الحقيقة المرة التي يجب أن نعترف بها ونسعى لاستيعابها هي ان تنظيم "حزب الله" الارهابي حقق على مدار السنوات الماضية نجاحا كبيراً في بناء شبكة إعلامية تسانده في معركته الرامية لبث الفتنة المذهبية في الدول العربية ونشر الفوضى، انطلاقا من اجندة نظام ولي الفقيه الايراني المعتمدة على غسل دماغ شريحة واسعة من الشيعة العرب في مختلف الدول العربية وفق خطة مرسومة تعتمد على الجانب الإعلامي تسير بالتوازي مع تمدده العسكري، في اطار السعي لإنشاء إمبراطورية دينية استبدادية تبسط نفوذها على إيران والبلدان العربية. طيلة السنوات الماضية، تمكن حزب الله، عبر الأموال الإيرانية ومصادر تمويل أخرى غير شرعية، اقلها تجارة المخدرات وتبيض الاموال، من انشاء وسائل إعلام لبنانية وعربية ضمن منظومته الإعلامية التابعة له بشكل مباشر. مستغلاً سيطرته السياسية والامنية على الدولة اللبنانية ومصادراً مساحة كبيرة قرب السفارة الايرانية في بيروت والتي باتت أشبه بمقر أمني يدير "الجواسييس" ويوزع الادوار على الابواق الاعلامية التي ستفيض بسمومها على منابر الاعلامية التي انشأت بهدف التدخل بشؤون الدول العربية وإثارة الفتن والتحريض على العنف.
إيران تسللت بقوة في العالم العربي وخاصة في لبنان وأبرز وسائل هذا التسلل هو الإعلام فلا يخفى على أحد أن النظام الإيراني بذل أموالا طائلة في السنوات الأخيرة على تفريخ وسائل إعلامية وخاصة الإعلام المرئي، فإيران تقف بشكل مباشر ومكشوف خلف فضائيات لبنانية وعربية ابرزها "المنار" و"الميادين" وقناة "العالم" وإذاعة "النور"، اضافة الى قنوات تحريضية ناطقة بالعربية وكل منها تتخصص بدولة، منها قناة "نبأ" المتخصصة بالتحريض على النظام السعودي، قناة "المسيرة" التي تدعم الحوثيين و"اللؤلؤة" للتشهير بالسلطات البحرينية، وقناة "القدس" التابعة لحركة حماس تستهدف إعطاء النكهة الايرانية للمقاومة الفلسطينية.
ومن اجل تعزيز الفتنة في العراق خصص مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي مليار دينار عراقي (750 ألف دولار) لمن يؤسس محطة تلفزيونية أرضية وثلاثة مليارات دينار (مليونا دولار) لكل من يطلق فضائية جديدة سنويا، على ان يكون المؤسسون من أتباع آل البيت ومعروفين بنشاطاتهم السياسية والفكرية والدعوية في خدمة المذهب الشيعي الأثني عشري وتقليد المرجع الإيراني علي خامنئي، وطبعاً استطاع "حزب الله" استقطاب العديد من هذه القنوات وزرعها في بيروت ومنها قناة "العهد" و"آسيا" و"الاتجاه" باللغة العربية والانكليزية.
لم يقتصر أمر هذه المنظومة الاعلامية "الحزب-ايرانية" على بناء شبكة من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة الموالية والتابعة له، بل عمدت الى زرع إعلاميين موالين لإيران في فضائيات عربية وعالمية بحيث تكون تغطية الخبر من لبنان والضيوف من محللين وخبراء وفقا للأجندة الإيرانية، اضافة الى تجنيد عدد من المحللين وأساتذة الجامعات بحيث يطلبون كضيوف على سلسلة من الفضائيات يروجون لسيناريوهات معينة في القضايا الساخنة تخدم الرؤية الإيرانية. وضمن الاستراتيجية ايضا إنشاء ودعم عدد كبير من الصحف والمواقع الالكترونية كجريدة "الاخبار" وموقع "العهد" وغيرها الكثير، والتي يحرص "حزب الله" على انشاء بعضها بطابع علماني وأخر بطابع ديني متستراً ببعض الابواق السنية حيناً ومسيحية حيناً آخر لتغليف "سمومه" بتنوع ثقافي وببعد وطني.
ويقدر عدد العاملين في هذه المؤسسات الاعلامية بحوالي الفي موظف مسجلين تحت اسم شركة واحدة، ومكاتبها تقع في المنطقة الجغرافية الخاضعة لاشراف ونفوذ حزب الله، في منطقة "الجناح - بئر حسن" نظرا لموقعها الاستراتيجي القريب من المطار والعاصمة والضواحي، وطبعاً على بعد أمتار من سفارة الولي الايراني الذي خصص ايضاً بالمنطقة نفسها مبان خاصة لبعض الارهابيين العرب والمطلوبين من دولهم حيث يتمتعون بإقامة آمنة وإمكانية الظهور المتلفذ واستلهام الاجندة التحريضية من ما يسمى الملحقية الثقافية للسفارة الايرانية.
ومما لا شك فيه اهمية القرارات العربية الأخيرة لضرب هذه المنظومة، والتي جاءت بعد أن بلغ السيل الزبى على صعيد انتهاكات "أخطبوط حزب الله الإعلامي"، حيث تتيح اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لمنع التعامل مع أي قنوات محسوبة على ميليشيات حزب الله، بناء على قراري مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومجلس وزراء الداخلية العرب، باعتبار الحزب منظمة إرهابية. إلا ان العقوبات وحدها لا تكفي للقضاء على هذا الأخطبوط، بل لرؤية إعلامية عربية تعرف ما تريد وتحدد العدو والصديق وسبل المواجهة تبدأ من تطهير المؤسسات الاعلامية والفضائيات العربية من عملاء إيران وهم كثر.
وطبعاً علينا ان لا ننسى حلفاء "حزب الله" سواء في لبنان اوفي بعض الدول العربية من تيارات وأحزاب سياسية وميليشيات، سخرّوا أيضا وسائل إعلامهم لخدمة أجندة المرشد الإيراني علي خامنئي والحرسه الثوري، الأمر الذي يضع الدول الخليجية أمام مهمة صعبة لحصرها نتيجة تنوعها واتساع رقعتها الجغرافية في مختلف الاتجاهات العربية، لكنها غير مستحيلة وخاصة من خلال تعاون الدول العربية والاجماع العربي على هوية "حزب الله" الارهابي.
التعليقات (4)