حلب: استنفار وغرف طوارئ لمواجهة حصار يهدد نصف مليون مدني

حلب: استنفار وغرف طوارئ لمواجهة حصار يهدد نصف مليون مدني
الأوضاع الإنسانية الصعبة التي خلفتها مجمل مظاهر الحرب التي تعيشها مدينة حلب، أدت إلى موجات من النزوح والنزوح العكسي من وإلى المدينة، حيث بلغ عدد النازحين من سكان الأحياء المحررة فيها ما يقارب المليون ونصف المليون نسمة، حسب احصاءات المنظمات العاملة في مدينة حلب، بينما لا يزال نحو أربعمئة ألف نسمة من سكانها باقون في منازلهم، ويتهددهم، إلى جانب عمليات القصف التي لا تهدأ، حصار يلوح بالأفق، وتسارع مؤسسات الثورة المدنية والإنسانية خطواتها من أجل القيام بما يلزم لمواجهته.

إنشاء مكتب الإحصاء

هذا الواقع، والمخاوف من تطوراته ومضاعفاته، والرغبة في القيام بالاحتياطات اللازمة، وخاصة على الصعيد الإغاثي، دفعت المجلس المحلي في مدينة حلب، إلى إنشاء مكتب احصائي، يعنى بتوثيق السكان في أحياء المدينة المحررة، كما يقول القائمون على مكتب الإحصاء المنشأ حديثاً في المجلس.

يقول "محمد مجوز" رئيس المكتب في لقاء مع "أورينت نت": إن عدد سكان مدينة حلب بلغ قبل بدء حملة القصف بالبراميل المتفجرة، التي استهدفت الأحياء السكنية والمناطق التجارية والمرافق العامة أواخر عام 2013 ، مليون ونصف المليون نسمة، إلا أنه وبعد أسابيع من القصف العشوائي، تناقص العدد ليتقلص حالياً إلى "أربعمئة ألف نسمة" حسب احصائيات موثقة من قبل مجالس الأحياء والمنظمات الإنسانية.

وفي حديثه عن الأسباب التي دفعت المجلس المحلي إلى انشاء مكتب الإحصاء، يقول المجوز: موجات النزوح وعودة بعض العائلات إلى مساكنها، نتيجة انعدام المأوى رغم تقدم العصابات الطائفية نحو مدينة حلب، جعل من وجود مكتب يعنى بإحصاء السكان المدنيين أمراً لا بد منه.

وحسب "المجوز" فإن فائدة توفر رقم دقيق لمن تبقى من السكان داخل المدينة، يتوقف عليه تقدير الحاجة من المخزون الاحتياطي للمواد الغذائية والطبية، وقد بدى هذا الإحصاء ملحاً مع قيام المجلس المحلي بإحصاء المستودعات الإغاثية في المدينة، نتيجة المخاوف من الحصار وتوقف الدعم المطلوب لتلبية احتياجات المواطنين في أي وقت.

غرفة طوارئ لإدارة المدينة

الأحداث المتسارعة التي تمر على مدينة حلب، وسباق للعاملين في المؤسسات الإنسانية مع الزمن، في سبيل تأمين احتياجات المدنيين داخل حلب، والتجهيز لمواجهة شبح الحصار الذي يهدد سكان المدينة، دفع المجلس المحلي لتسريع وتيرة انجاز الإحصاء الجديد، بالتزامن من إجراءات أخرى قامت بها العديد من المؤسسات في قطاعات مختلفة.

فقد أعلن المجلس المحلي لمدينة حلب والشرطة الحرة والمحكمة الشرعية وباقي المؤسسات الثورية، تشكيل غرفة إدارة الأزمة، التي ستعنى بتسيير أمور المواطنيين الرافضين مغادرة منازلهم، وتأمين احتياجاتهم بما يتناسب مع الظروف الحالية والمستقبلية في المدينة.

ووفق رئيس المجلس المحلي "بريتا حاج حسن" فإن غرفة إدارة الأزمة، ستقوم وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية والقضائية، بتسيير دوريات لضبط أسعار السلع في الأسواق، ومحاولة تأمين احتياجات المدنيين بشكل مستمر، فعلى الرغم من أن السكان في الأحياء التي يسيطر عليها الثوار مهددون بالحصار الذي تحاول مليشيا النظام فرضه علينا، إلا أنه لا تزال أكثر من "خمسين ألف" عائلة ترفض التخلي عن منازلها ومغادرة مدينة حلب.

وأضاف حاج حسن: حتى اللحظة لانزال نسيطر على الوضع الغذائي في المدينة، حيث يتم تأمين الطحين بما يتناسب و حاجة السكان منه والتي تبلغ (150) طن يومياً، إضافة إلى مخزون احتياطي يكفي لعدة أيام فقط، ونسعى لزيادة كمياته تحسباً للطوارئ.

كما تم تأمين الوقود، وخاصة للمشافي الميدانية في المدينة، والتي تحتاج بشكل يومي إلى "8000" ليتر يومياً، بالإضافة إلى وضع خطة عمل تلبي احتياجات المشافي الميدانية لستة أشهر قادمة، إضافة إلى تخزين بذار الخضار، وشراء الدواجن والمواشي وإن كان بكميات قليلة.

مخزونات لستة أشهر

ورداً على سؤال لـ"أورينت نت" عن المدة التي يمكن لحلب أن تصمد فيها تحت الحصار إذا ما حدث، أجاب الحاج حسن: حتى اللحظة نعمل على قدم وساق من أجل تخزين أكبر كميات ممكنة من المواد، وقد تلقينا وعوداً كثيرة من المؤسسات الإنسانية والإغاثية، بتأمين المواد الغذائية والوقود وحليب الأطفال المتوقف توريده بالأصل منذ أسابيع عن المناطق المحررة، ويمكن القول إن ما نحن واثقين منه هي الكميات التي بين يدينا والتي لا تكفينا أكثر من ستة أشهر، إذا ماقمنا بأقسى عملية تقنين ممكنة.

ليس الطعام وحده مايقلق المسؤولين عن الأوضاع في حلب، فهاجس توفير المياه يحضر وبقوة على هذا الصعيد، خاصة وأن تنظيم الدولة "داعش" قام بتوقيف عنفات الضخ المسؤولة عن إيصال المياه إلى محطة سليمان الحلبي المغذية للمناطق المحررة في حلب.

وبحسب رئيس المجلس المحلي للمدينة، فإن المجلس تلقى وعوداً باستلام حبوب تنقية تساعد على جعل مياه الآبار صالحة للشرب، إضافة إلى الأبحاث التي تم التوصل إليها بعد دراسة جميع آبار المدينة، والتي من شأنها الحفاظ على الأمن المائي في حلب لأطول فترة ممكنة.

"خلية نحل لا تهدأ" هذه هي حال الناشطين والعاملين في المؤسسات الإغاثية، ترقباً لحدوث أسوء الاحتمالات، رغم الآمال بأن لا تتحقق أمنيات النظام وحلفائه، والتي تتمثل بفرض الحصار على حلب، وهي السياسة التي اعتاد النظام على تطبيقها في مختلف المناطق السورية، الأمر الذي إن حصل، فلن يجد معه أكثر من ثلاثمئة ألف مدني ما يسدون رمقهم به، سوى ما تتمكن المؤسسات الثورية من تخزينه في الوقت الحالي، حيث يسابق ناشطوها الزمن من أجل توفير أكبر كمية ممكنة من المواد الأساسية.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات