(أ) أم (ب) لا فرق..سوريا المركزية انتهت

(أ) أم (ب) لا فرق..سوريا المركزية انتهت
هُدنة أم خطة بديلة ما الفائدة، وثمة مشروع يُشتغل عليه منذ أكثر من عقدين ونصف. هو الشرق الأوسط سواء أكان الكبير أم الجديد، لا يهم لدى صانعيه ومروجيه، فقط ما يهم هدم الحدود وردمِها، مقابل رسم حدود جديدة تتطلب إجهاض كيانات سياسية هُمّ أنفُسِهم الذين يُهدمون اليوم، هُمّ من أنشئوها بالأمس.

إعلان الهدنة، مثلها كمثل بداية الحرب. هوس القتل والانتقام المتوازي بخلطة غريبة مع الرغبة في الأنعتاق ونيل الحرية يحجب المعرفة ويشوه الصورة. لكنها تُكدس الأحقاد بدلاً من تذليلها. لا غالب ولا مغلوب هي إذاً لُعبة اللعب بالتوازنات وفرض قسوة ديمومة القتل والنزيف. 

راهن الشعب السوري كثيراً على السعودية وتركيا، لكنهم لم يُدركوا إن الدعم المادي والسلاح، واحتضان المعارضة واللاجئين، لا يدخل ضمن خانة خَلق الحل المطلوب أو المتناغم مع الرغبة الشعبية السورية.

ليس للسوريين أي أصدقاء حقيقيين، سوى السوري نفسه، لكن المشكلة أن السوري لم يتعلم هذه المعادلة حتى اليوم، بعكس الكوردي الذي أدرك منذ مدى طويلة جداً؛ إن لا أصدقاء حقيقيين للكورد سوى الجبال، فشتغل على ثنائية إرادة وصمود الجبال، وخلق مناخات لكسب الأصدقاء والحلفاء. لكن ما لم يدركه الشعب السوري، وتحديداً السنّة العرب في سوريا، إن لا أصدقاء ولا مانحين ولا مهتمين بشأنهم.

الهدنة قد رسمت مبدئياً الخريطة الجديدة لسوريا المستقبل وتوزع النفوذ وموازين القوة، كما يشتهي أقطاب الصراع والنفوذ، لذا لم ولن تختلف الخطبة (أ) عن الخطبة (ب). فاستمرار الهدنة ستكون بمثابة فرض إرادة القوة المتمثلة في روسيا – امريكا، والخوض في غمار الوجود الفعلي للتقسيم أو التوزيع الجيوسياسي للمتنافسين على الظفر بأكبر قدر ممكن من الكعكة. مما يعني أن سوريا وتحديداً مناطق الفصائل  والقوة العسكرية والسياسية السنية مُقبلة على متاهات الحل السياسي في سوريا، وسيجد السنة أنفسهم مادة أو وقود أو قربان لمتطلبات الشرق الأوسط الجديد. فكِليهما –السعودية وتركيا- يُدركان إن بقاء سوريا مركزية وانتصار النظام، يُمهد لإعادة إحياء الربيع العربي ضمن نطاق حدودهم السياسية الحالية، ولن تسلمان من الخرائط الجديدة والرسم المستقبلي.  وإن لم تستمر الهدنة سيتوجب الانتقال إلى فرض قوة الإرادة الدولية أيضاً الروسية الأمريكية على كل من إيران، تركيا، السعودية، دون أي وجود للشعب السوري. 

وستطبق كل من روسيا وامريكا ما يريانه مناسباً لتنفيذ مشاريعهم ومخططاتهم، وسيلجئون للقوة الطامحة للتغيير.

وعلى الجبهة السورية الداخلية فإن حلب، المحافظة المتأخرة من اللحاق بركب الثورة، والإقليم الأكثر تضرراً ريفاً ومدينة من ضربات الطيران الروسي، ستكون مربط الفرس، فإن سقطت مع إعزاز بيد النظام، فقدت المعارضة أخر طرق وممرات التمويل، وسقط المعبر الحدودي، ومعها سيبدأ مسلسل التنكيل الخفي والصامت، دون نسيان أنها ستكون جواز سفر لانتهاء مهمات عدد من التنظيمات الراديكالية، وبدء مهامها في دول جديدة وتحديداً تركيا، سعودية، ليبيا، وإن كانت الأخيرة لا تشكل أي ضغط أو تأثير في المعادلة السورية، لكن تركيا والسعودية هما مفتاح شكل الدولة السورية المقبل بين الفدرالية أو التقسيم. فالموقع الأكثر حساسية في المشروع الدولي هي سوريا المركزية، لذا تقتضي مصالح المُستفيدين من المشروع إعادة " فرمتة سوريا" من جديد لذا تسعى روسيا لخلق كتلة كوردية مستقلة ضمن جنيف 3 مُشكلة من جميع التيارات والتوجهات السياسية الكوردية في سوريا، وهي سعت لاستقطاب وجوه سياسية غير التي تتعامل معها، بغية الظهور بمظهر صاحبة إرادة القوة وفرض توجه جديد عن المشاركة الكوردية، على إنها غير مقتصرة على حزب الاتحاد الديمقراطي. من جهتها ستسعى أمريكا لإجبار تركيا على القبول بكيان كوردي إلى جوارها مع تقديم ضمانات كافية بعدم تحريك المنطقة الكوردية في تركيا على المدى المنظور.

ومع هذه المعطيات الجديدة التي فرضتها الهدنة والتلويح بالخطة (ب) ستعول السعودية للخروج بتسوية تخدم مصالحها، أقل ما يمكن القول عنها صياغة مشروع لا مركزي سياسي لسوريا المستقبل، فبقاء سوريا موحدة وانتصار النظام وإمكانية وصول رياح الثورة والتحدي إلى الشارع الخليجي سيكون بمثابة فتح الباب على مصرعيه لاستضافة داعش في عقر دارهم، وتفجير الرغبة الكامنة لدى أبناء المنطقة الشرقية في السعودية.

لا حل للأزمة السورية دون تشكيل نمط ونظام جديد لشكل الدولة ونظام الحكم وتوزيع الثروات وصلاحيات الأطراف وحقوق الأقليات وضمان حصولهم على ما يتناسب ونسبتهم...الخ من تقاسيم الدستور الجديد. ومع إن الحل يكمن في جديد هيكلة وشكل النظام القادم، إلا أن المتاهة بين الفدرالية  والتقسيم سيدفع بالدول الإقليمية لاختيار الأهون، على الأقل لتوظيفها في السنين القادمة، وهم يعلمون جيداً أنه حتى الفدرالية لن تحل المعضلة السورية.

في كلتا الحالتين من فدرالية أو تقسيم، تركيا ستجد نفسها في حالة داخلية جديدة، وستجد على حدودها إقليم كوردي جديد، والسعودية ستجد نفسها إزاء خارطة سياسية جديدة وإقليم سني فقير ومدمر ومفتقد للبنية التحتية من خدمية وتعليمية وأمنية.

وهذه بحاجة إلى شروحات أخرى.

التعليقات (2)

    سوري مسكين

    ·منذ 8 سنوات شهر
    نفهم من كلامك أن الاكراد ليسوا سنة ؟؟؟

    بلال الحلبي

    ·منذ 8 سنوات شهر
    إن فلسطين ضاعت منذ أسلم الفلسطينيون مفتاح قضيتهم لغيرهم . إن الشعوب التي ترضى أن توضع بلدانها على موائد الدول الكبرى فيجب ألا تتفاجأ عندما تعتبرها هذه الدول وجبة نضجت وحان أوان تقاسمها . قال الله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات