فشل في السياسة وفشل في الزعامة وفشل الاقتصاد وفشل في الإدارة، وفشل حتى في القاء كلمة مكتوبة، هو شخص ليس له من اسمه حظ فقد كان شؤماً على كل من حوله بدءا من نفسه وأسرته، وصولا الى طائفته، مرورا بما ورثه من شركات ومؤسسات، حتى رموز "تيار المستقبل" كالسنيورة حجمهم، ثم غدر بحلفائه في "تكتل 14 آذار" كسمير جعجع فخسرهم، هو شخص لم يقدم شيئ، لكنه أضاع كل شيئ، حتى أهم حلفاءه وداعميه "السعودية"، لينتهي به المطاف كيتيم على مائدة لئيم.
هو شاب توفرت له كل أسباب النجاح بدءأ من الأسم الذي جاد به والده عليه " سعد الدين" فترك الدين واختار "سعداً" فخسر الاثنان معا، ثم الأسرة "الحريري" إحدى أكبر أسر الشام، والتي استأثر فرعها اللبناني بزعامة سنة لبنان منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، إضافة إلى امبراطورية مالية وإعلامية ضخمة بناها الراحل رفيق الحريري وعلى رأسها شركة "سعودي أوجيه" متعددة المجالات والتي يعمل لديها عشرات آلاف الموظفين، وفوق هذا وذاك، دعم سعودي وعربي لم يوظفه في خدمة لبنان ولا حتى سنته، بل أضاعه هو وحاشيته، التي كونت ثروات طائلة على حساب المهمشين.
في الوقت الذي كان فيه "سعد" يحرق أوراق قوته، ويبدد ما بين يديه من إمكانيات، وما تركه له والده من ثروات، وما يصل اليه من دعم ومساعدات، كان حزب الله وبإمكانيات أقل بكثير مستمراً في استكمال بناء مؤسسات مدنية وعسكرية وإعلامية، ويشتري ولاءات السياسيين والإعلاميين كبارهم وصغارهم، حتى بات يحكم قبضته على كافة مفاصل الدولة اللبنانية ولصالح المشروع الصفوي ودولة فقيه فارس.
"سعد" هذا شاب قَزًمَ سنة لبنان، ولم يترك لنفسه شيئا من هيبة، حتى أن أحد صبيان حسن نصر الله المدعو وئام وهاب علق على زيارته لموسكو قائلا: "مضحك أمر سعد الحريري، هو غير قادر على حل مشاكله الشخصية، ومشاكل تياره ويريد أن يحدد مصير الأسد عن جد نكتة هالشب".
منذ العام 2011 الذي شهد إنطلاق ثورة الكرامة السورية، والحريري يمضي معظم وقته في باريس، منفاه الاختياري، حيث لم يسجل له فضل يذكر في دعم ثورة السوريين ولا حتى في كف يد أعدائها اللبنانيين، لقد كان سلبيا لدرجة أن عدم وجوده كان ليكون أفضل، فهو ومن خلال احتكاره للتمثيل السني في لبنان كشريك في السلطة والحكم منح الغطاء للمعسكر الآخر كي يمارس جرائمه بحق السوريين واللبنانيين على حد سواء.
هل كان سنة لبنان ليتعرضوا لكل هذا التهميش والمضايقات والاضطهاد داخل السجون وخارجها لو كان سعد هذا رجلا؟ وهل كانت لتقع المواجهات في طرابلس وصيدا ونهر البارد؟ وهل كان الشيخ الأسير ليطارد ويسجن بينما قتلة رفيق الحريري والده يسرحون ويمرحون؟ بل وهل كانت حركة الشيخ الأسير قد احتاجت لتكون لو أن الدولة اللبنانية قد قامت بدورها، أو كان ساسة لبنان السنة موحدين، أو من بينهم من هو أهل للزعامة والقيادة، فتجتمع عليه الكلمة في وجه حزب إيران اللبناني؟ وهل كان هذا الحزب الأصفر ليتغول كل هذا التغول في دماء السوريين لولا يقينه بخلو الساحة من الرجال؟
لقد نجح هذا الغِرُ وخلال سنين قليلة في تبديد ما بناه الشهيد رفيق الحريري من سُمعةٍ ومواقف ومكانة سياسية واقتصادية ومالية على مدى عقود، إذ وبدل أن تَصقِلَهُ السنون، فتكسبه الحكمة والخبرة، فإنه وبدل ذلك بدا متخبطا يسير من سيءٍ إلى أسوأ، ومن منحدر إلى آخر، فتارة يرشح حليف بشار "فرنجية" لرئاسة لبنان، وتارة يشارك في رعاية إشهار "تيار الجربا" المشبوه، الذي دعمته أموال عربية فاسدة، وولد في حضن نظام إنقلابي أشد فسادا، وبمباركة روسية وشراكة كردية.
سلسلة إخفاقات الحريري وتخبطه توجت بزيارة الى موسكو، التي فرحت بدورها بهذه الزيارة وغمزت من خلالها الى قدرتها على التأثير في التوازنات، الحريري، أشاد بجرائم روسيا بحق السوريين وتطلع الى أن يكون لها دور مماثل في لبنان أيضا. هو بهذه المواقف الصبيانية يحاول مناكفة السعودية، ويرد على وقف دعمها لتياره الفاشل، لكنه نسي انه بهذا يكون قد باع ما تبقى لديه من كرامة، قبل أن يبيع دماء السوريين، وفقط مقابل أن يبقى عميلا صغيرا يمارس زعامة على سنة لبنان. هو يعلم أن البساط قد سحب من تحت أقدامه.
إن من أشد ما ابتلينا به وخاصة في هذه المرحلة العصيبة والمفصلية من تاريخ امتنا والمنطقة هو غياب الرجال والقادة الحقيقيين، وتَسَلُطِ أو تَسليطِ الإمعات وتسليمهم مقاليد الأمور، وذلك لسهولة انقيادهم، ولو تأملنا الواقع حولنا لفهمنا كيف أن وجود غِرٍ آخر كبشار الأسد قد أوصل سورية إلى ما وصلت إليه، ومما لا شك أن غياب القادة الكبار من ذوي العقل والحكمة والشكيمة في آن معاً كان له الدور الأبرز فيما وصلت اليه الأمور في المنطقة.
لقد بات لزاما على رجالات السنة الشرفاء في لبنان، أن يكون لهم موقف حاسم وموحد يضع حدا لطيش وغرور هذا الغِرِ الذي ما شابه أباه فظلم.
التعليقات (8)