تصريح "بايدن" هذا، الذي أطلقه من أنقرة، خلال مؤتمر صحفي، مع رئيس الوزراء التركي "داوود أوغلو" أمس. يحمل من النفاق والمجاملة أكثر مما يحمل من الجدية. إذ ربما تورط الرجل، أو أخذه الحماس. أو يعرف سلفاً بأن أحداً، لن يأخذ كلامه على محمل الجد. خصوصاً أن التفاوض، على الحل السياسي العتيد. غير محدد المدة. أو واضح المضمون. أو المسار.ما يعني أنه لن يرتب، على إدارة أوباما. أو حتى الإدارة الأمريكية التي تليها، سواء أكانت ديمقراطية أم جمهورية. أي التزامات، طالما أن مسلسل التفاوض في جنيف، ساري العرض إقليمياً وعربياً ودولياً.
الحقيقة، أن "بايدن" ذهب بعيداً في نفاقه، حيث أعرب عن دعم بلاده لتركيا، بمواجهتها حزب العمال الكردستاني. في حين أن "قواته"، شارفت على الانتهاء من إقامة قاعدة عسكرية لها، في مطار مهجور، "بأبي حجر" جنوب الحسكة. بمساعدة وحدات حماية الشعب الكردية، الخاضعة لسيطرة الإرهابي صالح مسلم، بحسب ما أكده مصدر عسكري، في جيش الأسد. وهو تطور لافت، لا يعني فقط تأكيد بأن واشنطن غير مستعدة، لمقايضة ما "سورية – أوكرانية". بل إنها ذاهبة لمنافسة موسكو، على القواعد العسكرية في سورية "السائبة"، بمعية الأسد الصغير.
الأكثر نفاقاً، أن وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري"، وبالتزامن مع تصريحات "نائب رئيسه" المُفترض "جو بايدن". كان يُمارس هوايته المُفضلة، من الرياض هذه المرة، للضغط على المعارضة السورية، ولحساب "لافروف" وبالتنسيق معه، من أجل ضم الإرهابي "صالح مسلم"، وتابعه "هيثم مناع"، وغيرهما من زبانية موسكو وطهران، إلى وفد التفاوض مع الأسد . رغم ما يفرضه ذلك من بديهية "تفجير" الوفد من الداخل. وبالتالي إفشال المفاوضات، أو ترجيح كفتها لصالح الأسد.
ظاهرياً، يبدو هراء "بايدن" للوهلة الأولى. كمن يُغرد خارج سرب سياسة "أوباما"، ويكسر لازمة بأن "لا حل عسكرياً في سورية". مع ما تعنيه من إنهاء الضوء الأخضر الأمريكي، الممنوح للأسد وحلفائه، لمواصلة قتل السوريين وتهجيرهم، وتغيير التركيبة الديمغرافية. بيد أنه واقعياً، ليس قابلاً للصرف. إلا في سوق الحل السياسي، القابل للتسويف حتى
جنيف 100، وما بعد. وما من أحد مستعجل، على ما يظهر. خصوصاً واشنطن، التي إما أن تُسارع خارجيتها، أو الناطق باسم الأبيض، لتصحيح وتصويب زلة لسان نائب الرئيس. أو تعتبرها وكأنها لم تكن، على اعتبار أن شماعة جنيف، تتحمل ألف هراء، وهراء.
التعليقات (3)