المفاوضات الروسية - الروسية للحل في سوريا

المفاوضات الروسية - الروسية للحل في سوريا
رأت موسكو في خطوة تحييد عقد الأسد، وإنهاء الحديث عن رحيله، قبل وبعد المفاوضات التي ستبدأ في جنيف نهاية الشهر الحالي، بين وفدي النظام والمعارضة السوريين، تنازلاً لابد من الاستثمار فيه، فبدأت بإيجاد عقد متعددة لكسب مزيدٍ من التنازل خلال المفاوضات التي من المقرر أن تطرح جدولاً زمنياً، يكون بشار الأسد في نهايته خارج السلطة، وهو ما تم الاتفاق عليه - فيما يبدو - بين واشنطن التي تريد حلاً سياسياً، مهما كانت الطريقة، وموسكو التي تريد تعزيز نفوذها في سوريا، وإنشاء أول مستعمرة في الشرق الأوسط برعاية دولية، وبصمت إقليمي لا يؤرق الطموح الروسي الذي تراجع على مدى ربع قرن منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، والذي كان يصدّر الشيوعية كنوع من الاحتلال عبر الأفكار، إلا أن بوتين يريد العودة إلى ذكريات أوربا الشرقية، التي كانت تحت السلطة العسكرية السوفياتية.

بوتين، الذي شعر أنه انتصر ببقاء مصير الأسد بيده وحده، وهو من يأمر برحيله أو بقائه، على الرغم من التصريحات الإعلامية التي تفيد بأن السوريين هم من يقرر هذا المصير، على اعتبار أن موالي الأسد يعتبرونه المخلص لهم من الإرهاب.

 إذن، هو يملك هذا القرار بتفويض من الموالين للنظام المنهار، الذي تحاول موسكو تدعيمه، من خلال التدخل العسكري،حيث أنّه، ومنذ أيلول الماضي،بدأ وبشكل واضح استثمار الفشل لدى خصومه، سيما وأن الولايات المتحدة لا تعتبر الوضع السوري من أولوياتها، والإدارة الحالية تريد تصدير كل أزمات الشرق الأوسط للإدارة الجديدة التي ستأتي إلى البيت الأبيض في بداية العام القادم؛ بدأ يبحث عن عقد جديدة، كان أولها قائمة المنظمات الارهابية التي تعمل في سوريا، لفرض فكرة مفادها أن كلّ من يقاتل النظام، وبالتالي يقاتل الداعم الرئيسي لهذا النظام (روسيا)،يعتبرإرهابياً، وهذا التنصيف الذي أوكل للأردن، الذي له دراية كبيرة في هذه القضايا الأمنية بحسب الرؤية الروسية، لكن يبدو أنّ هذه القائمة قد فشلت في تحديد المنظمات الإرهابية، عدا "تنظيم الدولة" و"جبهة النصرة" المصنفتان كإرهابيتين من قبل الأمم المتحدة، وقد يكون سبب هذا الفشل هو الضغوط التي مورست على الأردن، الذي لا يريد أن يخذل روسيا وإيران، اللذان يشكلان عامل استقرار له من هجمات داعش، من جهة، ولا يريد أن يخسر المعونات السعودية، من جهة أخرى، فخرجت القائمة بعدد كبير من المنظمات، من بينها الحرس الثوري الإيراني، وحزب الله،ما أغضب إيران التي رفضت مسودة القائمة، ثم تراخى التمسك بها لصالح عقدة أخرى أشد ضراوة.

من سخريات السياسية، أن تفرض الدولة الخصم على المفاوض طريقة تشكيل هذا الوفد الذي سيفاوض أتباعه، الذين من المفترض أنهم أصحاب السيادة الوطنية، وهنا تكمن العقدة الأشد والأدهى، فروسيا التي قد تحول قضية بدء التفاوض إلى ماراتون مفاوضات جديد، لتشكيل وفد المعارضة الذي سيفاوض النظام، ومن ورائه روسيا وإيران.

ولعل تمسك روسيا بتشكيل وفد معارض من كل الشخصيات المعارضة، التي شاركت في منتديات موسكو للمعارضة السورية أو مؤتمر القاهرة، هو ما وضعته الولايات المتحدة والسعودية في دعوتها لمؤتمر الرياض، فكان التمثيل متوفراً لكل هؤلاء المعارضين، غير أن موسكو تتمسك بأسماء بعينها لدخول الوفد المفاوض.

الاقتراح الروسي، الذي يمكن تلخيصه بدخول المعارضة بوفدين منفصلين،ووفد وحيد للنظام، قوبل برفض أمريكي، لآنه من غير الملائم وجود فكرين وهدفين مختلفين للمعارضة، أحدهما موالٍ لروسيا، وهذا ربما تفسير التمسك بهذه الأسماء، بمواجهة وفد النظام الذي تقف وراءه روسيا وإيران، وهنا تكون المفاوضات،بكل بساطة، تحت عنوان "روسيا تفاوض موسكو للحل السياسي في سوريا"، وبالتالي رفض الجدول الزمني الذي اقترحته الولايات المتحدة مع بعض السياسيين السوريين، الذي يرحل في نهايته بشار الأسد.

بعد فشل المبعوث الدولي لسوريا "ستافان دي ميستورا" في إقناع الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة، في ضمّ عدد من الأسماء، بعد اجتماعات على مدى يومين، كان لابدّ من استخدام موسكو لتفسيراتها للقرار 2254، الذي يعطي للمبعوث الدولي حق تشكيل الوفد المفاوض، حيث سلّمته اسماء خمسة عشر معارضاً، ترى أنه من الواجب تواجدهم في الوفد المفاوض الذي يتلقى تدريبات على المفاوضات، ورفض وجود أي ممثلين لفصائل معارضة مقاتلة في سوريا لانهم جزء من الإرهاب، في مقابل إصرار أمريكي على أن مؤتمر الرياض هو التشكيل الوحيد الذي يجب أن ينبثق عنه هذا الوفد، ليقع المبعوث الدولي في شرك خلاف الرعاة الدوليين قبيل عقد جنيف3، الذي يعقد بعد سنتين من جنيف2، وأربع سنوات من جنيف1.

مع التراخي الأمريكي، واحتلال مدينة سلمى في ريف اللاذقية، بعد استخدام كل أنواع الأسلحة، وكسر حدود المنطقة العازلة التي تريدها تركيا، ويرفضها الخصمان الأمريكي والروسي، يراهن بوتين على فرض مشيئته في ضمّ أسماء ترضى عنها روسيا، وبالتالي يجب أن يرضى عنها النظام السوري،غير أنه من الواضح أن موسكو تدرس كل الخيارات، ومن ضمنها تشكيل نظام حكم جديد في سوريا بدون الأسد على الأقل، إلا أنه مُوالٍ لموسكو أكثر من ولائه لإيران خاصة بعد أن بدأت روسيا تقلد نياشين النصر لضباط سوريين تحت العلم الروسي في مطار حميميم في اللاذقية،وتتواصل مع معارضين "موالين للنظام"، ولكنهم على ما يبدو تحولوا في ولائهم لموسكو، بحسب الرؤية التفاوضية التي يريدها بوتين: حوار الذات لفرض الحلول بقوة السلاح!

التعليقات (1)

    مجاهد السمعان-عقيد ركن متقاعد

    ·منذ 8 سنوات 11 شهر
    الروس في عهد القياصرة أو العهد الشيوعي أثناء وجود الإتحاد السوفياتي أو في عهد بوتين الديمقراطي المزيف على الطريقة الأسدية كانوا وما زالوا أعداء الأمة العربية ومصالحها وبالذات أعداء العرب السنة ، بل والمسلمين السنة في كل مكان، ولا يمكن الوثوق بهم مع وجود بوتين ( زعيم المافيا الروسية وكلبه لافروف الأرمني) أو غيره في المستقبل في حال إغتياله أو الإنقلاب العسكري عليه ، وهذا هو الأسلوب الوحيد للتخلص من رئاسته لروسيا ، مثله مثل بشار المعتوه والمتنحي مبارك وزين العابدين والفاطس ( معمر القذافي) ؟؟؟؟؟
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات