لماذا ينضم الشباب الأوروبي لتنظيم الدولة؟

لماذا ينضم الشباب الأوروبي لتنظيم الدولة؟
ندوة "شباب وساخطون في القرن الواحد والعشرين" في صوفيا

جذور التطرف وأسبابه في القارة العجوز

 

بعد أن شهدت أوربا الاعتداء الدموي على مقرّ صحيفة "شارلي إبدو" العام الماضي، وما أتبعه من هجمات إرهابية في باريس وعواصم أوربية أخرى، تنبئ باحتمال الاستمرار في وقوع أحداث مماثلة. وبعد أن كشفت أشرطة الفيديو، أن أغلب الانتحاريين من الشباب، ومنهم من وُلد وترعرع في القارة العجوز، بدأ الأوربيون يفكرون ملياً بالعوامل الكامنة وراء بروز ظاهرة التطرف في مجتمعاتهم، وهو موضوع الندوة الحوارية التي أُقيمت في العاصمة البلغارية صوفيا، بالتعاون مابين "الدار الحمراء" و"المركز الفرنسي"، تحت عنوان "شباب وساخطون في القرن الواحد والعشرين/جذور التطرف في أوربا- التجربة الفرنسية أنموذجا".

أدارت الندوة السيدة إيرينا نِديفا، وشارك فيها الباحث المغربي سمير أمغار عبر السكايب. والباحثان البلغاريان: المستعرب سيميون إيفستاتييف، وخبير شؤون الأمن نيكولاي إيفانوف.

وفي البداية أثارت نِديفا العديد من الأسئلة، من قبيل: كيف تستطيع الجماعات التكفيرية تجنيد الشباب، ومن هم في سن الفتوة، وكيف تجعل منهم آلات للقتل على المستويين الأخلاقي والاجتماعي؟ لماذا وكيف يتطرف البشر، وما هي العوامل المفتاحية المتداخلة التي تؤدي إلى حدوث التطرف، هل هو الجهل والتهميش، أم هي البطالة والعزلة الاجتماعية؟ وكيف يمكن معالجة مواضع الخلل، وبواعث الأزمات الروحية في المجتمع الأوربي؟

في هذا السياق، لاحظ الباحث سمير أمغار، أن ارتفاع عدد المسلمين في أوربا، سببه الهجرة الاقتصادية، وعدم الاستقرار السياسي، وأن معظم مسلمو أوربا ليسوا من المتطرفين، فمن أصل حوالي مليونين ونصف مسلم في فرنسا، ثمة 70 ألف إلى 120 ألف متطرف، وهي نسبة قليلة، لكنها المرة الأولى، التي تصطدم فيها القارة العجوز بظاهرة التطرف الإسلامي، ومغادرة نحو ثلاثة آلاف من الأوربيين إلى العراق وسوريا، للالتحاق بتنظيم "داعش"، وهي ظاهرة استثنائية، يمكن ربطها بعدة عوامل، منها العامل الأيديولوجي، حيث يتضح أن لدى هؤلاء الشباب إيمان داخلي، بأن ما يقومون به نابع من فكرة الجهاد الواردة في القرآن، وبهذا يبررون العنف والقتل، الذي يمارسونه ضد الآخرين.

العامل الآخر سياسي، يرتبط بعدم إتاحة الفرصة الكاملة أمام هؤلاء الشباب، للتعبير عن رأيهم والمشاركة في الحياة السياسية، إضافة إلى العامل الاجتماعي الذي يتمظهر في التمييز ضدهم والإسلاموفوبيا، وفي البطالة والعزلة الاجتماعية، كما لاحظ الباحث أن الارتباط الأسري بزوجة وأطفال يحد من ظاهرة التطرف، والعزوبية تفاقمها.

وأشار إلى أن معطيات الواقع، تفيد أنه من عشرين إلى ثلاثين بالمئة من هؤلاء الشباب، عادوا إلى بلدانهم خائبين، من الأسلوب الشمولي في قيادة وإدارة خلايا داعش، ومن خلافاتهم التي تجعلهم يقتتلون فيما بينهم، ولا يقاتلون نظام الأسد.

 ورأى الباحث إفستاتييف، في معرض حديثه، أن الفرق شاسع ما بين التديّن والتطرف، وما بين الوعي الديني والتعبئة الدينية، واعتبر أن التطرف هو ثمرة التعبئة الدينية، بما تنضوي عليه من أدّلجة الدين، وتشكيل منظومة من الأفكار والمعتقدات السياسية والثقافية الثابتة لخدمة قضية محددة، بحيث تغدو بمثابة حاضنة بديلة لأولئك الأشخاص المهمّشين، الذين يعانون من العزلة الاجتماعية، وعدم القدرة على الاندماج في مجتمعاتهم، وهم في الأغلب من الشبان الدغمائيين والعاطلين عن العمل، الذين لم ينالوا حظهم الكافي من التعليم.

ونوّه الباحث إلى أن الأدلجة، لا ترتبط بالدين فقط، ولا بظاهرة التطرف الإسلامي الحديث، بل يمكن رصدها في فترات وأمكنة مختلفة، إذ كيف يمكن لشخص مثل ستالين، أن يصبح ديكتاتورا يقود العالم، ويقتل الملايين لنصرة الأيديولوجيا الماركسية اللينينية.

كذلك ربط إفستاتييف جذر ظاهرة التطرف، بما يمكن تسميته بانتفاضة الأصل الثقافي، أو العودة إلى الجذور، وهي ظاهرة قديمة جدا، من أوائل نماذجها النبي موسى، الذي فضّل هويته الدينية اليهودية على هويته القومية المصرية -إن جاز التعبير- بمفاهيم ذاك الزمن. وأشار الباحث إلى أن هذه العودة إلى الأصول، عبّرتُ عن نفسها بالتيار السلفي، وشعار "الإسلام هو الحل" بدءا من الحركة الوهابية. كما أشار إلى أن التيار السلفي متواجد في أوربا، بجانبيه الاجتماعي والسياسي، وهو تيار سلّمي، يرفض التطرف، ومقولة الجهاد، باستثناء نسبة قليلة تٌعرف بالسلفية الثورية، وهي المهيأة عمليا للانجذاب نحو الجماعات المتطرفة.

من جانبه لاحظ الخبير نيكولاي إيفانون، أن التطرف ليس بحد ذاته جريمة، وأن الناس العاديين، قلّما يميزون بين الدين والأدلجة الدينية، وأن الشبان ينخرطون في الجماعات المتطرفة، ليس لإيمانهم وتعمّقهم في أمور الدين، بل كي يصبحوا شخصيات هامة، لها حضورها وهويتها المميزة، تتحرك في إطار شبكة واسعة من العلاقات، والدين هو الشكل الأسهل لهذا التحقق.

وعلى المستوى الأمني أشار الخبير إلى صعوبة تعقّب الجماعات المتطرفة، لاعتمادها على الإنترنت، وعلى شبكة واسعة من العلاقات الموّثوقة، أثناء تحضيرها لعمليات التأطير والتخطيط، ما يتطلب الكثير من الوقت والجهد لجمع البيانات وتحليلها، ومنع حدوث الهجمات، في حين أن الفترة ما بين الإعداد لعملية التفجير، وما بين تنفيذها، هي فترة وجيزة، لا تتجاوز عدة أسابيع.

كما لاحظ المحاضر، أن الأوربيين فقدوا ما يمكن تسميته بالحدّس الدفاعي الذاتي، خلال العقود الثلاث الماضية، ما يجعل اعتداءات الجماعات التكفيرية، تحقق نتائج مبّهرة أما فيما يخصّ ربط الهجمات بموجات اللجوء والهجرة، فقد رأى الباحث أن معظم اللاجئين والمهجرين، هم أناس عزّل، وهم الأكثر عرضة من غيرهم للخطر، ولا داعي للقلق من تواجدهم، وأن الجهاديين لديهم إمكانات واسعة للحركة والتجّوال في أوربا، من خارج أطر اللاجئين والمهجّرين.

التعليقات (1)

    بدر البدور

    ·منذ 7 سنوات 10 أشهر
    باخصار اكل الحقوق وما تعنيه هذه الكلمة من معنى هي السبب الاساسي للتطرف وخاصة ازدواجية المعاير الغربية تجعل هاؤلاء الشباب للانتقام حاجتكم تقحموا القران وتعليماته السوية السامية التطرف موجود في كل انسان ايا كانت عقيدته
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات