اضطهاد في إيران وارتزاق في سوريا.. هذه حكاية المقاتلين الأفغان

اضطهاد في إيران وارتزاق في سوريا.. هذه حكاية المقاتلين الأفغان
ظهر الأفغان في صفوف قوات الأسد بعد انهيار النظام في العديد من الجبهات، و النزف الشديد الذي أصاب قواته، كقوة داعمة له سارت على خطى الميليشيات الشيعية العراقية في الإجرام، و بتوجيه من الإيرانيين.

فبعد فترة صغيرة من بدء الدعم العسكري الإيراني المباشر للنظام، و المتمثل بعناصر من ميليشيا حزب الله ثم الميليشيات الشيعية العراقية، و بنتيجة الخسائر الكبيرة التي واجهتها هذه الميليشيات في سوريا، بدأت إيران وبسبب معرفتها لطول أمد الصراع، و تجنباً لوقوع خسائر بشرية واضحة في قواتها بإرسال عناصر "هامشية" يمكن التضحية بهم، و لا يوجد مشكلة بحصول خسائر كبيرة بينهم.

تتركز مهمة الميليشيات الشيعية التي أرسلتها إيران إلى سوريا و بخاصة العراقية و الأفغانية، على تحمل الجهد العسكري الأكبر، و مواجهة مقاومة الثوار و ضرباتهم، و تحمل القسم الأساسي من الخسائر البشرية، بسبب وضعهم في الخطوط الأولى ضمن أي مواجهة.

إضافة لدور استنزاف للثوار، و اطالة أمد الصراع لأطول حد ممكن، حتى يتسنى لإيران الحسم أو التفاوض بشأن سوريا و الحصول على مكتسبات جديدة، أو المحافظة بالقدر الأدنى على مكتسباتها و مصالحها الحالية .

إضافة لدورهم في عمليات إعادة التوطين، و تغيير البنية الديموغرافية لسوريا، بخلق بؤر شيعية في المناطق التي يسعى النظام و إيران للتمسك بها، حيث يشكلون الكتلة البشرية الأولى التي ستوطن في سوريا في المناطق الهامشية و مناطق التماس مع السنة، في حين يستوطن الإيرانيون الفرس في مراكز المدن كما يحدث الآن في دمشق .

فآخر مثال على عملية توطين الميليشيات الأفغانية، هو تخصيص مناطق لهم في أفضل أحياء مدينة تدمر، بعد أن سيطر النظام على المدينة، و طرد معظم أهلها السنة منها.

مرتزقة 

تبلغ تقديرات أعداد الأفغان في سوريا بحوالي عشرين ألف عنصر، يشكلون مجموعة من الوحدات أهمها لواء الفاطميون، و معظم الأفغان الذين يقاتلون في سوريا هم من أفغان إيران الشيعة (الهازارا)، و الذين لجأوا إلى إيران التي لم تعترف بهم، و لم تقدم لهم شيئاً، لكنها تذكرتهم و بدأت باستخدامهم في حربها في سوريا،

 حيث يخير العنصر الافغاني بين الطرد من إيران أو المنع من العمل على أقل تقدير، أو القتال في سوريا "حسب زعمهم".

 ليحصل على راتب شهري بحدود 600 دولار (أكثر من خمسة أضعاف راتب العنصر في جيش النظام )، و معونات لعائلته في إيران، عدا عن ما سينهبه في سوريا من منازل و محلات، و في نهاية المطاف يحصل على الوثائق الايرانية في نهاية خدمته (في حال عاد حياً).

لكن و بخلاف هذه الروايات هناك قسم معتبر منهم هم الذين جاؤوا "للدفاع عن المراقد"، حيث جاء قسم منهم من أفغانستان مروراً بإيران، أي أنهم ليسوا لاجئين، بل متطوعون بناء على دوافع عقائدية، ما يجعلهم الأخطر و الأكثر فاعلية بين العناصر الأفغانية، و هؤلاء كانوا ضمن الدفعات الأولى للأفغان الذين قاتلوا في سوريا.

هناك مجموعة من العوامل التي تؤثر بشكل كبير على القدرة القتالية للعناصر الأفغانية ضمن قوات النظام، و تتسبب بخسائرهم المتتالية سواء الجغرافية أو البشرية .

قلة التدريب :

معظم هؤلاء العناصر هم من الذين ولدوا أو نشأوا في إيران، و تبدو أعمارهم أقل من 30 عاماً، و لم يشاركوا في الحرب الأفغانية، و بحكم عدم حصولهم على الجنسية الإيرانية فهم لا يؤدون الخدمة الإلزامية في الجيش الإيراني، و عندما يجندون فهم يتعرضون لدورات قصيرة تمتد بحد أقصى حتى 30 يوماً، و هي فترة قصيرة جداً و بالكاد تكفي لتعلم أساسيات استخدام الأسلحة الفردية، فضلاً عن تكتيكات و أساليب الأعمال القتالية المختلفة .

فجميع من أجريت معهم مقابلات مصورة أو مكتوبة من عناصر هذه الميليشيات، سواء الذين أنهوا فترة خدمتهم أو هربوا إلى أوربا أو قبض عليهم الثوار، تحدثوا عن فترة تدريب لا تتعدى 15 يوماً، و تدريب مختصر على الأسلحة الفردية فقط، في حين يتعلمون استخدام باقي الأسلحة الموجودة في حوزتهم في سوريا خلال المعارك .

تنحصر أسلحتهم في البنادق و القناصات حتى عيار 12,7، و القواذف المضادة للدبابات و المدفعية عديمة الارتداد، و الهاونات، و بعض العربات المدولبة كعربة سفير، إضافة للعمل كعناصر ثانوية في بعض الاختصاصات، في حين تترك باقي الأسلحة التي تتطلب تدريباً أكثر و خبرة لعناصر حزب الله، و العناصر الإيرانية و قوات النظام .

حيث لا يعرف عن استخدامهم للدبابات مثلاً، و لا سدانة الأسلحة الثقيلة كالمدفعية الميدانية أو المعدات الهندسية، و يبدو أنهم يقاتلون كعناصر مشاة فقط.

فعلى الرغم من تجهيزهم بمعدات جيدة -مقارنة بما لدى الثوار- لكن أدائهم منخفض جداً مقارنة بما لديهم من أسلحة، أو ما يحصلون عليه من دعم ناري مدفعي و صاروخي و جوي، وهذا عائد لمستوى تدريبهم التعيس بالدرجة الأولى .

ضعف التنسيق :

 معظم هؤلاء الأشخاص هم من غير المتعلمين، و الذين لم يتلقوا تعليماً يؤهلهم للحديث بلغات أخرى، ما يجعل اللغات التي يعرفونها هي الأفغانية بالدرجة الأولى و الفارسية بشكل أقل (و بعض الإنجليزية)، ما يجعل قدرتهم على التواصل مع قوات النظام تنخفض للحد الأدنى، ما يؤثر على طريقة تواصلهم معها، و جعلها محصورة تقريباً بالعناصر الإيرانية المسؤولة عنهم و التي تعاني أيضاً من ضعف التنسيق مع عناصر النظام بسبب عائق اللغة و قلة عدد المترجمين، أو العناصر القادرة على التواصل المباشر على مستوى الأفغان و الإيرانيين و عناصر النظام و الروس .

ما يتسبب بالكثير من حالات الفوضى في صفوفهم خلال المعارك، و سوء التنسيق و عدم القدرة على التجاوب بسرعة بين قوات النظام و القوات الإيرانية و الأفغانية و غيرها .

عدم معرفة الأرض :

تختلف طبيعة أفغانستان و حتى إيران عن سوريا كثيراً في معظم المناطق، و عادة ما يزج هؤلاء العناصر في المعارك بعد عدة أيام فقط من وصولهم لسوريا، فبالإضافة إلى ضعف تدريبهم و ضعف قدرتهم على التواصل، يأتي جهلهم بالأرض و خطوط التماس ليجعلهم صيداً سهلاً في الكثير من المناطق و الحالات، التي تتداخل فيها خطوط الثوار مع خطوطهم، أو في حالات الهجوم الفاشل على بعض المناطق فقد خسروا المئات من القتلى و الأسرى لهذا السبب.

قيادة جبانة 

تعمل الميليشيات الأفغانية بإمرة ضباط إيرانيين أو من حزب الله، و الذين لا يبالون بحياة عناصرهم من الأفغان، و كلما تعرضوا للتضييق هربوا و تركوا الأفغان للذبح و الأسر، و قد وثقت العديد من الحالات التي أبيدت فيها مجموعات أفغانية كاملة أو أسرت، بنتيجة لهرب قوادهم الإيرانيين و أدلائهم من عناصر النظام .

مشاهد هرب مخزية

 نعرف القيمة الحقيقية للميليشيات الأفغانية تحديداً خلال المعارك في سوريا، من العديد من المعارك التي يكونون فيها بوضع الدفاع، حيث نشر الثوار العديد من المقاطع المصورة من طائرات مسيرة، توثق هجماتهم ضد خطوط الأفغان الدفاعية في أكثر من منطقة، و بخاصة ريف حلب، و التي يظهر فيها هربهم بشكل مفاجئ مع وصول الثوار إلى مقربة منهم سواء في عرباتهم أو راجلين، على الرغم من تفوقهم العددي و كثافة تسليحهم و أكداس الذخيرة التي يمدهم النظام بها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات