انهيار القوى الجوية للنظام
قد تكون أحد أهم نتائج التدخل الروسي غير المباشرة، هي منع أو تأخير انهيار القوى الجوية للنظام، فالتدخل الروسي الذي اتخذ الشكل الجوي بشكل أساسي، جاء بمساعدة غير متوقعة لأضعف ركائز قوة النظام و التي انهكت لحد كبير بسبب الخسائر المرتفعة و عدم استبدال الطائرات.
فقد استغل النظام الحملة الجوية الروسية لإعادة تأهيل طائراته وتخفيف الضغط عنها، وتوجيهها لتنفيذ مهام القصف الثانوية بعيداً عن خطوط القتال، و بخاصة عمليات القصف التي تهدف لتهجير المدنيين .
فجيش النظام الذي انتعشت حالته النفسية و المعنوية والعسكرية مع بداية الطلعات الجوية الروسية، تعرض لصفعة كبيرة وصاعقة مع إعلان روسيا عن البدء بسحب قواتها من سوريا، تلقت قواه الجوية الجزء الأكبر من الصفعة، مقارنة بقواه البرية .
فقواه البرية لم تتلقى الكثير من الدعم البشري الروسي، لكنها تلقت الدعم بالأسلحة، ما يعني أن إبقاء الأسلحة التي حصل عليها النظام بخاصة المدفعية والراجمات كافي لإبقاء الاسناد الناري على مستواه .
أما بالنسبة لطائراته، فالطائرات الروسية كانت تنفذ المهام التي كان يفترض بطائرات النظام المتهالكة تنفيذها لدعم قواته، والتي لا تمتلك عدداً و لا قدرة فنية و تقنية على تنفيذها بنفس الزخم .
طائرات خارج الخدمة
فمعظم طائرات النظام (مع بعض الاستثناءات) منسقة من الخدمة من الجيش الروسي منذ عقود، و تعتبر متخلفة بكل المقاييس مقارنة بما لدى الروس من طائرات في سوريا.
فمن جهة الحمولة معظم طائرات النظام مثل ( ميغ 21 وميغ 23 وسوخوي 22 ) والتي تعتبر عماد القوة الجوية للنظام، لا تستطيع حمل نصف حمولة الطائرات الروسية التي دفع الروس العشرات منها لتنفيذ غارات في سوريا، حيث أرسل الروس قرابة خمسة و ثلاثين من قاذفات سوخوي 24 و سوخوي 34 إضافة لسوخوي 25، عدا عن الطائرات متعددة الأدوار كسوخوي 30 و سوخوي 35، و كلها حمولاتها أضعاف ما لدى النظام، و حالتها الفنية تسمح لها بتنفيذ غارات أكثر من الغارات التي تستطيع طائرات النظام تنفيذها، إضافة لاحتوائها على تجهيزات أكثر تطوراً تساهم في أداء الطائرات، و التي تفتقدها طائرات النظام.
ففي حين تحمل طائرة (ميغ 21) 4 قنابل فقط زنة 500 وطائرة (سوخوي 22) 4 طن، تحمل طائرة (سوخوي 25 )4 طن، و هي أقل الطائرات حمولة بين التي نشرها الروس في سوريا، و التي يصل حمولة بعضها إلى 12 طناً من القنابل.
نوعية الذخائر لها أثر أيضاً على كفاءة الضربات التي تنفذها طائرات النظام، حيث بدأ النظام مؤخراً بالاعتماد على "قنابل القرد" المصنعة محلياً على نطاق واسع، و أصبحت مشاهدتها أمراً روتينياً و هي محملة على طائراته، حيث تعتبر فاعليتها منخفضة مقارنة بفاعلية القنابل الروسية، بسبب سوء التصميم و انخفاض جودة المواد المتفجرة فيها، و انخفاض دقتها حتى مقارنة بالقنابل الغير موجهة الروسية، ما يخفض الأثر الناتج عنها ككل، و يجبر النظام على تنفيذ أكثر من طلعة لتحقيق نفس الإصابات، عدا عن موضوع انخفاض الحمولة .
الثوار من جهتهم تأقلموا لحد ما مع الضربات الروسية العنيفة، ما يجعل تأثرهم بضربات طائرات النظام أقل على عدة صعد.
يضاف إلى هذا الحالة النفسية للثوار على الأرض، و الذين تأقلموا مع الضربات الجوية الروسية الضخمة، عندما تلقي عدة قاذفات روسية قنابلها دفعة واحدة مسببة انفجاراً ضخماً، ما يجعل ضربات النظام شبه معدومة الأثر النفسي عليهم الأن، و يقتصر أثرها على الضحايا و المدنيين.
حالة هستيرية
ما يجعل القوى الجوية للنظام تعيش حالة هستيرية مع بداية انسحاب الروس "الجزئي"، حيث نفذ الروس قرابة 9000 طلعة جوية خلال الستة أشهر الماضية، لكنها في تأثيرها كانت تفوق و بأشواط تأثير الطلعات الجوية للنظام، بسبب التكتيكات و الحمولات الكبيرة للطائرات .
لن ينسحب الروس تماماً من سوريا، لكن لا يعرف كم طائرة سيتركون في حميميم، و ما هو حجم الطلعات الجوية التي ستنفذها بقية طائراتهم، فمعظم الأخبار تشير لسحب قسم كبير من الطائرات القاذفة و بخاصة سوخوي 24 و سوخوي 25 و التي كانت عماد الحملة الجوية الروسية، و إبقاء قسم من الطائرات متعددة المهام (سوخوي 30 و سوخوي 35 )، ما يعني أنه في حالة سحب الطائرات القاذفة و الحفاظ على الطائرات المتعددة المهام، فلن يتبقى في سوريا سوى أقل من عشر طائرات روسية عدا عن المروحيات، و هي غير كافية للحفاظ على زخم القصف الذي كانت تنفذه الطائرات الروسية في سوريا، ما يعني أن قوات النظام ستعاني انخفاضاً حاداً في الدعم الجوي، ما يشير إلى أنها مشرفة على تقهقر كبير مع نهاية الهدنة، التي كان و لا يزال جيش النظام المستفيد الأول منها .
لا يملك النظام الكثير من الوسائل لتعويض النقص الحاصل في الدعم الجوي سوى تكثيف القصف البري، خصوصاً بعد حصوله على أعداد من بطاريات المدفعية و المدفعية الصاروخية لدعم قواته، و الضغط على طائراته أكثر و إشراك طائراته التي لم تستخدم على نطاق واسع في عمليات القصف مثل (ميغ 29 ) بشكل أكبر في العمليات، لتعويض النقص الحاصل في عدد الغارات الذي سيتسبب به انسحاب نصف الطائرات الروسية على الأقل، ما يسرع في استهلاك طائراته و يعجل في انهيار قواه الجوية وما يترتب على ذلك من انهيار النظام عند عجزه عن توفير الكثافة النارية اللازمة لقواته للمحافظة على مواقعها فضلاً عن التقدم، و هذا هو السبب الرئيسي لعدم الانسحاب الروسي "الكامل" فهم إضافة لرغبتهم بالحفاظ على مكسبهم الاستراتيجي في الساحل السوري، يعلمون أن النظام لن يستمر بدون دعمهم، و سينهار خلال فترة قصيرة إذا خرجوا بشكل كامل .
التعليقات (1)