانسحاب من المدن، تسليم الأسلحة الثقيلة، عودة الحكومة الشرعية إلى صنعاء، تفعيل خطوات الحل السياسي.

لكن الحوثيين ربطوا وقف النار وإنهاء العمليات العسكرية بخروج "التحالف  العربي" من المعادلة، ثم طلبوا اتفاقاً مسبقاً على الحكومة المقبلة بحيث يكون نصفها  لهم ولحليفهم، وألحوا على المناصفة  أيضاً في تشكيل اللجنة العسكرية والأمنية المشرفة على تنفيذ أي اتفاق. وعندما  اعترضوا على الاقتراحات الأخيرة التي قدمها المبعوث جعلوا الأولوية لبت مسبق لموضوع الرئاسة.

وهكذا أثبت الحوثيون أنهم لم يأتوا إلى التشاور كأبناء بلد حرصاء على التوافق وإنهاء المحنة بل جاؤوا باستراتيجية تعجيز ما لم تستجب شروطهم التي يتجاوزون بها نتائج حوار وطني شاركوا فيه وكانت نيتهم مبيتة لإحباط توصياته. وليس واضحاً تماماً إذا كان تعليق المشاورات لأسبوعين سيساهم في إنضاج مواقف الحوثيين، فالتوقعات ترجح احتمال إشعال الجبهات والذهاب إلى جولة قتالية لإحداث تغيير ميداني يمكن أن ينعكس على المشاورات في وقت لاحق. كانت قوات الحكومة والمقاومة الشعبية وصلت إلى مشارف صنعاء وتوقفت آملة في حل تفاوضي يفك الحصار عن تعز ويجنب العاصمة ما قد تتعرض له من دمار، غير أن التعنت الحوثي واستدراجه المشاورات إلى الاستعصاء قد يجعلان معركة صنعاء شراً لا بد منه.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات