وجاء الاحتجاج بعد اعتداء عدة رجال شرطة على أحد المواطنين في منطقة الحريقة، وهو أحد أبناء تجار المنطقة، واقتادوه إلى بناء مهجور مع الاستمرار بضربه، حينها ثار المواطنون الموجودون في تلك المنطقة، بعد أن سمعوا صراخ الشاب واستغاثته، وسرعان ما تجمع أبناء المنطقة والذين قُدّرعددهم بأكثر من 1500، ليبدأ الاحتجاج على معاملة الشرطة للمواطنين والتنديد بالسرقات التي أصبحت معتادة منهم. وهتف المتظاهرون حينها "حرمية حرمية" و"الشعب السوري ما بينذل"، وتمّ بعد ذلك تسجيل المظاهرة وتداوالها على مواقع التواصل بنطاق واسع.
ومكث المتظاهرون آنذاك أكثر من ثلاث ساعات في المكان، وأغلقوا الشواراع المجاورة، مما أثار رعب الأمن ومؤسسات النظام أمام هذا التمرد المفاجئ، ولاسيما أن المظاهرة كانت حركةَ احتجاجٍ غير مسبوقة في سوريا، خصوصاً أنها جاءت في سياق الربيع العربي، حينها أتى عدة ضباط برتب كبيرة، قبل أن يصل وزير الداخلية لتهدئة الوضع، فخرج من نافذة السيارة وخطب بالمتظاهرين، ومازال السوريون حتى الآن يتندرون بكلمة الوزير الشهيرة آنذاك" هي اسمها مظاهرة، هاد عيب!!". قبل أن يقوم باصطحاب الشاب معه في سيارته واعدا بالتحقيق بما جرى.
وحاولت وسائل الإعلام التابعة للنظام حينها أن تموه الحدث، حيث قامت بجمع شهادات من المتظاهرين تحت الضغط والتهديد، حول اعتراضهم فقط على عناصر الشرطة، وبأن الهتافات كانت للمطالبة بإطلاق سراح الشاب ومحاسبة عناصر الشرطة المتورطين بالحادثة، ولم يتخيل القائمون على ذلك، بأن التسجيل سوف يتعمم في مواقع التواصل، وبأن الهتاف السوري مابينذل سوف يسمعه العالم كله.
يشار إلى أنّ السوريين خلدوا تلك المظاهرة بأرشيف الثورة السورية كأول حركة احتجاج سورية، وقام الفنان" علي فرزات" برسم لوحة كاريكاتير ساخرة عن الوزير الذي جاء إلى المظاهرة وعن قوله آنذاك:"عيب .. هي مظاهرة !؟وكل مظاهرة بدعة.. وكل بدعة ضلالة… وكل ضلالة في النااار!!؟".
والجدير بالذكر أن الحركة التي تلت حركة الاحتجاج في سوق الحريقة كانت ظهر يوم الثلاثاء 15/3/2011 في سوق الحميدية بدمشق، وأتت هذه الخطوة الجريئة بعد فشل أكثر من محاولة للتظاهر حددتها مجموعات الثورة السورية على موقع التواصل" فيسبوك" قبل هذا التاريخ، وتم تصوير " المظاهرة " ونشرها بنفس اليوم على كل المجموعات التي لم يكن عددها يتجاوز – آنذاك – العشرة، أقدمهم وأكثرهم عدداً صفحة" الثور السورية لإسقاط بشار الأسد 2011 "، وأعقب ذلك الوقفة الاحتجاجية أمام .
ومن ثم انطلقت الشرارة الأولى للثورة السورية بتاريخ 18-3-2015، من مدينة درعا، لتكون الحركات الاحتجاجية السابقة إرهاصات مهدت لولادة الثورة في درعا التي كسرت جدار الخوف وكانت قادرة على الاستمرار، فخروج الأهالي مطالبين بالإفراج عن أبنائهم والقمع الذين تمت مواجهتهم به، جعل الشعب السوري يهب عموما للوقوف ضد نظام بشار الأسد.
التعليقات (1)