فتوات السياسة والثقافة والفن

فتوات السياسة والثقافة والفن
ليس لهؤلاء المعنيين باللقب علاقة بأصل الكلمة التي تعني في اللغة الشباب، وقد ارتبط معناها ــ رومانسياًــ بالأحلام والمراهقة وخاصة في الأفلام التي كرّست صورة "فتى" الأحلام ومنها "فتى أحلامي" لعبد الحليم حافظ شاغل المراهقات في ستينات القرن الماضي.

المعنيون هنا ينتمون لاشتقاق لغوي من "الفتى" وهو "فُتَوَ" أيّ أصبح شاباً قوياً.

وشعبياً يستخدم لفظ "فُتوة" للتعبير عن الشاب القوي، وكان اللقب في بداياته يحمل معنىً إيجابياً يصبغ صاحبه بصفة الرجولة والشهامة من خلال الدفاع عن المستضعفين. في أزمنة الفقر والجهل تحول بعض هؤلاء الفتيان إلى التسلط على الناس وفرضوا عليهم الأتاوات مقابل حمايتهم والتقطت السينما المصرية هذا الجانب وكرسته في الكثير من أفلامها، فكرّست بذلك القيمة السلبية للاسم الذي صار في مجمله يعبّر عن البلطجة، والتشبيح بحسب لهجتنا المحلية.

 

الفتوات المثقفون:

لم يخرج اتحاد الكتّاب العرب من عباءة السياسة، فكانت الجامعة العربية له قدوة في مواقفه المعلنة من الثورة السورية. وقد أصدر مؤخراً بياناً يشجب فيه ما يجري في حلب باسم رئيسه حبيب الصايغ، ولأنّ البيان "الرمادي" قد أمسك العصا من منتصفها، وكان متذبذباً حاول أن يكسب الطرفين، خسرهما معاً، فقد رأى الكتّاب الأحرار أنّ البيان لا يرقى لمستوى الحقيقة، وأنّه يهزأ بدم السوريين ويعمي عينيه عن رؤية المتسبب الحقيقي بالمجازر في حلب ويساوي بين الضحية والقاتل. وفي الوقت نفسه أصدر "فرع" اتحاد الكتّاب في سوريا بياناً باسم رئيسه المناضل حبيب الضباط الإيرانيين "نضال الصالح" يشجب ويستنكر بيان الاتحاد العام ويدّعي أنّه يهزأ بدماء السوريين أيضاً.. وقد جاء في بيانه: "إنَّ ما ورد في بيان الأمانة العامة يؤكد أن ثمة إرادات سياسية تقف وراء هذا البيان، ولا تكتفي بتشويه الحقائق وتزييفها بل تتجاوز ذلك إلى الإمعان في إراقة الدم السوري مرتين: مرة بتلك القذائف، وثانية بتوجيه اتهامات باطلة تنأى بالقاتل الحقيقي عن المشهد، وتقدّمه بوصفه ضحية." !!

ولم يقتصر التشبيح على فرع الاتحاد في دمشق ولا على بيان الاتحاد في القاهرة، فقد شكّل الكتّاب الفلسطينيون وفداً زار دمشق مؤخراً والتقى نائبة الأسد نجاح العطار في بادرة لا يمكن وصفها إلاّ بأنّها مسيئة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة كإساءتها للثورة السورية، فالنظام السوري لا يقارن بأيّ نظام آخر سوى الاحتلال الإسرائيلي في فظاعة ما يرتكبه من مجازر بحق الشعب السوري والفلسطيني في المخيمات.

وقد أصدرت رابطة الكتّاب السوريين بياناً أدانت فيه تلك الزيارة وأكدت على وحدة القضيتين السورية والفلسطينية جاء فيه:

"إنّنا في رابطة الكتّاب السّوريين، ندين تلك “الزيارة” المشبوهة، ونعتبرها صنفاً من صنوف البيعة لنظام الأسد ومنحاً لآلته الحربيّة الوحشيّة، رخصة “ثقافيّة”، لارتكاب المزيد من المجازر، وإزهاق أرواح المزيد من المواطنين السوريين الأبرياء". 

أراجوزات العصر:

ولأنّ الزمن يتطور فإنّ الفن والفنانين يأتون على شاكلة السياسيين، ففي مصر ظهرت حملة سخرية من حلب وما يجري فيها تشجع القاتل على المضي في جرائمه وإبادة الشعب السوري. في البدايات كانت الوجوه المؤيدة لبشّار الأسد تقتصر على عدد محدود أولهم إلهام شاهين، ذلك لأنّ موقف السيسي كان غامضاً ومخفياً، لكن بعد أن صرّح بموقفه بشكل علني ظهرت حملة قذرة بدأتها الإعلامية ريهام سعيد وأكملها أراجوز اسمه أحمد آدم، وهو صورة حقيقية عن رئيسه، وصورة حقيقية عن الدناءة والوضاعة التي وصل إليها حاكم مصر وزبانيته. وخرج منها الفتوة "أحمد السقا" الذي انطبقت عليه في بداياته السينمائية صفة فتى الأحلام، ومن ثمّ الفتوة، وتطور الأمر معه حتّى حمل من خلال تصريحاته في دعم القتلة ليحمل المعنى السلبي المتصف بالإجرام لكلمة "فتوة". 

يختلف الفتوات السوريون عن المصريين بأنّهم جادون في تشبيحهم وهجومهم وحدّة تصريحاتهم، ويشبهون في تصريحاتهم وحتى في عنفهم شكل القاتل، ومنهم من حمل السلاح، ومنهم من ظهر يقبّل أحذية الجنود، ومنهم من أعلن أنّ الحذاء العسكري جدير بأن يوضع على رأسه.. والنموذج الأشهر بين هؤلاء "رغدة" أوّل فنانة سورية صعدت على المنابر في مصر لتسب عائشة أم المؤمنين في "قصيدة" ووضعتُ كلمة قصيدة بين قوسين؛ لأنّ رغدة الفنانة الشاملة والصحفية والشاعرة والحاصلة على شهادة في الأدب العربي من السوربون في باريس والتي تفوقت إلى درجة حصولها على الشهادة في مدة قياسية لا تتجاوز السنتين طبعاً لأنّها درست قبل ذلك سنتين في جامعة حلب.. رغدة ابنة حلب.. وهي أدرى بشعابها! وهي تعرف بالاستشعار عن بعد أنّ الطيران الروسي والأسدي لم يضربا حلب، ولم يدخلها إيراني واحد، وكلّ ما جرى في خان طومان فبركة وفوتوشوب! رغدة شاعرة ولا يعرف أحد من أين يأتيها الشعر! لكن بالتأكيد يعرف كلّ من سمعها أنّ الشعر لا يمكن أن يرتبط بالإجرام.

في زمن يتواطأ العالم فيه على شعب طالب بحريته، من الطبيعي أن يتكاثر المرتزقة فالأموال التي تنهال عليهم ترخص أمامها الأرواح والأقلام، مرتزقة يحملون السلاح دفاعاً عن القاتل بشار، ومرتزقة يُسخِّرون أقلامهم للدفاع عنه، وآخرون لا يحلو لهم من العيش كلّه إلاّ عيش العبيد فقد ولدوا في حواضن العبودية الطوعية، ولا ضير في كثرة المرتزقة الضير كلّه في المنابر والقنوات المسخرة لهم. والتي تنشر سخافاتهم وقذاراتهم على الملأ.

التعليقات (3)

    سوري مسكين

    ·منذ 8 سنوات يومين
    سؤالي هو لماذا فتوات و ليس فتيان

    ابو حيان

    ·منذ 8 سنوات يومين
    بالله يسمحوالي الاخوة المصريون الي ببمثلهن الهام شا هين ويسرا وغيرهن من عواهر مصر يوقفوا عند حدن لانه ما حلوه شغل الرقصات الي ببعملوه ولا هاي صنعتهن وما بيعرفوا يعملوا غيره

    ابتسام تريسي

    ·منذ 8 سنوات يومين
    أخي السوري المسكين ليس هناك سبب سوى الاشتقاق اللغوي.. فتُوَ يَفتُو ، افْتُ ، فُتُوًّا وفُتُوَّةً ، فهو فَتِيّ فَتُو الولدُ : صار فَتًى قَوِيًّا بحسب معجم المعاني.. أما كلمة فتيان فتدل على أوّل الشباب المرحلة الواقعة بين المراهقة والشباب ولا تدل على القوة التي تحولت مع الزمن إلى بلطجة.. والتعبير أقرب للاستخدام الشعبي واستخدمه الكتّاب والسينمائيون. ..
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات