داعش..من جسر الرئيس إلى أعماق

داعش..من جسر الرئيس إلى أعماق
عادت حلب إلى الواجهة مرة أخرى، وعادت الاشتباكات والقصف الوحشي بكل أنواع الأسلحة، حتى المحرّم منها دولياً (الفوسفور الأبيض)، ليكون التقدّم الميداني ورقة رابحة بيد وفد النظام الذي يتمسك بدستور عام 2012، وبالأسد (الخط الأحمر) بحسب وليد المعلم وروسيا التي تقول أن الولايات المتحدة تفهّمت فكرة عدم طرح مصيره في المفاوضات، وعلى الرغم من الاتفاق الدولي على وقف الأعمال العدائية، إلا أن الحرب ما زالت مستمرة، وإن كان ايقاعها غير منضبط! ولكن السؤال الأهم من سيوقف الحرب في سوريا؟!

بين عامي 2005 و 2006 انتشرت ظاهرة غريبة إلى حد كبير في بلد، القبضة الأمنية فيه تحصي على السوري كمية الهواء الذي يدخل رئتيه؛ في هذين العامين انتشرت أسطوانات  (CD) لعمليات قيل يومها أنها للمقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي للعراق وكانت تحوي هذه الاسطوانات تصوير من أرض المعركة للاشتباكات أو العمليات (الانتحارية) ضد الاحتلال، أو ما كان يطلق عليهم (الغزو الصليبي) حتى أن جورج بوش الابن الذي قاد الحرب ضد العراق أعجب بهذه الفكرة وأكدها في أحد مؤتمراته الصحفية، لكن البيت الأبيض آنذاك أصدر بياناً يوضح فيه  أنها زلة لسان غير مقصودة. ولعل هذه العمليات التي كانت تصوّر بطريقة (هوليودية) كيف تخرج الطلقة وتتابع سيرها كاميرا ذات تقنية عالية، لتخترق جسد الجندي الأمريكي، ويتمّ إتباعها بأناشيد جهادية وآيات قرآنية ضمن سياق التجنيد الذي عمل عليه عميل المخابرات السورية (أبو القعقاع)، والذي تمّت تصفيته في حلب عام 2007 عند انتهاء مهمته في خلق خلايا إرهابية مرتبطة بالنظام السوري، الذي كان يرسل الجهاديين إلى العراق حيث وجهت لهذا النظام (راعي الإرهاب) تهم متعددة من مسؤولين عراقيين، كان آخرهم (نوري المالكي) عندما كان على رأس الحكومة العراقية، وقبل قيام الثورة السورية.

وقد يذكر الجميع أن هذا الانتشار للأسطوانات آنذاك، كان مترافقاً مع انتشار صور أمين عام حزب الله (حسن نصر الله) الذي فيما بعد قاد حرب تموز 2006 مع إسرائيل، والتي قيل فيما بعد أنها مسرحية لتثبيت فكرة الفرد القائد.

في الفترة ذاتها، بدأت  قناة (الرأي) الفضائية بثها، والتي يملكها المعارض العراقي (مشعان الجبوري)، والذي كان يعرف بأنّه مدعوم مالياً من (معمر القذافي)، حيث كانت القناة تبث برامجها من فيلا راقية في منطقة "يعفور" بالقرب من العاصمة دمشق، التي تحتوي على أكثر من 17 جهازاً أمنياً، وطبعا كانت هذه القناة تهاجم إيران و(الشيعة الروافض) ببرنامج يومي لمالك القناة - التي توقفت بعد مقتل القذافي - حيث كان يجاهر بكرهه لإيران والحكومات العراقية التابعة لها!

هذه الأسطوانات التي كانت تنتشر على الأرصفة، كانت تعرض مقاطعها المصوّرة معتمدةً ذات التقنية التي يستخدمها تنظيم الدولة (داعش) لتسويق عملياته الإرهابية، وكانت تُباع في ذات البلد الذي يدّعي العلمانية ومحاربة الإرهاب منذ بداية الثورة السورية، حيث بشّرنا الأسد الوريث بتحويل سوريا إلى (أفغانستان) جديد، فيما لو استمرت الدول بدعم المنظمات الإرهابية وهو بذاته من اعترف أن السلاح ظهر بيد المعارضين بعد ثمانية أشهر، فلماذا واجههم بالرصاص منذ صيحة الحرية الأولى؟!

والسؤال هنا كيف يمكن لنظام مدعوم بشكل كامل من إيران - قبل الثورة - أن يسمح لقناة تهاجم إيران و(الشيعة الروافض) أن تبث من ارضيها، لولا وجود مصلحة كاملة للنظام السوري وإيران والقذافي باستمرار الحرب في العراق إلى مالا نهاية، وربما كان هذا هو سبب ظهور داعش داخل ليبيا وتحول أنصار معمر القذافي إلى (داعش) متحالفين مع القادة (القذافيين) لتدخل ليبيا في فوضى دائمة.

لا شكّ في أن النظام السوري هو صاحب المصلحة الأولى في استمرار الحرب في سوريا، أياً كانت النتائج الاقتصادية التي ستصل إليها سوريا، وقد صرّح الأسد في أكثر من مقابلة مع وسائل إعلام عالمية أن الحل في سوريا عسكري، وأنّه لا يمكن مفاوضة الإرهاب. ما هو مهم بالنسبة للنظام السوري هو دخوله  كشريك مع التحالف الدولي لقتال الإرهاب واعطائه شرعية كاملة في قيادة سوريا للمرحلة القادمة، خاصة وأن الولايات المتحدة متمسكة به بشكل سرّي وهذا ما جاء في التسريبات للرئيس السابق للمخابرات المركزية، عن رفض باراك أوباما خمسين خطة للإطاحة بالأسد، ورفضها جميعاً!

أما المستفيد الثاني من استمرار الحرب هو إيران، فهي تريد أن يكون لها مكاناً واضحاً في الخريطة السورية والكلام عن إرسال اللواء/ 65 كوماندوس/ وربما سترسل /اللواء 26 مدرعات/ إلى سوريا، والتصريحات التي مفادها أن الحل في سوريا هو عسكري وليس سياسي، واكتشاف قاعدة صواريخ ايرانية قام "حزب الله" بتجهيزها في منطقة القصير السورية؛ كلّ هذا يوصلنا إلى نتيجة مفادها أن الحرب في سوريا مستمرة ولن تتوقف بمجرد التقدم بالمفاوضات.

لا يريد أيّ من النظام السوري، أو إيران ومن خلفهما روسيا الراعي المتحكم بالعملية السياسية في سوريا، هذه الدول الثلاث لا تريد توقف الحرب في سوريا، ولعل اتفاق وقف إطلاق النار الذي التزمت به فصائل المعارضة المسلحة كان مفاجأة كبيرة لروسيا التي راهنت على فشل هذه الهدنة في أكثر من مرة، إلا انها خرجت عن دبلوماسيتها وبدأت بقصف المعارضة المسلحة الموقّعة على الهدنة وخاصة في ريف دمشق، وريف حلب الشمالي، حيث لا تواجد لتنظيمي الدولة والنصرة في هاتين المنطقتين، ولكن توقّف الحرب في سوريا سيؤدي إلى نجاح المفاوضات ونهاية الأسد الحتمية، ولعل جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة أكّد في أكثر من مناسبة أن الحرب في سوريا لن تتوقف إلا بتنحي الأسد، دون اعتبار قتال داعش عائقاً أمام الحل السياسي في سوريا فيما لو انتهى هذا النظام الفاشي، وكأن كيري يقول للعالم أن نهاية الأسد هي نهاية "داعش"، ولعل العلاقة الجدليّة بين هذين التنظيمين، تأسست منذ عام 2003 في العراق ومازالت ناجحة إلى يومنا هذا !

من الواضح تماماً أن أصوات مؤيدي الحرب الذين يرسلون الجنود والمرتزقة والسلاح هي أعلى بكثير من أصوات مؤيدي الحل السياسي المتهمين دائماً بتمويل الارهاب الذي يقاتل (الحكومة الشرعية)، وفي ذات الوقت هذه الدول محظور عليها إرسال أسلحة دفاعية للمعارضة، لأن هذا الحل السياسي سوف يؤذن بانتهاء الأسد.

وعلى الرغم من الفضائح المتعددة التي مُنّي بها نظام الأسد، والتي كان آخرها وثائق بنما لكن طبول الحرب غطّت على كل الأصوات والفضائح، في سبيل بقاء الطاغية على كرسي من جماجم السوريين..

التعليقات (3)

    amjad

    ·منذ 8 سنوات شهر
    تغطية مخيم اليرموك

    المثنى

    ·منذ 8 سنوات شهر
    اعوذ بالله من الشيطان الرجيم , بسم الله الرحمان الرحيم, ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز , صدق الله العظيم جنود الخلافة الاسلامية عندهم طلقة في صدر عدو افظل من الف دعاية , فرغم كثرة اعداء دولة الخلافة الاسلامية ورغم حقدهم لا تزال دولة الخلافة الاسلامية باقية وتتمدد لدرجة فاقت توقعات ,,,,, الجيش الحر النظام السوري الاحزاب الكردية الجيش الصفوي العراقي وميلشياته والبيشمركة ,,,,ولا ننسى طيران التحالف ,الا يخجل اعداء دولة اخلافة الاسلامية من عدم هزيمتهم لها ؟

    سوري ملحد

    ·منذ 8 سنوات شهر
    الأسد يدعم داعش ليس فقط منذ عام 2003 وإنما منذ عام 1970 ..وما قاله حسون أفندي في مقابلته بالميادين دليل على ذلك .. لقد أكرم الأسد علماء الدين وضاعف عدد المعاهد الدينية وبنى الجوامع بالآلاف وافتتح مدارس الأسد القرآنية وكذلك لدى المسيحيين والمذاهب الدينية الأخرى، كشيوخ العقل الذين يقودون المؤيدين والمعارضين الدروز. وتوج كل ذلك بتحالفه مع إيران ومعا أسسا حزب الله . وفي الوقت نفسه حارب كل فكر حر وهكذا صارت سوريا أرضا خصبة لنمو الفكر الجهادي والسلفي... أرض سوريا تحتاج لمبيد أعشاب وقلع آل الأسد
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات