سوريا الحاضر الغائب في كل الجلسات

سوريا الحاضر الغائب في كل الجلسات
احتفلت المؤسسات الإعلامية و المشتغلين بالحقل الصحفي في الثالث من مايو هذا العام في العاصمة البلجيكية " بروكسيل" باليوم العالمي لحرية الصحافة، حيث يمثل هذا اليوم تقليداً سنوياً في المركز الثقافي الشهير " بوزار" منذ أن أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1993 يوم الثالث من الشهر الخامس موعداً دولياً للإحتفال بالمشتغلين بالإعلام من خلال التأكيد على أن حرية التعبير حق مكفول في كل القوانين، و قد صادف اليوم العالمي لحرية الصحافة، هذا العام، ثلاث محطات هامة، إذ يحتفل فيه أيضا بالذكرى السنوية الخمسين بعد المئتين لسن أول قانون لحرية الإعلام في العالم، وبالذكرى السنوية الخامسة والعشرين لاعتماد إعلان ويندهوك بشأن مبادئ حرية الصحافة.

عبر العديد من الجلسات و الخبراء و الصحفيين الدوليين طافت أفكار المؤتمر الدولي في محاور متنوعة أبرزها:

 الشراكة بين الحكومة و المؤسسات الإعلامية في بلدان العالم، و ما هو الدور الرقابي أو السلطوي الذي تمارسه المؤسسات الحكومية على وسائل الإعلام في سياق الحالة الجيوسياسية الحالية بين الشرق و الغرب، و في ذات السياق كانت جلسة أخرى تتحدث عن نقل الواقع المرئي من خلال عدسة المصور بوصفه شاهداً على الحدث، حيث مازجَ المشاركون من خلال أوراقهم المقدَّمة الأخلاقيات العامة للعمل الصحفي في عملية إلتقاط المشهد من زوايا متعددة لإيصال الحقيقة فضلاً عن إبراز أهمية الظروف المرافقة لعملية التصوير و السلطات التي تفرض وجودها على الأرض في مناطق الصراع المسلَح في بلدان عديدة.

صحفيون و مدراء مؤسسات إعلامية شاركوا في نقل تجاربهم الخاصة عن العمل مع تعقيدات الجغرافيات المختلفة في أماكن عديدة من العالم في جلسةٍ خاصة بنقاش  تأثير العنف و التعسف على حرية التعبير و تداول المعلومات، حيث ضمَّت هذه الجلسة صحفيون أجانب قاموا بزيارة سوريا عدة مرات و تحدَّثوا عن تجاربهم الشخصية في البلاد.

كما سلّط المؤتمر الضوء على رسالة اليونسكو في هذا اليوم التي تقومُ على العديد من النقاط أبرزها التشديد على حق الجميع في تداول المعلومات و حماية إستقلال وسائل الإعلام و تكريم المشتغلين في المناطق الخطرة لأنهم يجازفون بأرواحهم في سبيل نقل الحقيقة.

كانت سوريا الغائب الحاضر في كل جلسات المؤتمر فلم تخلُ جلسةٌ من الحديث عن سوريا و مدنها، بعضها اقتصر على تجارب شخصية ذاتية و أخرى كانت تتعلق بتحليل قاعدة بيانات واسعة بإعتبار سوريا اليوم بيئة مفتوحة عبر شبكة الإنترنت مغلقة في الواقع أمام الصحفيين، في جهة ثانية من الصالة الواسعة في مركز بوزار الشهير في بروكسيل كانت هناك زاوية خاصة بالحدث السوري، حيث شاركت اليونسكو" المنظمة الدولية للثقافة و الفنون" مع مؤسسة سمارت بإنجاز فيلم قصير بتقنية الأبعاد المفتوحة "3 دي" ليكون المتابع شاهداً عن بعد للحدث السوري.

في تلك الزاوية التي شهدت إقبالاً كبيراً كان الزائر يتابعُ من خلال خوذة للرأس و نظارات خاصة المشهد بدائرةٍ كاملة، تطوف المشاهد من تفتناز إلى كرناز إلى مدن إدلب وصولاً إلى حلب و حماه و دمشق و درعا التي كانت مهد انطلاقة الثورة السورية، مشاهد متعاقبة تروي بمرارةٍ و بلغات متنوعة من خلال الأبعاد الكاملة للمشهد، للغائبين الذين يكتفون بمتابعة وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الإجتماعي.

ما يمكن ملاحظته في الشأن السوري أن الحاضرين بمجملهِم كانوا يغرقون في تفاصيل الأسئلة عن جدِّيَتِهِم في البحث عن آليةٍ لتركيب المشاهد المنفصلة المتصلة التي تأتي من الشرق الاوسط، عن حلٍّ سحريٍّ يُنهي سؤال متابعيهم عن طريقةٍ تؤدي لمعرفة الحقيقة، الحقيقة التي لا يريد أحد أني راها، و يكتفي صانعوها بإغماض عين و فتح أخرى كي يبدو المشهد مشوَّهاً رغم كل الدماء التي تشوبه.

هذه الحالة التي لم تعد طارئةً على مؤتمر اليوم العالمي لحرية الصحافة، ففي  العام الماضي كانت أيضاً سوريا غائبةٌ حاضرة من خلال العديد من الكلمات التي سلّطَت الضوء على تجارب مُدوِّنين و ناشطين في دُول عربية أخرى غير سوريا فضلاً عن منحهم جوائز و تجاهل الناشطين و الصحفيين السوريين الذين يعيشون أقسى الظروف اليوم سواء من خلال التغطيات التي يقومون بها في الداخل السوري الذي يتعرض للقصف اليومي بالطائرات أو من خلال تواجدهم دون غطاء قانوني مهني في دول الشتات سواء في الجوار السوري أو في القارات المختلفة.

بالرغم من كل هذا يبقى اليوم العالمي لحرية الصحافة يوماً جديراً بالتوقف و مطالبة الجميع بالإنضمام إلى الصوت الحر بالسماح بتداول المعلومات بحرية و خلق بيئة مواتية للعمل الإعلامي في كل دول العالم.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات