في ذكرى 12 آذار.. ذكرى الانتفاضة الكردية

في ذكرى 12 آذار.. ذكرى الانتفاضة الكردية
التاريخ الكوردي في سوريا, تاريخ مليئ بالتناقضات والتخاصمات والمشاحنات التي كانت دوماً تعصف بأحلام ورغبات المخلصين والطامحين نحو تجسيد أحلامهم بنكهة ولغة وتطبيق كوردي، لكن ما لا يمكن المساومة عليه أو شملهِ بجملة التناقضات، هو الوجود التاريخي للكورد في سوريا، والمراسيم العنصرية والكبد والضغط والحرمان الذي لاقاه الكوردي جراء السياسات المتبعة بحقه من قبل الأنظمة المتعاقبة على سدة الحكم في سوريا.

منذ بداية الحركة السياسية الكوردية في سوريا عام 1957 وحتى بداية التواجد الأمريكي في العراق، كانت الحالة الوضعية الكوردية متشابهة في كليتها، بدءاً من المراسيم المطبقة ضده، ومحاولات نسف وجوده، وحتى اشتغال النظام على زرع بذور التفرقة والشقاق ضمن الحركة الكوردية في سوريا.

 ومع ارتفاع نبرة الخطاب الوطني الكوردي ضمن سقف الدولة السورية، كانت ترتفع معها النبرة العدائية الشوفينية ضده، ومع زيادة إصرار الشعب الكوردي على التمسك باللحمة الوطنية والعيش المشترك والدعوة للمساواة وإزالة آثار الاحتقان المفروض على الكورد شعباً وحركة سياسية، كانت تزداد معه وتيرة الضخ الإعلامي المعاكس الحاقد، المضلل ضد الكورد في نفوس فئات من عرب سوريا، وتحديداً أبناء المناطق الريفية لمحافظة الحسكة ككل.

ومع التدخل الأمريكي في العراق, وبداية تفتيت الدولة الوطنية المراد إنشائها وتأسيسها كنتائج من اتفاقية سايكس بيكو, وعدم تأقلم الشعوب مع بعضها البعض, بسبب تجميعها القسري الإجباري, دون أي تجانس أو مشاورة، ما مهد لاستحالة العيش المشترك بينهم. ومع زيادة منسوب الحقد المتأتي من مواقف مسبقة، ومواقف عدائية تجاه كل من لا ينتمي للفكر والثقافة والقومية العربية، ومع تغلغل الإعلام المضلل إلى عمق الفكر والوجدان والعقل العربي  في سوريا والعراق وخاصة العقل الباطني فإن التهمة الأولى والكبرى سواء من ناحية التحريض على التمرد الكوردي في سوريا ضد الدولة السورية، أو من ناحية تذكية الشعور القومي في نفوس الشعب الكوردي في سوريا، كانت التهمة من نصيب الشعب والحكومة الكوردستانية في العراق.

صحيح أن عدد من المثقفين والمفكرين العرب في سوريا حاول كثيراً تغيير بوصلة التهمة المسبقة الصنع عن الكورد, إلا أن جهودهم اصطدمت بالعنف السلطوي المضاد, لكل نداء أو رغبة تحاول تغيير المعادلة المرسومة بحنكة ودراية تامة, وكان شعار رواد الفكر العنصري؛ الفتنة يجب أن تقع شاء من شاء. تتالت الأحداث وافتعال الأزمات, حتى كانت لحظة بداية التطبيق العملي,  وجرجرة الكورد في سوريا إلى مستنقع الحرب الأهلية أوعلى أقل تقدير الفتنة الكوردية–العربية. الموضوع لا يتعلق بمجرد مباراة كرةقدم ففي كل أنحاء العالم تتخلل مباريات لأكبر الأندية والمنتخبات العالمية أحداث شغب وتضارب  لكن الحدث يكون تحت سيطرة الجهات المختصة المتواجدة في الملعب, لا المساهمة في تجييش الأمر أكثر.

حتى كانت الانتفاضة الكوردية في سوريا, والتي قُبلت من قبل بعض المعارضين للنظام السوري, بسؤالهم الجوهري: كم من المؤسسات حُرقت,  وهم المُدركون أن من أحرق المؤسسات هم من أرادوا تغطية سرقاتهم, ولم يهتم لا بالشهداء ولا بالجرحى, ولا بالمفقودين والمعتقلين, إلا ماندر. وكان يجدر بدعاة السلم الأهلي والعيش المشترك, الانطلاق من منعطف 12 اذار2004 كبداية لرسم خارطة طريق جديدة للتعايش الكوردي العربي في سوريا, بدلاً من تعويم القضية الكوردية وعدّها قضية انفصالية, انسلاخية, عدوانية،مؤامراتية.

12 اذار2004 الحدث الذي لن يفارق ذاكرة السوريين كوردا ًوعرباً, سواء النظام أم الشعب, فلكل منه مقصة و حكاية. السلطة أرادتها فتنة كوردية عربية, ومحاولة استطلاع مدى إمكانية تدخل الأحزاب الكوردستانية في العراق في الحدث أو العمق السوري وتحديداً في كوردستان سوريا, وانطلاقا من موقعها – السلطة السورية- كمحور للمقاومة والممانعة كان لابد لهما من الإتيان بأي فعل من شأنه إثبات وجوده ضد الخطرالكوردي المحدق بالأمةالعربية, كما وُصف الكورد ولايزالون. والشوفينيون من أنصاره وجدوها فرصة للنيل من منافسيهم سواء في الاقتصاد أو السياسية أو حتى الواقع الاجتماعي.

12اذار الانتفاضة التي لم تُشبع من قِبل المثقف والكاتب والسياسي العربي السوري, وحتى جزء من المثقف الكوردي السوري حتى أصبحت بمثابة المشكلة والهم والخوف من الآخر. وإذا استثنينا عدداً قليلاً جداً من المفكرين والمثقفين العرب في سوريا, فإن الغالبية الساحقة كانوا ينظرون إليها محاولة انفصال وزعزعة استقرار وخنجر في خاصرة العروبة في سورية, بدلاً من الوقوف عندها كحدث وطني يخص السوريين كسوريين و كدولة, واستمر الأمر بهذا التمييع والتشويه من قبل النظام و أقطاب من المعارضة و المثقفين العرب, حتى بداية اندلاع الثورةالسورية التي سنعيش لحظة دخولها للعامها الجديد, حينها أدرك المواطن والمثقف العربي في سوريا كم من التجني والبخل المعرفي والوطني قد لحق بأول انتفاضة سلمية مدنية شهدتها سوريا منذبدايات الستينات.

سوريا اليوم أمام منعطف تاريخي إن لم يكن مآزق حقيقي, أصبح اسم الدولة السورية, كدولة مركزية حلماً سيراود مُخيلة العنصريين الشوفينيين الذين أوصلوا بالبلاد إلى القاع الأدنى, وسيراود كذلك فكر وذكريات المثقفين والمفكرين الذين حاولوا إنقاذ سوريا, لكنه سيبقى نغصة كبيرة في عقول الإيديولوجيين الذين لايزالون يصرون على اتهام الأقليات وخاصة الكورد بتجزئة سوريا, وهم المشوهون لحقيقة أن هؤلاء وفي غمرة حماسهم للنيل من حقوق الأقليات نسوا منح الأكثرية حقوقهم أيضاً.

إذاً غاب المشروع الوطني, وغُيب المشروع الديمقراطي, و انحسرت الحقوق الطبيعية للمكونات, واقتصرت الحياة على فئة معينة, وتم اعتبار 12 آذار الدلالة السياسية على همجية وشوفينية الكورد بدلاً من الوقوف عليها كأحد أبرز التحولات الاجتماعية والسياسية في سوريا, وضرورة الاشتغال عليها ودراستها كظاهرة بدأت برد فعل عفوي شملت كل نقطة يعيش عليها الكوردي في شتى أنحاء العالم.

غياب المشروع الديمقراطي الوطني, أستدرج غياب الثقة بالآخر, وتحولت 12 آذار من تجسيد لمعاناة عموم الشعب السوري, عبر تفجير هذه المعاناة كوردياً, إلى غابة لاستباحة الكورد باسم الوطن السوري, وأسس لتراكم معرفي سلبي, عكسي, مرتد على نفسه, يؤسس للانتقال من غياب الثقة إلى انعدام الثقة وخلق الخوف الأبدي.

منذ آذار2011 والشعب السوري كُله منتفض وثائر، وأخذ على عاتقه المثابرة على الثورة حتى أخر رمق، ولم يتمكن من التغلب على النظام، ماذا لو استمرت الانتفاضة الكوردية أكثر من ذلك، ماذا عن لامبالاة الآخرين بالكورد في محنتهم، كل هذا يستوجب اليوم اعترافا من المكون العربي في سوريا، أن الكورد انتقلوا من مرحلة الفعل بالردود، إلى التصرف بالأفعال، ولاتزال العقلية العربية أثيرة نزعاتها الماضية،  وهي بحاجة للاعتراف أن جلّ ما حلّ بهم، هم كانوا صانعوه في الأمس بسبب عدم الاستفادة من تجارب الشعوب التي يعيشون معهم، وهم من يساهمون في استمراريتها اليوم لعدم الاستفادة من محنهم وتجاربهم.

سوريا المستقبل, بين التقسيم والفدرالية،ليس للكورد أي تأثير في المعادلة، فقط هم يقرؤون النظام العالمي الجديد قراءة جديدة جدية، وأي منهما سيطبق في سوريا، سيحق للكورد الاستفادة منها، أما من لايزال يصر على التغني بأمجاد الماضي, ورفض المشاريع الدولية وهو لا يملك ثمن رصاصة, فلنتساءل إلى أين يقودنا هؤلاء.

التعليقات (3)

    سوري مسكين

    ·منذ 8 سنوات شهر
    أنا لا أعلم لما هذا الاصرار عند بعض الاكراد على كتبة كورد هذه بالطريقة الخاطئة و التي ليس لها اي ذكر بكتب التاريخ كُرد أو اكراد اما كورد فهي كاتبة خاطئة و اللفظ يختلف هي كاضافة كاف إلى كلمة ورد فنقط هذا الورد جميل كورد دمشق !

    عربي سوري،

    ·منذ 8 سنوات شهر
    تحريت عن السبب ياسوري مسكين الذي إذا عُرِفَ بطل العجب وهو أن جهابذة الكرد أرادت إبعاد أوإالغاء التشابه بين إسم قوميتهم المزعومة وعفواً من القارئيين الكر، هذه المعلومة من صديق لي كردي حاقد على كل الإنتهازيين الأكراد قبل العرب

    زهير

    ·منذ 8 سنوات شهر
    من وقاحة الأكراد الأتراك المهاجرين إلى سورية أنهم وهم يقولون عن أنفسهم سوريون يسعون إلى الإنفصال عن سورية بقطعة منها ليست لهم بالتأكيد. فهولاء الأكراد الإنفصاليون كلهم مهاجرون إلى الحسكة منذ 1925 هجرات متعددة وكثير منهم متسللون إلى سورية صاروا بعد فترة يتهمون أهل البلد أنهم وهم السوريون الأصلاء؟؟ يحرمون من الجنسية التي هي حق طبيعي لهم!! مدللين بذلك على مظلوميتهم!! حقا اللي استحوا ماتوا ! عودا إلى تركيا حيث جئتم واسعوا هناك لتكوين دولة لكم واستردوا جنسيتكم التركية أيها الأوغاد الكذابون!
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات