كيسنجر وفي معرض تبريره للحرب العالمية، يقول إن الغرب كان في غفوة تاريخية طويلة تجاهل خلالها النمو المتسارع لقوة كل من روسيا والصين وإيران الى أن اصبحت دولا عظمى ذات هيبة وهو ما يتناقض مع المصالح الاستراتيجية لأمريكا، حيث يخلص في النهاية إلى أن تلك الحرب ستنتهي بانتصار أمريكا وحلفاءها، حيث سيعقب ذلك بناء نظام عالمي جديد تحكمه حكومة كونية واحدة تهيمن عليها الولايات المتحدة الأمريكية.
بالعودة إلى النفط الذي هو مصدر نعمة ونقمة في آن معاً، فهو وبعكس ما يشاع عنه ولغاية في نفس يعقوب، يبقى مصدر الطاقة الأكثر أمانا وصداقة للبيئة مقارنة مع الوقود النووي والفحم الحجري، خاصة ذلك النوع من النفط الذي يتم استخراجه من منطقتنا العربية وبوسائل الحفر التقليدية التي لا تحتاج إلى الكثير من عمليات المعالجة، على خلاف البترول الصخري أو الرملي الأمريكي المكلف ماديا والملوث للبيئة بسبب مخلفات عمليات الاستخراج والمعالجة واستهلاكها لملايين الجالونات من المياه.
في الحديث عن الولايات المتحدة الأمريكية، فقد طفت على السطح مؤخراً وبالتوازي مع أزمة إنهيار أسعار النفط مسألة إنتاج الولايات المتحدة للنفط الصخري وقدرتها على الإكتفاء الذاتي بل وحتى التصدير، وهو ما سبب حالة من التخبط والهلع وخلط الحقائق، خاصة لدى شرائح كبيرة من السياسيين والإعلاميين والإقتصاديين، الغير عارفين بحقيقة وخفايا تكنولوجيا إستخراج وصناعة النفط وأنواعه.
تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أحد أكبر منتجي ومستهلكي النفط في العالم، فهي وعلى سبيل المثال ورغم إنتاجها الكبير من النفط ومشتقاته الهيدروكربونية والبالغ 12.6 مليون برميل في العام 2014، فقد إستهلكت في نفس الفترة أكثر من 19 مليون برميل أي ما نسبته حوالي 40% من إحتياجاتها وهو السبب الرئيس في عجز الموازنة التجاري البالغ 50%. كان معدل انتاج النفط في الولايات المتحدة في العام 2015 بحدود 9.4 مليون برميل يوميا، مع توقعات لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية بهبوط الإنتاج الأمريكي في العام 2016 الى 8.90 مليون برميل يوميا، وهو ما يدحض نظرية الإكتفاء الذاتي ويكشف حقيقة أن كل ما يشاع حول هذا الأمر ما هو إلا عملية تبخيس لأهمية النفط وسحب ورقته كسلاح استراتيجي من يد العرب.
النفط الصخري ليس منافسا للنفط العربي لعدة أسباب أهمها:
- التكلفة الباهظة للإنتاج والتي تكلف ما بين 40 دولار و80 دولار بحسب طبيعة البئر المنتجة، في حين أن تكلفة إنتاج برميل النفط في السعودية ودول الخليج العربي تتراوح ما بين 5 و7 دولار للبرميل.
- العمر الإفتراضي القصير للآبار المنتجة للنفط الصخري حيث يبدأ بالتناقص فور بدء الإنتاج ما يدفع لحفر آبار جديده، على عكس الكثير من آبار النفط في السعودية مثلا والتي لا تزال تنتج بنفس طاقتها.
- إنتاج النفط الصخري يحتاج إلى عمليات معالجة معقدة وملايين الجالونات من المياه، وبالتالي فهو غير صديق للبيئة، بينما سنجد أن إنتاج النفط في السعودية هو من النوع الخفيف الممتاز ولا يحتاج إلى عمليات إنتاج معقدة.
- حكومة الولايات المتحدة الأمريكية تشتري حتى النفط المنتج داخل أراضيها لأنه مملوك للقطاع الخاص وهذا ما يغفله الكثيرون. تقول دراسة أعدتها شركة "إرنست أند يونغ" للتدقيق عام 2013 إن خمسين من أكبر شركات الطاقة الأميركية أنفقت حوالي 126 مليار دولار منذ عام 2005 في عمليات شراء الأراضي وحفر آبار البترول.
- الاحتياطي الامريكي من النفط حوالي 30 مليار برميل، في حين أن احتياطي السعودية 268 مليار برميل، أي 9 أضعاف الاحتياطي الأمريكي. الاحتياطي السعودي في المرتبة الثانية عالمياً بعد فنزويلا، بينما الاحتياطي الامريكي في المرتبة الرابعة عشرة وهو يأتي بعد إيران، العراق، الكويت، الإمارات، ليبيا وقطر.
النفط ليس فقط سلعة تجارية، إنه الذهب الأسود ووسيلة الضغط السياسية التي تتحكم بالعلاقات الدولية، وهو كذلك الرافعة المحركة للإقتصاد العالمي، والأهم أنه السلاح الاستراتيجي الخفي الذي هزم هتلر عندما فتحت الولايات المتحدة الأمريكية خطاً مباشراً لتزويد بريطانيا بالوقود اللازم لتشغيل المصانع والآليات الحربية البريطانية في حين عجز هتلر عن إيصاله إلى قواته التي تقطعت بها الأسباب في سيبيريا وأرجاء القارة الأوروبية.
أهم مراحل تقلبات أسعار النفط
الحظر العربي
مراحل عديدة مرت بها هذه السلعة الإستراتيجية ما بين صعود وهبوط، حيث تراوح سعر النفط فيها بين 2.5 دولار و 147.3 دولار للبرميل، فأسعار النفط وطيلة السنوات التي سبقت العام 1973 كانت مستقرة وتتحكم فيها مجموعة من الشركات العالمية أهمها المجموعة التي كانت تعرف باسم الأخوات السبع وهي: "اكسون وموبيل وشيفرون وغلف وتكساكو وشل وبي بي" لكن هذا النظام العالمي انهار بعد الحظر النفطي الذي فرضه العرب على الولايات المتحدة وهولندا وكندا واليابان وبعض الدول الداعمة لإسرائيل خلال حرب أكتوبر \\ تشرين الثاني من العام 1973، لتتبعها السعودية بخطوة تأميم شركة أرامكو فيلحق بها باقي المنتجين في تأميم شركات البترول. أسعار البترول حينها قفزت من حوالي 3.5 دولار للبرميل إلى 12 دولار للبرميل. الهزة العالمية لم تقتصر على أسعار البترول فقط فبورصة نيويورك للأوراق المالية فقدت حوالي 97 مليار دولار في قيمة أسهمها خلال ستة أسابيع فقط.
مرحلة 1979 – 1986
وهي ما يمكن تسميته بالمرحلة الإيرانية العراقية والتي بدأت بخلع شاه إيران واستلام الخميني لحكم إيران، ولاحقا الحرب الإيرانية العراقية التي استمرت 8 أعوام، تسببت بخفض الإنتاج بشكل كبير في كلا البلدين، حيث كانت إيران تنتج حوالي 6 ملايين برميل قبل وصول الخميني لسدة الحكم، بينما لا تستطيع اليوم إنتاج أكثر من 3.5 مليون برميل، في حين أن العراق لا يستطيع إنتاج أكثر من 1.5 مليون برميل. هذه المرحلة شهدت تقلبا في أسعار النفط عالميا نتيجة الركود الاقتصادي وتباطؤ النمو الاقتصادي في العديد من دول العالم، لتنتهي بانهيار أسعار النفط في منتصف العام 1986 حيث سجل النفط سعر 7 دولار للبرميل، لابل قيل إن برميل النفط قد بيع بحوالي 3 دولارات.
المرحلة الذهبية
تعتبر الفترة 2007 – 2008 الفترة الذهبية لأسعار النفط وذلك بعد أن ارتفعت أسعار النفط بشكل جنوني بنهاية عام 2007 وذلك من 60 دولار للبرميل كاسرة حاجز الـ 80 دولار لتصل إلى أعلى مستوياتها في التاريخ في شهر يوليو \\ تموز من العام 2008 حيث سجلت 147.3 دولار للبرميل، لكنها سرعان ما عاودت الهبوط بسبب المخاوف على الطلب العالمي من الركود الاقتصادي الذي كان سببه أزمة الرهن العقاري في شهر أكتوبر من عام 2008، لتصل الأسعار إلى 40 دولار للبرميل مع نهاية العام, وهو ما دفع منظمة أوبك للإجتماع وإتخاذ قرار بسحب اكثر من 4.5 مليون برميل من السوق ما ساهم في تعافي الأسعار تدريجيا وصولا إلى تخطيها عتبة 100 دولار بحلول العام 2011.
إنتاج النفط الصخري في كل من الولايات المتحدة وكندا وإن بمستويات غير مسبوقة، ليس هو السبب الوحيد لانهيار أسعار النفط لكنه وبكل تأكيد كان أحد أهم الأسباب التي أدت لانهيار الأسعار، فثبات أسعار النفط فوق 100 دولار لأكثر من 3 سنوات خلال الفترة من 2011 إلى 2014، إضافة إلى جشع منتجي النفط حول العالم أعطى منتجي النفط الأمريكيين الوقت الكافي لتطوير إمكانياتهم والاستثمار في إنتاج النفط الصخري المكلف والاستفادة من هامش ربح بين 30 و50 دولار للبرميل.
الأسباب الحقيقية لانهيار أسعار النفط
لا شك أن العرض والطلب هو القاعدة الأساسية التي تحكم أسعار أي سلعة تجارية، لكن وبغض النظر عن أسباب تدني الطلب على النفط وهو ما سيتم التطرق إليه، يبقى السؤال الملح هو لماذا هذا الإنهيار الكبير في الأسعار؟ ولماذا لا يتدخل كبار المنتجين لإنقاذ سلعتهم الاستراتيجية؟
العامل السياسي
لعل أحد أهم أسباب انهيار النفط هو الصراع الذي سببته الثورات المضادة التي خلفت الفوضى والخراب وأبعدت الشعوب العربية عن هدفها، وهو ما أدخل المنطقة في دوامة من صراع الأجندات وتضارب المصالح، الأمر الذي وظفته الولايات المتحدة الأمريكية لخدمة أهدافها بعيدة المدى وذلك باستنزاف الجميع وبشكل لا أخلاقي.
لقد أثر التدخل الإيراني في العراق وسورية واليمن في تأجيج الصراع وتوسيع رقعته وبالتالي رفع كلفته البشرية والمادية، وهو ما هدد أمن دول الخليج العربي والسعودية التي وجدت نفسها مضطرة للتعامل مع الخطر المحدق بها والتدخل المباشر في اليمن من خلال تحالف عربي – إسلامي كان يفترض أن يكون محدودا لكن عامه الأول شارف على الانتهاء.
دخول روسيا المباشر على خط المواجهة في سورية منع إسقاط الأسد وأجهض أي فرص لإيجاد تسوية للأزمة وأعاد الصراع إلى نقطة الصفر، ففصائل المعارضة السورية أصبحت في مواجهة نظام الأسد وإيران وميليشياتها الطائفية إضافة لدولة تصنف على أنها عظمى، وهو ما أحرج المحور الداعم لهذه الفصائل، خاصة مع وجود موقف روسي متعنت يحاول فرض رؤيته للحل، ويعمل على إيجاد موطئ قدم له في المنطقة، سيما بعد خروجه خالي الوفاض من إتفاق إيران النووي مع الغرب، هذا الاتفاق الذي تضررت منه السعودية بدورها، حيث إعتبرته إطلاقاً ليد إيران في المنطقة.
وصول الملك سلمان إلى سدة الحكم في السعودية أسهم في تغيير واضح في سياسات المملكة التي بدأت سباقاً مع الزمن لإعادة تصويب سياساتها الخارجية ومن ضمنها علاقاتها مع محور تركيا – قطر، بعد أن كانت في حالة شبه قطيعة معهما، أما ما ساعد في هذا التوجه فهو طعنة السيسي للعهد السعودي الجديد والتي تمثلت برفضه المشاركة في عاصفة الحزم، بل واستقباله وفدا للحوثي في مصر، ولاحقا وفدا من حزب الله اللبناني.
روسيا الهائجة بهيجان رئيسها بوتين والمندفعة في أوكرانيا وسوريا، تعاني من ركود إقتصادي وتضخم مالي جعل عملتها تخسر أكثر من 200% من قيمتها أمام الدولار وخلال أربعة أعوام، في حين أن إقتصادها منكمش بنسبة 5%، لكنها ومع ذلك تمارس عربدة جعلتها تدخل في صدام غير معلن مع السعودية التي بدا أنها ليست في وارد التراجع عن القيام بدور يصوب المسار الذي انحرف كثيرا خلال الفترة الماضية ما سمح لإيران أن تمسك بخيوط اللعبة ومقاليد الحكم في أكثر من بلد عربي وأن تنشر خلاياها في بلدان أخرى.
يبلغ إنتاج روسيا من النفط حوالي 10 ملايين برميل يوميا، لكنها لا تصدر منها سوى 4.7 مليون برميل في حين أن إنتاج السعودية المعلن من النفط يبلغ أكثر 9 ملايين برميل، مع إمكانية إنتاج 13 مليون برميل، تستهلك منها حوالي 3 ملايين برميل، وتصدر 7 ملايين أخرى. (الأرقام تقريبية ±).
السعودية تحتفظ باحتياطي نقدي يقدر بحوالي 3 تريليونات دولار (3000 مليار دولار) وهو ما يؤهلها للصمود والتعايش مع أسعار ما دون 20 دولار للبرميل ولأكثر من عام، وبالتالي فإنها وعلى ما يبدو قد حسمت أمرها لجهة المضي قدما في حرب كسر العظام مع كل من روسيا وإيران التي لن تستفيد كثيرا من رفع العقوبات بسبب تدني أسعار النفط، في حين أنها عززت خزينتها عن طريق رفعها لأسعار المحروقات داخل إيران، الأمر الذي أسهم في مزيد من التضخم الذي لا تعيره الحكومات الإيرانية كبير اهتمام.
روسيا تدرك جيدا أن إستمرار السعر الحالي للنفط ليس في صالحها وهو ما دفعها لحضور اجتماع الدوحة الرباعي الذي ضم "السعودية وقطر وروسيا وفنزويلا" ونتج عنه إتفاق على تثبيت معدلات إنتاج الشهر الأول من هذا العام، لكن حضورها هذا ربما يكون متأخراً بعد التعنت الذي أبدته في بداية الأزمة.
بحسب خبراء ومحليين في مجال النفط والطاقة فإن تعافي أسعار النفط والوصول إلى سعر 40 دولار للبرميل سيحتاج إلى خفض المعروض بحدود 2 مليون برميل، حيث يبدو هذا السعر مقبولا لمعظم المنتجين، طبعا باستثناء منتجي النفط الصخري.
تستطيع السعودية لوحدها خفض إنتاجها من النفط بمقدار 2 مليون برميل لو أرادت وتعويض الخفض بفرق الأسعار، لكنها إن فعلت فستخسر زبائن مهمين لصالح منافسيها، إضافة إلى أن ارتفاع أسعار النفط سيعيد المنتجين الذين أخرجتهم الأزمة إلى السوق، وهذا ما لن تقدم عليه السعودية لوحدها ولا يبدو أنها ستفعله بالتعاون مع روسيا قريبا حيث الثقة معدومة بين الطرفين ما لم يتم التوصل إلى إتفاق حول سورية التي باتت هي بيضة القبان في كل ما يحدث.
العامل الاقتصادي والتجاري
استناداً لما تم ذكره أنفا فإن من أسباب إنخفاض أسعار النفط:
- زيادة كمية المعروض نتيجة الإكتشافات الجديدة ودخول مصادر النفط الصخري الذي أصبح إنتاجه مجدياً.
- انخفاض الطلب على النفط نتيجة الركود الاقتصادي في كل من الصين وأوروبا.
- حرب الإنتاج والأسعار بين المنتجين داخل وخارج منظمة أوبك التي ما عادت المتحكم الرئيس بسوق النفط العالمي.
- ارتفاع سعر صرف الدولار وهو ما يؤثر على القدرة الشرائية للدول النامية.
- التقدم العلمي والتكنولوجي الذي أتاح مصادر شبه بديلة للنفط إضافة إلى إنتاج سيارات وآلات موفرة في استهلاك الوقود.
- تخزين النفط الاستراتيجي الذي بلغ أعلى مستوياته في الولايات المتحدة والصين التي أعلنت عن نيتها التوسع في عمليات التخزين لتصبح كافية لمدة 90 يوما بدل 60 رغم استهلاكها الكبير والذي يقدر بأكثر من 10 ملايين برميل يوميا.
- عمليات إنتاج وتصدير النفط من كردستان العراق والتي لا يعرف حجم ما تنتجه وتصدره بدقة.
- سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية وباقي الفصائل المسلحة كجبهة النصرة ووحدات الحماية الكردية والجيش الحر على العديد من حقول النفط في سورية والعراق واحتكارها لعمليات إنتاج وبيع النفط في مناطق سيطرتها وإن كان ذلك بطرق بدائية.
- أما الأهم فهو توقف عجلة العديد من نواحي الحياة الاقتصادية والصناعية في عدد من دول المنطقة كالعراق وسورية واليمن وليبيا، وهو ما أدى لضعف استهلاك النفط في هذه الدولة التي باتت تصنف على أنها فاشلة، وهذا واحد من أهم الأسباب التي لم يتطرق إليه الكثيرون في تعاطيهم مع أزمة الأسعار.
انهيار دول المنطقة وخروجها من دورة الاقتصاد العالمي
الركود الاقتصادي هو مصطلح يعبر عن هبوط في النمو لمنطقة أو سوق ما، حيث يعزى سبب هذا الركود إلى أن الإنتاج في دولة ما يفوق الاستهلاك، الأمر الذي يؤدي إلى كساد البضاعة وهو ما يصعب على المنتجين بيع مخزونهم من المواد التجارية والمصنعة، فينخفض معدل الإنتاج، ما يعني الاستغناء عن الأيدي العاملة وارتفاع في نسبة البطالة، وبالتالي انخفاض القدرة الشرائية للمجتمع أو الدولة.
جميع المحللين الإقتصاديين ومراكز البحث المتخصصة يقدمون دراساتهم التي تتصدى للأرقام والوقائع في هذه الدولة أو تلك، لكن أياً منها لم يتطرق لأحد أهم أسباب الركود الاقتصادي العالمي ألا وهو أن دولا مثل العراق وسورية وليبيا واليمن لم تعد حتى دول عالم ثالث مستهلك، بل أصبح يطلق عليها دولاً فاشلة، تشرد سكانها حول العالم، أما من تبقى منهم فيكافحون للبقاء على قيد الحياة، في حين أن دولاً كمصر وتونس ولبنان وغيرها تعاني من ضعف القدرة الشرائية، ومن يدري فربما نراها قريبا قد انضمت لنادي الدول الفاشلة، خاصة بعد الدعوات التي أطلقها حاكم مصر لمواطنيه بالتبرع للدولة يوميا ولو بجنيه واحد.
عندما نتحدث عن دول كالعراق وسورية ولبنان ومصر وليبيا وتونس واليمن فنحن نتحدث عما مجموعه 170 مليون نسمة يتوزعون على 7 دول كانت تعتبر مستهلكا كبيرا للمنتجات التي يتم تصديرها من الشرق والغرب على حد سواء، وهذا بدوره أحد أهم أسباب الركود الاقتصادي العالمي.
من المهم للدول العربية التي تحتفظ بأرصدة مالية واستثمارات في الخارج أن تبدأ بالتفكير جدياً في استعادتها وإن بشكل تدريجي لا يسبب لها صداما مع الدول الكبرى، فالفوضى ومجموعة الأزمات التي نشبت في المنطقة معقدة جدا ولا يبدو أنها في طريقها إلى الحل قريبا، لابل إن الطريقة التي تتم بها معالجة هذه الأزمات لا تبشر بخير، وتسير بها من سيء إلى أسوأ.
التعليقات (6)