ولعل الهدية الدبابة التي غنمها الجيش السوري من الجيش الإسرائيلي في لبنان في العام 1982، أهدتها سوريا لروسيا وتم وضعها في المتحف العسكري الروسي في موسكو، ليهديها مؤخرًا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعكس عمق واستراتيجية هذا التحالف. فهذه الدبابة التي مات آلاف اللبنانيين تحت ضرباتها، غنمها مقاومون فلسطينيون ولبنانيون وصادرها الجيش السوري "الممانع" في لبنان، وسكت حزب الله عن إهدائها للقاتل الإسرائيلي. سكت عن هدر كرامة اللبنانيين ودمائهم. والساكت عن الجريمة، شريك فيها.
الأجواء الإيجابية بين الروس والإسرائيليين بدت واضحة منذ اللحظة الأولى لشن العدوان الروسي على الشعب السوري، فلم يحصل أيّ خطأ في التنسيق بين الدولتين. الطائرات الإسرائيلية تتصيد من تراه مناسبًا من "المقاومين" تحت جناح الطيران الروسي، وتحت ظلال هذا التعاون وفي أفيائه قتل سمير القنطار ومصطفى بدر الدين الذي تمت تبرئة اسرائيل من دمه تلافياً لإحراج ومنعاً لوعود كاذبة اصبحت مكشوفة ومبتذلة بالرد في المكان والزمان المناسبين.
وأيضاً إنتصارات الثوار العظيمة في ريف حلب الجنوبي حملت أكثر من رسالة ومعنى، أهمها أنّ النظام السوري وإيران عاجزان عن التقدم العسكري أو حتى حماية ما سيطروا عليه ميدانيًا من دون غطاء جوّي روسي. ولأن الصمت الروسي رافق هذه النكسة السورية الإيرانية، يمكن القول أنّ الطرف الروسي غير مستاء ما دامت النتائج تؤول إلى تثبيت مرجعيته، وما دامت هذه النكسة سبيلاً لإقرار نظام بشار وإيران أنّهما لا يستطيعان الخروج على ما يرسم في أروقة الكرملين والبيت الأبيض لمستقبل سورية.
ويلاحظ بعد ذلك أن العملية العسكرية الروسية رسمت حدوداً واضحة لها، لم تتجاوز حدود محافظة حمص نحو الجنوب إلا مرات نادرة. وفي مقابل ذلك، تم إخماد الجبهة الجنوبية قرب الجولان بشكل فعال، بعد إقامة خط ساخن مع عمّان، فتوقف إطلاق الرصاص في تلك الجبهات. وانتقلت المليشيات الإيرانية، وحزب الله، إلى الحرب في الشمال، بغطاء جوي من المقاتلات الروسية.
سقطت كذبة المقاومة والممانعة ايران، البعث، حزب الله، ناهيك عن التطور الملحوظ في العلاقات الاسرائيلية-الروسية، وبما أن إيران تعتبر نفسها العدو الاول لإسرائيل والداعم الاول لقوى الممانعة والمقاومة في المنطقة، فكيف سمحت لها امريكا واسرائيل ان تسيطر على العراق وعلى سوريا ولبنان جارتي اسرائيل لتصبح على الحدود الاسرائيلية مباشرة. "المقاومة" على طريقة إيران كثيرا ما زعموا أن أمريكا تتآمر مع "إرهابيين" على سوريا والآن يستنجدون بها ضد "إرهابيين" في العراق.. إنه النفاق كبير!
من بركات الثورة السورية انفضاح محور الممانعة وبيان زيفه وكذبه للجميع، فعلى مدار السنوات المنصرمة كانت تطرق أسماعنا بعض المصطلحات والكلمات التي لم نكن ندرك معناها ونحن صغار ولكن عندما كبرنا وتعلمنا أيقنا أن جلّ هذه المصطلحات كانت إما كذبًا بواحًا وإما مصطلحات فضفاضة ومطاطية نستطيع أن نفصّلها على مقاس أي إنسان نريد في هذه الدنيا، ومنها على سبيل المثال لا الحصر المقاومة والممانعة وحزب الله الحامي لديار الإسلام والمسلمين وإسرائيل المحتلة وحزب البعث اليد القوية في وجه الامبريالية والصهيونية والرجعية العميلة وغيرها الكثير الكثير من العبارات والمصطلحات الخشبية.
التعليقات (2)