200 عمليّة إجهاض
تضم الشبكة نحو 18 فردا بالحدّ الأدنى وتكمن أهميتها في الدلالة على وجود إتجار بالبشر في لبنان، وليس فقط "دعارة"، بحسب ما يؤكّد رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي، العقيد جوزف مسلم، والذي يشير لـ"العربي الجديد"، إلى أن قوى الأمن أوقفت سابقاً شبكات صغيرة للاتجار بالبشر، لكنها الحالة الأولى بهذا الحجم.
وبحسب مسلم، فقد تمّ توقيف أحد الأطباء، وكان يتولّى إجراء عمليات إجهاض النساء، واعترف الطبيب بإجراء 200 عمليّة إجهاض خلال سنوات عمل الشبكة، ما يُشير إلى إلزام النساء بممارسة الجنس من دون وسائل الحماية، وهو ما يعرضهن للإصابة بالأمراض الجنسية إضافةً إلى عمليات إجهاض إجرامية تعرّض لها العديد منهن عبر الضرب المبرح على البطن بهدف قتل الجنين لتوفير الأموال.
كيف يتم اقتناص الفتيات
لكل فتاة قصة مختلفة أوصلتها لأن تجد نفسها مخطوفة ومحبوسة بين مشروع "chez Maurice" و فندق "سيلفر" بعضهن لا يعرف الشارع منذ أكثر من خمس سنوات، والبعض الآخر لم ير نور الشمس منذ أكثر من ثلاث سنوات ولا يعرفن معنى الركوب بالسيارة الا للتوجه الى عيادة الدكتور او المستشفى لاجراء عملية اجهاض كلفت بعضهن الحياة.
ووصفت مصادر القوى الأمنية التعذيب التي كانت تتعرّض الفتيات المستعبدات، بأنه عمل إجرامي "مُمنهج"، حيث أن غالبيتهن استُدرجن إلى لبنان بذريعة قيامهن بأعمال منزلية في البيوت أو غيرها، وفور وصولهن، كانت جوازاتهن وأوراقهن الثبوتية تُصادر وكنّ يُخبرن أنهن مسجونات من لحظة وصولهن وأنهن مُجبَرات على العمل في الدعارة تحت تهديد القتل.
وحين وقعن ضحية هذه "الشبكة" بأساليب مختلفة، أُرغمن على ممارسة "الدعارة"، من خلال الضرب والجلد، وتعذيب يمكن معاينته محفوراً على أجسادهن. فقد تم جلدهن بالسياط على نحو منتظم لهذا السبب أو ذاك وفقاً لجدول تُدوّن عليه الأسباب الموجبة للجلد. في أحد مكاتب مفرزة استقصاء جبل لبنان، تجد من بين المضبوطات عصا غليظة وسوطاً مدعماً ودفتراً دونت عليه الأسماء المستعارة للفتيات مع إشارات تحدد بالتفصيل عدد المرات التي تم فيها الجلد وأسبابه. "عشر جلدات" لأنها لم تضع طلاء الأظافر، "50 جلدة" لأنها لم تحصل على tipsإضافي من الزبون.
انتهاكات
و كشفت الأدلة التي حصلت عليها القوى الأمنية من الأماكن المُداهمة عن وجود نظام عقوبات إن لم تلتزم الفتاة المستعبدة التعليمات. كانت تُجلَد إذا لم تقنع الزبون بتمديد مدّة خدماتها لكسب المزيد من المال، أو إذا تكلمت بأمور قد تكشف أمر الشبكة، أو إذا تقاضت أموالاً من دون معرفة أعضاء الشبكة... إلخ. وكانت "الحارسة" تتولى مهمات عديدة، أبرزها التأكّد من مظهر الفتاة الخارجي، وإذا ما كانت تلبّي المعايير المطلوبة منها (كيفية اللباس والمشي والتصرّف)، وأي إشارة خطأ تضعها في "سجلّ" الفتاة، من شأنها أن تعرّضها للجلد أيضاً، حيث أن ساعات الجلد كانت تُنفذ في خلال الأربع ساعات المفترض أن تستريح في خلالها الفتاة. إضافة إلى الجلد، هؤلاء الفتيات كن يتعرّضن للضرب المبرح بواسطة الهراوات والعصي، ويُعذَّبن بواسطة الكهرباء.
أما دوام العمل الذي لا تتلقى عليه الفتاة فلساً واحداً، فيبدأ عند الساعة الثالثة من بعد الظهر وقد لاينتهي عند الخامسة صباحاً، ويحق للفتاة أن تنام عند الساعة السادسة صباحاً بعد تلقيها ما تستحق من الجلد، أما إذا غابت عن الوعي، فعصا الكهرباء كفيلة بإيقاظها، ومن بعدها تُرغم على القفز في الماء حتى تبرّد آثار الضرب حتى لا ينتبه لها الزبون الذي تعيش لإرضائه، وتحدد "الحارسات" (وهن فتيات كنّ يعملن بالدعارة ولكن لم يعد الزبون يختارهن فتم ترقيتهن لتولي الإشراف على الباقيات) نصيب كل فتاة من الجلد.
وتتراوح أعمار الفتيات بين السادسة عشرة والسابعة والعشرين من مختلف المذاهب فمنهن العلويات والشيعيات والسنيات والدرزيات، وبعض الروايات التي لم يجرِ التأكّد منها من مصادر التحقيقات، تفيد عن فتيات قُتلن تحت التعذيب أو بسبب الإجهاض في مراحل الحمل المتقدّمة.
ويُلقب الريحاني بـ"الجلّاد"، وهو كان يتولى التعذيب والتشويه، وبحسب الإفادات الأولية، كان يعمد إلى تعذيب الضحية وتصويرها وعرض مقاطع الفيديو على الفتيات الأُخريات لبثّ الرعب في نفوسهن وجعلهن راضخات.
كيف اكتُشفت الشبكة؟
تقول مصادر في قوى الأمن الداخلي إن فتاتين من الفتيات المستعبدات نجحتا في الفرار يوم الجمعة العظيمة، إذ استغلتا تخفيف عدد الحراس ووجود حارسة واحدة فقط عند المدخل، تعاونتا على ضربها وتمكنتا من الهرب باتجاه الحدث، هناك التقتا بشخص ساعدهما في الاتصال بمفرزة جبل لبنان، وبعد يومين من الرصد والتتبّع تمكّنت القوى الأمنية من دهم الأماكن المشتبه فيها، وحررت الفتيات وأودعتهن في مراكز الإيواء التابعة لجمعية كاريتاس/ مركز العمال الأجانب وجمعية «كفى» وجمعية INTERSOS لبنان.
يشار إلى أن السلطات اللبنانية تنكر ما تكشفه تقارير عدّة عن وجود سوق رائجة للاتجار بالبشر في لبنان، إلا أن التحقيقات الأمنية الأخيرة تزيل أي شكوك في هذا المجال، حيث حصل كل ذلك على بعد نصف ساعة من العاصمة بيروت، في حين تؤكد السلطات المعنية بأن الملف لا ينحصر و هناك المزيد التحقيقات المستمرة.
التعليقات (7)