هل يتدخل البارزاني في الشأن السوري؟

هل يتدخل البارزاني في الشأن السوري؟
صرح الرئيس "بارزاني" أثناء مشاركته في مؤتمر الأمن العالمي المنعقد في ميونخ، عن عدم قبوله في فرض أي رؤية على كُرد سوريا، وخاصة من طرف من يحاولون فرض أنفسهم بالقوة على كُرد سوريا، وأوضح الرئيس البارزاني عن استعداده للتدخل عسكريا  ودبلوماسياً ضد المعتدين على الكُرد في سوريا. تصريحات البارزاني جاءت منسجمة مع احترام الحالة الوطنية السورية، فأشار إلى ضرورة توافق الكُرد مع شركائهم الشعب السوري. 

تصريحات البارزاني تنم عن حسه القومي بضرورة الدفاع عن بني قومه وشعبه، حين أوضح انه يملك الحق بالتدخل، كما تتدخل بقية الدول لحماية قوميتهم وهويتهم في دول أخرى من ضمنها سوريا.

وضمن السياق ذاته، أماطت اللحظات الحرجة بين وفدّي النظام والمعارضة مع ديمستورا في جنيف 3، اللثام عن المطمور بتأثير الظروف السياسة المستحدثة، أو نتيجة عدم دنوّ الوقت المناسب للإشهار.فالأحداث الكبرى، مهما تبلغ من بشاعتها الدموية، قد تشقّ رؤى جديدة غير مُدركة وغير متوقعة سلفاً. فما أسسه نابليون في حروبه فتحت الباب أمام أبناء القوميات للمطالبة بحقوقهم في بلدان أوربية شتى، حتى التي لم تصلها المد الثوري النابليوني.

وعرف عن البارزاني منذ بداية الثورة السورية مواقفه الداعمة والمساندة للثورة السورية، ليس أدل من القول رفضه المكرر لاستقبال مندوبي النظام السوري، ورفضه الدعوات المتكررة من النظام السوري والمتضمنة استقباله كرئيس دولة، وهو – النظام السوري- الذي كان مصراً على عدم استقبال البارزاني أكثر من رئيس حزب. وفي الاتجاه المقابل فإن الإقليم الكُردستاني لم يهدأ من استقبال الوفود السياسية والعسكرية والقيادات والتنظيمات الشبابية والحزبية الكُرردية منها والسورية. وليست التفجيرات التي شهدتها مناطق الإقليم بمحض مصادفة أو بعيدة عن ردة الفعل والانتقام من مواقف الرئيس البارزاني المؤيدة للثورة السورية. 

المواقف والاتفاقيات الدولة لا تتجزأ في نتائجها على الشرق الأوسط وتحديداً العالم العربي، فما ستتمخض عنه نتائج النزاع السوري بعد 5 سنوات، وبعد تدويل القضية السورية، هو حصر الحل خارج الدولة والشعب السوري، فإن الوضعية الجديدة سيكون للعراق ولإقليم كُردستان العراق النصيب الأكبر من التغيرات التي ستطرأ على اتفاق روسيا وأمريكيا بخصوص المنطقة، والاتفاقية الدولية الجديدة. هذه الحقائق دفعت بالبارزاني إلى تقديم رؤيته لجميع أطراف الحركة السياسية في كُردستان العراق، خاصة وأن الإقليم اليوم هو نتائج ثورة بدأت منذ عبد السلام البارزاني الأول ضد الإنكليز وإلى اليوم، مروراً بجميع المحطات والانتكاسات والانتصارات الثورية والعسكرية والسياسية والتتويج بالفدرالية الكُردية. رؤية البارزاني كانت واضحة خاصة من جهة الترسيم الجديد للحدود الدولية بالدماء، وهي تلك الدماء التي تسترخصها قوات البشمركة لترسيم حدود دولة كُردستان.

 

إن غياب الإجماع الوطني السوري خاصة إبان الربيع العربي على وطنية الحركة السياسية الكُردية في سوريا حتى مع طروحاتها بالفدرالية، تفضح بجلاء واضح مدى هشاشة النسيج السياسي السوري، وهي تخوض معركة ضد النظام، ومعركة ضد أي وافد جديد كنتيجة من نتائج التغيرات الواجب وجودها بعد ثورات الربيع العربي، وإلا سيؤول التغيير الموعود والمنشود إلى فشل بيّن. لكن سيؤول أيضاً إلى فضح الفكر التحرري الضدّيّ بين طرح تغيير النظام السوري والإبقاء على نتائج مراسيمه وقراراته وتعريبه ضد الكُرد، لدرجة أن بعضهم أصبح كالقلاع المدافعة عن الوضع القائم. المعارضة السورية مثقلة بالهموم والمشكلات ومتطلبات المرحلة، لكن ما غاب أو ربما غُيّب عن طروحاتها وتطبيقها عملياً كان ولا يزال طرح مسألة الإجماع الوطنيّ، خاصة وأن الشرخ كان متسعاً والهوة كبيرة بين مكونات الشعب السوري قبل الثورة، وهو ما أثبتت الأيام أن توسيع الشرخ مستمر والكراهية والعداوات بين الجماعات المختلف لغوياً ودينياً وقومياً مستمرة.

وضمن حلّ القضية الكُردية وثقلّ مواقف الرئيس البارزاني ومشروع حزبه –الحزب الديمقراطي الكُردستاني- فإن دعوته للاستفتاء على الاستقلال وإصراره على المضي قدماً في طرحه على الرغم من الخناق والحصار الداخلي والخارجي للإقليم، والهجوم الشرش باستخدام داعش ضد مختلف مناطق الإقليم، ينتظر الشعب الكُردي بترقب وتوجس حزر ما سيؤول إليه الوضع الكُردي في الإقليم داخلياً على صعيد التفاهم الكُردي –الكُردي وهو ما سينعكس بصورة مباشرة وواضحة على الوضع الداخلي للكُرد في كُردستان سوريا. وضمن سياق العلاقة المتبادلة بين مواقف الكُرد في طرفي الحدود المصطنعة، فإن الكُرد وربما كُل دعاة حق تقرير المصير ومطالبي احترام خصوصية الأقليات والشعوب التي تعيش على أرضها، تجد في دعوة البارزاني للاستفتاء على الدولة الكُردية أمرين: أولهما مدى تأثير هذا الاستقلال على كُردستان سوريا وهل ستكون جزءاً منها أم سيقتصر الاستقلال على الإقليم فقط، وثانيهما أن هذه الدعوة تشبه الشمعة الساطعة وسط ظلام الركام والحرب والدمار والقتل على الهوية وعلى الوجود الآدمي في المنطقة.

البارزاني يشيد أسوار دولة الكُرد في مقابل  تضعضع حدود دول أخرى، والكُرد ينشدون إقامة دولتهم في مقابل انهيار دول لم يحافظ لا شعوبها ولا حكامها على كيانها وبقائها، وإن حصل وتم توحيد شطريّ كُردستان فإن اختلاف التصورات والقراءات والتطبيقات ستكون العبرة والنتيجة الأبرز في تاريخ الكُرد المبعثرين على طول الأرض وعرضها في المنطقة مقارنة مع مواقف واستهتار الأنظمة بدولها على الرغم من جبروتهم  وقوتهم. الاختلاف يكمن في التصور المطروح لإنشاء دولة كُردستان، في مقابل إصرار تلك الأنظمة على التفتيت والتدمير. الكُرد ومنذ قرن من اليوم يشعرون أنهم في سجن كبير، لا في وطن يأويهم ويحميهم، وهم المدركون جيداً أن الوطنية المتشدقة بها  من لدّن النظام  وبعض أطراف المعارضة السورية ليست سوى فرض العروبة على شعبً قدّم ملايين الشهداء كرمش عينً. فهل سيعلن البارزاني عن الدولة الكُردية ضمن نطاق جغرافي صغير، أم سيكون للكُرد في سوريا الفائدة الأكبر وتوحيد شطرهم الكُردي مع جنوب كُردستان، حينها سيبقى المثقف العربي يناضل لسنوات كي يثبت أن البارزاني تدخل في سوريا، وسيبقى يصر على نسف ورفض أي وجود لكُردستان سوريا.

الفرق شاسع، الكُرد يضخون دمائهم لاستنهاض حلمهم الموءود المستعد للنمو دوماً، وبين من يناضل في اغتيال أحلام الآخرين.

التعليقات (3)

    علي العايد

    ·منذ 8 سنوات شهرين
    صدام الاكراد الجديد انتهازي دكتاتوري سارق اموال الشعب في كوردستان وضع يده بيد الاخواني اردوغان وهو يعلم ان تركيا لاتريد دوله كرديه على حدودها الجنوبيه فلماذا هذا الاصرار على من قبل صدامنا الجديد على استقلال كردستان وارردوغان يصرح بقوله لااريد دوله للاكراد في سوريا فهل يسمح لصدام البارزاني الجديد تشكيل دوله للبرزانيين الجدد :اريد تفسير لذلك؟

    العراك

    ·منذ 8 سنوات شهرين
    كاتب المقال يهذي ويحلم من أين جاء كردستان سوريا سوريا كلها هي كردستان وتركمانستان وعربستان ولكل من عاش في سوريا لا تستطيع ان تنشئ دولة كردية في سوريا فالأكراد هم من مكونات الشعب السوري المصاهرة بين المكونات الشعب والجيرة والدين وحدت الشعب والحق سينتصر والباطل سينهزم كما وعدنا الله نرفع رؤوسنا بكل من رفع هذا الدين إن كان كردي أو تركي أوعربي

    العراك

    ·منذ 8 سنوات شهرين
    أعداد التركمان في سوريا قد يفوق أعداد أﻷكراد أو يساويهم ولم نسمع صوت تركماني يطالب بتركمانستان سوريا بل مأصاب التركمان يفوق ما أصاب اﻷكراد هل إنسلخ اﻷكراد من دينهم اﻷسلامي ليقيموا دولتهم غرب كردستان على دماء المسلمين وظلم اخوانهم في الدين في الحديث لا فرق بين عربي واعجمي إﻻ بالتقوى وأكراد تركيا والعراق غير أكراد سوريا
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات