روسيا تعترف بالهزيمة

روسيا تعترف بالهزيمة
هل انسحبت روسيا من سوريا؟ بداية يجب ادراك ان الاسد بالنسبة لروسيا مسألة حياة او موت فهو الوحيد القادر على الاحتفاظ بسوريا عقبة جيوسياسية امام المشروع العربي الاوروبي لمنافسة النفط الروسي في اوروبا. خطة روسيا (أ) هي القضاء على الثورة السورية بذريعة محاربة داعش فمن الطبيعي ان لا تقضي على الذريعة قبل تحقيق الهدف منها. فشلت الخطة أ وعكست روسيا المسار محتفظة هذه المرة بذريعة محاربة النصرة التي لن تلقى قبولا. مشروع روسيا في سوريا هُزم ولم يبقى لها الا عقد صفقة مع اميركا في جنيف والثمن رأس الاسد.

لماذا تقوم روسيا بتدمير الذريعة التى استغلتها لتدعيم احتلالها لسوريا، اي تنظيم الدولة، وباستعمال نفس الادوات التي خلقت هذا التنظيم، اي ايران والاسد؟ لانها ايقنت بان احتلالها لسوريا الذي دام 45 سنة قد انتهى الى غير رجعة. ما يغيب عن معظم الناس والكثير من المحللين الاستراتجيين ان سوريا تحت الانتداب الروسي منذ انقلاب حافظ الاسد المشؤوم ونظامه لم يكن اكثر من غطاء لهذا الاحتلال غير المباشر. هذا يفسر استعمال الفيتو 4 مرات في مجلس الامن ومحاولة شراء الموقف الامريكي بتسليم سلاح الاسد الكيماوي وصولا الى الاحتلال المباشر وكلها محاولات لم تنجح. الدور الامريكي في سوريا ليس كما يبدو على وسائل الاعلام بانه خجول ومتخاذل لكن امريكا تحاول اقناع روسيا بان احتلالها لسوريا قد انتهى ولا داعي لخلق مشاكل طائفية ودينية سيكون اكبر المتضررين منها روسيا نفسها او وضع العالم عل شفير حرب عالمية ثالثة.

نعم لقد اطالت امريكا الحبل لروسيا لتشنق نفسها لكن للاسف على حساب الشعب السوري، لكنه الخيار الوحيد امام قيصر مصاب بجنون العظمة يمتلك اسلحة نووية يستطيع ان يؤذي شعبه اولا ثم امريكا والعالم اذا ما شعر انه محصور بالزاوية. نحن السوريون خير من يعلم ما يمكن ان يفعله طاغية مصاب بجنون العظمة عندما يحشر في الزاوية. علينا ان نفكر بروسيا تحت بوتن بانها كوريا الشمالية تحت كيم لكن ضرب عشرة. الاسد وبوتن من مخلفات الحرب الباردة وهذه هو الفرق بين الدول الديموقراطية التي تتكيف وتتغير وتؤثر في نفسها ومحيطها بشكل ايجابي وبين الدول الاستبدادية التي تحاول عبثا بث الروح في احافير الدينصورات.  

روسيا ليست دولة عظمى لكنها دولة كبيرة مختطفة من قبل عصابة مافيوية. الدول العظمى في العالم ثلاث: امريكا والاتحاد الاوروبي والصين. روسيا ليست اكثر من دولة نفطية تمتلك اسلحة نوعية. الغائب الحاضر في هذا الصراع هو الصين التي لم تنبس بكلمة على مدى 5 سنوات سوى التصويت في مجلس الامن مع روسيا، لكن قلبها وقالبها مع امريكا لانه خيارها الوحيد لاطعام اكثر من مليار انسان وتعلم الصين ان العنتريات البوتينية لا تسمن ولا تغني من جوع. اقتصاد الصين قائم على الاستثمارات الغربية وروسيا لا تمتلك البدائل التكنلوجية و المالية والاقتصادية لتحل مكان الغرب في الصين.

معظم البضائع الاستهلاكية من ملابس واثاث وادوات منزلية واجهزة كهربائية والكترونية باسماء وماركات عالمية وحتى قطع غيار السيارات مصنوعة في الصين وتصدر الى الغرب وبقية دول العالم. كل هذه الاستثمارات غربية وتشكل العمود الفقري لاقتصاد الصين   ولا يوجد استثمار واحد روسي في هذا المجال. من مصلحة الصين ان تحافظ على الامن والاستقرار العالمي وعلى الاستقرار السياسي في الصين نفسها حتى لا تبدأ الشركات والبنوك الغربية في التفكير بالبديل وهو موجود في الهند والبرازيل ولو كان في مصر قيادة حكيمة وتخطيط استراتيجي لاصبحت على رأس القائمة نظرا لموقعها الجغرافي.

لم يتوقع الاسد يوما ان روسيا ستجبر على التخلي عن احتلالها لسوريا لذلك فعل ما فعل واثقا بان روسيا ستدعمه سياسيا وعسكريا واقتصاديا واليوم تسوقه كشريك للحرب على الارهاب لانه الوحيد الذي يمتلك الوقاحة والدناءة لتوفير غطاء شرعي للاحتلال الروسي وحرمان العرب من حصة كبيرة في سوق الطاقة الاوروبي لصالح روسيا مقابل ان تبقيه واليا على سوريا يقتل وينهب تحت غطاء المقاومة والممانعة وقلب العروبة النابض، هذا هو القناع الذي سقط. كل مخابرات العالم تعرف ان داعش اصلها لعبة مخابرات سورية ايرانية خرجت عن السيطرة وحيل روسيا لتقديم الاسد كشريك في الحرب على داعش لن تنطلي على احد. لحسن الحظ ان هذه الحيلة هي آخر ورقة في جعبة الحاوي بوتن.

اجهزة المخابرات الغربية لا تبحث في الامور السياسية ولا تمتلك آلية او شرعية لاتخاذ قرار سياسي. عندما يناقش مدير الاستخبارات الامريكية في موسكو مسألة رحيل الاسد فانه لا يفاوض على مصيره، فهذه مهمة رؤساء الدول، لكنه يقدم ادلة استخباراتية دامغة على ضلوع الاسد في الارهاب وخاصة دوره الذي لم يكن يوما خافيا على روسيا في خلق تنظيم الدولة. من وجهة نظر روسيا ان افضل شريك لمحاربة الارهاب هو من صنعه اصلا ومن وجهة نظر اميركا ان من صنعه مرة يستطيع ان يصنعه مرات اذا اعطي الفرصة.

سوريا اصبحت بؤرة توتر ليس في المنطقة بل لكل العالم وفي قلب البؤرة نظام الاسد. على روسيا اليوم ان تختار بين الاحتفاظ باحتلالها لسوريا ،الذي اصبح العالم كله يعرف ان الاسد غطاء له، وبين التسليم بان محاولاتها للهيمنة على سوق الطاقة الاوربي قد انتهى وعليها ان تبحث عن بدائل اخرى صناعية وتكنلوجية لاعادة بناء اقتصادها على اسس سليمة ومستدامة بدل التمسك باستراتيجية الهيمنة على سوق الطاقة التي لم تصبح من الماضي فقط بل اصبح من الواضح ان روسيا لا تملك القدرة السياسية والعسكرية والاقتصادية على تحقيقها.

التعليقات (4)

    حسان

    ·منذ 8 سنوات شهر
    كلام سليم رغم انه مؤلم للغاية ولكن كان لابد من هذا الطريق للخلاص واتوقع دور اكبر بكثير من دورها الحالي طبعا الاتحاد الاوربي. والخاسر الاكبر سيكون العلويين والكرد على جميع الازمان والنواحي يعني النظام الظالم استعيدهم 50 سنة ولما سنحت الفرصة لتحررهم منه رجعوا بكل ارداتهم تحت عبوديته

    momo

    ·منذ 8 سنوات شهر
    la russie ne mérite pas ce genre comme président il lui faut qq1 qui peut la sortir de ses problèmes et pas untel mafieux qui défourne des fonds publiques à l'aide de son entouragetandis que un ebonne partie de russe vivent mal

    زهير فروانه

    ·منذ 8 سنوات شهر
    اتفق معك ان روسيا لا تستحق رئيس مثل بوتن.

    حسن

    ·منذ 8 سنوات شهر
    من اي شيء خلقو بالامس طلعو سراق و اليوم اوهن من بيت العنكبوت وغدا ايش يطلعو.؟ طلع واربح ليرة واحدة .
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات