"حاميها حراميها"
من مهام منظمة "روسادا" الروسية مكافحة استعمال المنشطات بين الرياضيين، والقيام بعمليات فحص طبي دورية لهم، ولكن أحد موظفي المنظمة، ويدعى "فيتالي"، قام برفع الغطاء عن ممارسات هذه المنظمة التي، بدلاً من مكافحة المنشطات، كانت تتستر على استخدامها بل وتزور في التقارير الطبية.
"يوليا" زوجة "فيتالي" نفسه كانت عدّاءة حاصلة على العديد من الألقاب خارج روسيا وداخلها، وقالت لبرنامج "60 دقيقة" إنها لم تكن تشعر بأي حرج عند تعاطيها للمنشطات، بل إنها كانت تتعاطاها بإشراف مدربيها وأطبائها في النادي.
وبين مصداقية الزوج وضميره المهني، وطموح الزوجة في حصد المزيد من الألقاب، كانت حياتهما الزوجية عرضة للخطر، قبل أن يقرر الزوجان بعد إصرار "فيتالي" أن يقوم بإطلاع رؤساء عمله على الانتهاكات التي بين يديه، إلّا أن ردَّهم الوحيد كان بأنَّ (ما يحصل في روسيا يجب أن يبقى في روسيا)، قرر فيتالي مغادرة روسيا بعد رفض المسؤولين الروس التحقيق في الموضوع بسبب خوفه على حياته.
قدم فيتالي الوثائق والقرائن التي جمعها عن الانتهاكات التي يمارسها الاتحاد الرياضي الروسي وتقديمه المنشطات للرياضيين إلى وكالة مكافحة المنشطات حول العالم (WADA).
بإشراف الحكومة الروسية
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" فإن عشرات الرياضيين الروس الذين وصلوا للأدوار النهائية وتمكن 33 منهم بالفوز بميداليات، بينهم 13 ذهبية، في دورة "الالعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014 في سوتشي"، أكثر بـ10 ميداليات عن الدورة السابقة، كانوا خاضعين لبرنامج تناول المنشطات الذي تديره الحكومة الروسية، بما فيهم 14 من فريق التزلج، الذي تفخر به روسيا، والذي تمكن من إحراز ذهبيتين في البطولة.
وتكلمت نيويورك تايمز في تقريرها عن كيفية قيام أعضاء من المخابرات الروسية بالتعاون مع العاملين في المخابر الطبية باستبدال عينات "البول" للاعبين والتأكد من تجاوزها للاختبارات، وبذلك تمكنت روسيا من الفوز بمعظم المراكز الأولى في البطولة في "الأولمبياد الشتوي" المعتبر من أرقى المسابقات العالمية، وتنقل الصحيفة عن الدكتور "غريغوري رودشينكوف" قوله ساخراً "بينما يحتفل الناس بالألعاب والفائزين نكون نحن مشغولين بتبديل "بول" اللاعبين" ووصف عملهم في دورة الألعاب في سوتشي بأنها "إنجاز قوي، جاء تتويجا لجهود استمرت عشر سنوات لاتقان استراتيجية المنشطات روسيا في المسابقات الدولية"، ويذكر أن الدكتور غريعوري تعرض لضغوط بعد تصريحاته دفعته للاستقالة وانتقل كذلك إلى أمريكا خوفاً على حياته.
وكان الاتحاد الدولي شدد من العقوبات على متعاطي المنشطات من الرياضيين مع مطلع العام السابق 2015 حيث مددت مدة تعليق مشاركة الرياضيين إلى 4 سنوات بدلا من سنتين.
المافيا الروسية
ارتبط حكم بوتين، القادم من المخابرات الروسية، بانتشار الفساد الإداري الذي تحكمت به حاشيته وبرزت أسماء أصدقائه وأقربائه في فضائح الفساد والارتباط بما يسمى "المافيا الروسية" المعروفة بأساليبها الوحشية.
وكانت "وثائق بنما" كشفت عن عمليات فساد وتهرب ضريبي لأصدقاء بوتين والمقربين منه حيث حصلوا على ملايين من الجنيهات من خلال صفقات سوف يكون من الصعب تأمينها من دون رعايته.
ولم تكن وثائق بنما طبعا وفضيحة الفيفا، حول الرشاوى التي دفعها بوتين لضمان استضافة موسكو لنهائيات كأس العالم 2018، وقضية "فيتالي" إلا حلقات صغيرة من سلسلة الفساد الروسي الطويلة، فقد شهدت البلاد خلال الأعوام الأخيرة فضائح فساد مدوية، من أبرزها قضية شركة "روس كوسموس" بعد سقوط ثلاثة أقمار صناعية مخصصة لبرنامج غلوناس الملاحي، وقضية وزير الدفاع السابق سيرديكوف، وقضية "روس أغرلي ليزنغ" التي أظهرت تورط مسؤولين في إصدار فواتير وهمية بشراء معدات بمئات الملايين من الروبلات واتهام أفراد من أسرة النائب العام الروسي "يوري تشايكا" بالكسب غير المشروع.
نيكولا
يبدو أن رائعة أندريه زفياغينتسيف السينمائية "ليفياثان" (Leviathan) لم تكن إلا صرخة في وادي المافيا الروسية التي تزداد يوماً بعد يوم توغلا وإفسادا في روسيا والعالم.
الفيلم الذي نال العديد من الجوائز حول العالم يحكي قصة نيكولا الرجل الذي طالب أحد المسؤولين الروس بحقه في ثمن أرضه فانتهى به المطاف إلى السجن خمسة عشر عاما بتهمة قتل زوجته.
نيكولا كان في الفيلم مجرد رمز لملايين الأشخاص في روسيا وخارجها ممن طالتهم يد الفساد والإفساد المافيوية الروسية.
التعليقات (0)