هل استخدمت روسيا الروبوتات في سوريا حقاً؟

هل استخدمت روسيا الروبوتات في سوريا حقاً؟
يبدو أن الحرب السورية نقطة تحول مهمة في مسار كتابة التاريخ ورسم  الجغرافيا، فمنذ أعلن الروس أنهم سيطروا على منطقة برج السيريتل في ريف اللاذقية  بمساعدة "الروبوتات المقاتلة" فقد وضعوا علامة تاريخية  مفادها أن الثوار السوريين هم أول قوة "غير نظامية" في التاريخ البشري تدخل في معركة تلاحمية ضد "الروبوتات مقاتلة" <1>.

فحسب الادعاء الروسي سيطرت قوات النظام و الميليشيات المرافقة لها على تلك التلة بدعم و إسناد ناري من عدد من "الروبوتات المقاتلة"، التي نشرها الروس في تلك الجبهة مؤخراً .

فقد استخدمت خلال تلك المعارك (بناء على الرواية الروسية) عشرة روبوتات من نوعيتين، النوعية الأولى  مجنزرة تعرف باسم "بلاتفورم – م"  وهي صغيرة الحجم نسبياً ، أما النوعية الثانية و تسمى "أرجو" و هي مدولبة  و تعتبر بحجم سيارة صغيرة.

لكن على الرغم من تفاخر الروس بإنجاز روبوتاتهم (الكبير )، فهنالك الكثير من الشكوك حول حقيقة استخدامهم لهذه الروبوتات في تلك المعارك.

فلم  ينشر الروس و لا حتى الثوار، أي فيديوهات أو صور لتلك  للروبوتات في أوضاع قتالية  خلال تلك المعركة، ولا يوجد حتى الآن دليل كافي على دخول هذه الروبوتات للاستخدام القتالي الحقيقي في سوريا على الرغم من الدعاية الروسية المكثفة<2>.

الرغبة بإظهار التفوق

قد يكون الإعلان المكثف عن استخدام هذه الروبوتات في المعارك، و أنها دمرت مواقع "الإرهابيين" خلال 20 دقيقة  إحدى محاولات روسيا للترويج لسلاحها، و إظهار  نفسها بمظهر قوى عظمى أمام العالم و أمام شعبها .

فاستخدام مثل هذه الروبوتات العالية التكلفة في مثل هذه المعارك يعتبر أمراً غير منطقي، خصوصاً بسبب عدم وجود خشية على الخسائر البشرية التي سيتحملها النظام،  كذلك فهي غير متوافقة مع العقيدة العسكرية الشرقية التي  لا تقيم لحياة الجندي وزناً.

يضاف إليها وجود عوائق تقنية لدى الروس،  و تظهر هذه العوائق التقنية لديهم بوضوح في تخلفهم في مجال  الطائرات المسيرة، التي يحاولون الحصول على تقنيتها من إسرائيل <3>.

تجارب أسلحة

يبدو أن هذا الاستخدام (إذا حدث حقيقةً ) فهو ذو طبيعة تجريبية، فبحسب أكثر من مصدر لا تنوي روسيا نشر هذه الروبوتات ضمن ملاك قواتها حتى 2018،  فهذا الاستخدام " إن صدق الروس " هو تجربة  لتصميماتها و تكتيكات استخدامها .

فلحد الآن لم يستخدم أي جيش أسلحة مشابهة بنفس الطريقة و نفس الظروف، و لم يحدث تطوير للتكتيكات التي تنظم استخدامها خلال المعارك بشكل كافي.

حيث يبدو أن الروبوتات تعمل بشكل مجموعات تؤمن الحماية لبعضها، و بسبب نموذج التسليح فمدى الاشتباك لا يتجاوز 250 إلى 350 متر، بالنسبة  للنسخ التي يدعي الروس أنها استخدمت حتى الآن. 

حيث تتمثل المهمة الأساسية لهذه الروبوتات  في كشف مواقع و مرابض نيران المدافعين، و بالأخص  رماة الأسلحة المضادة للدروع <4>.

حيث تتقدم هذه الروبوتات من المنطقة المستهدفة مدعومة بطائرات استطلاع مسيرة، و خلفها على مسافة حوالي 200إلى 500 متر يتقدم المشاة، الذين يستفيدون من الرمايات التي ينفذها الثوار لتحديد مواقعهم  ثم تدميرها <5>.

هذه الروبوتات بطيئة و سهلة الكشف، فلا تتجاوز سرعة الروبوت  من النوعية الثانية 20 كم في الساعة، و كلاهما يحمل تسليحاً يعتمد على رشاش ب ك س  7.62  ملم، و مجموعة قواذف مضادة للأفراد و المدرعات (غير موجهة ) <6>.

إضافة لوجود كاميرا فيديو و كاميرا تصوير حراري، تستخدم ليلاً و عند الاستطلاع لاكتشاف الأفراد، كما يعتقد بوجود "مقدر مدى ليزري" للحصول على رمايات أدق <7>.

قدرات محدودة

هناك كثير من الشكوك حول فاعلية هذه الروبوتات و  كفاءتها و حتى القدرة على استخدامها في تلك المنطقة<8>،  بالأخص بسبب تصميم الهيكل الذي لا يعطي الكثير من المرونة و القدرة على الحركة في المناطق الوعرة و الجبلية مثل منطقة سلمى، التي استخدمت فيها هذه الروبوتات حسب الزعم الروسي .

فالهيكل المجنزرة البسيط لا  يبدو أنه  يعطي لهذه الروبوتات سرعات تتجاوز العدة كيلومترات في الساعة، ولا القدرة على تجاوز العوائق الكثيرة التي  يمكن أن تصادفه في  هكذا بيئة وعرة و جبلية و كثيفة الاشجار،  ما يجبره على الالتفاف حولها ما يبطئه و يسهل كشفه أكثر .

عدا  عن الارتفاع الأقصى للعوائق الذي يمكن لهذا الروبوت  العبور فوقه، و عدم قدرته على تجاوز الحفر والخنادق .

كذلك محدودية  زاوية الميول الأمامية و الجانبية التي يستطيع العمل عليها، و التي لا يتوقع أن تسمح له بالتسلق في المناطق الجبلية الوعرة .

كيف سيتعامل الثوار مع  هذه الروبوتات ؟

لو فرضنا  استخدام الروس لتلك الروبوتات خلال المعركة فقد يكون ظهورها  قد سبب حالة مؤقتة من الإرباك للثوار، بسبب عدم تعاملهم مع  مثل هذه الأسلحة قبلاً،  لكن لن يعجز الثوار عن إيجاد السبل للتعامل مع هذا الروبوتات .

فهناك طيف واسع من الإمكانيات  و الأسلحة الفعالة ضد هذه الروبوتات،  فهي منخفضة التدريع و لا يمكن بحال مقارنتها بالدبابات، التي دمر الثوار العشرات منها خلال معارك سلمى، فقيود الحجم و الوزن تفرض تخفيف مستوى الحماية للروبوت ككل. 

فبداية بالخنادق و الحفر و العوائق الهندسية بأشكالها المختلفة، و  المصائد و الحفر المغطاة بمثابة أفخاخ . 

كذلك نشر الأسلاك الشائكة  و الألغام المضادة للأفراد، و برك النفط التي تشعل عند مروره فوقها  ،و  المولوتوف، و القنابل اليدوية.  

إضافة للعبوات الناسفة بأشكالها، و استهداف التجهيزات البصرية بالقنص .

وجود  القواذف المضادة للدبابات بشكل مكشوف أعلى الروبوت يعتبر نقطة ضعف،  فيستطيع الثوار  تدمير الروبوت  باستهداف القواذف،  فهي غير مغطاة و غير محمية و  تستطيع  طلقات الأسلحة الفردية اختراقها .

في النموذج "بلاتفورم-م" الجنزير  يبدو أنه مصنع من مواد غير معدنية، ما  يؤهله للقطع  بسهولة.

عدا عن التأثير القاتل للأسلحة المضادة للدبابات عليها، و المدافع المضادة للطائرات سواء 14.5 أو 23  ملم .

التمويه أولاً

 تحمل هذه الروبوتات أجهزة بصرية تؤمن شكلاً من أشكال الاستطلاع، ما يوجب استخدام التمويه بمختلف أشكاله ضد هذه الروبوتات ،و جميع وسائط الاستطلاع الأخرى  المستخدمة في سوريا .

هوامش

<1>أول استخدام لروبوتات خلال معارك برية حدث خلال ما يعرف "بحرب الشتاء" بين الاتحاد السوفيتي و فنلندة  1940، حيث استخدم الاتحاد السوفيتي "دبابات نابالم" مسيرة عن بعد  (راديوياً)  تسمى TELETANK، لكنه استخدمها ضد قوات نظامية  و ليس ضد ثوار .

حيث على الرغم من نجاحها ضد الفنلنديين، لكنها  فشلت فشلاً ذريعا أمام الألمان بعد عدة أشهر خلال الحرب العالمية الثانية، حتى أخرجت من الخدمة.

<2>لم نعثر على  أي فيديو أو صور  منشورة من طرفي المعركة عن هذه الروبوتات إطلاقا حتى لحظة إعداد هذا التقرير .

<3>هذه الروبوتات هي عبارة عن  عربات مسيرة عن بعد فعلياً، و لا تختلف الذراع المستخدمة في توجيهها عن ذراع تحكم أجهزة ألعاب الفيديو المنزلية.

 حيث يرتبط الروبوت  بمحطة التحكم عبر وصلة راديوية، تضمن نقل الأوامر و الفيديو و الصور من الروبوت للمشغل  و بالعكس، و لا يبدو أن هذين النموذجين من الروبوت يمتلكان  أي شكل من أشكال الذكاء الصناعي . 

فيديو لوحدة قيادة الروبوت

N6YF965GlXk

<4>أحد الطرق التي قد تستخدم لتحديد مصادر النيران هي وجود "حساسات مصادر الرمايات" على الروبوت، و الذي يفيد في تحديد مصادر الرمايات بالأسلحة الخفيفة و بنادق القنص، ما يسمح بتوجيه كاميرا الروبوت تجاهه  لتحديد موقعه أو الرماية عليه أو  تحديد موقعه للمشاة المتأخرين عن الروبوتات .

<5>لا يبدو أن الأقمار الصناعية هي وسيط التحكم بهذه الروبوتات،  بل وصلات راديوية  يرتبط عملها بوجود خط نظر مع الروبوت .

 ما يجعل استخدامها محدوداً بمسافات قصيرة و يتأثر جداً بالتضاريس  و كثافة الأبنية و الغابات، ما  يزيد الشكوك حول حقيقة استخدامها في منطقة جبلية مثل جبال اللاذقية  الوعرة  و المعقدة التضاريس و الكثيفة الأشجار .

<6>لاتزال هذه الروبوتات عموماً في المرحلة التجريبية، فهي مسلحة بقواذف مضادة للدبابات محمولة على الكتف من نوع RPG-26  بمدى حوالي 250 متر فقط، و قواذف مضادة للأفراد من نوع RSHG-26  بنفس المدى .

<7>مقدر المدى الليزري : جهاز يستخدم لقياس بعد الهدف عن الرامي  بهدف  الحصول على رمايات دقيقة .

<8>المنطقة التي ادعى الروس استخدام الروبوتات فيها تعتبر شديدة الوعورة لتسمح لهذه الروبوتات بالعمل، خصوصاً بسبب طبيعتها الجبلية و الظروف الجوية التي تتسبب بتشكل برك طينية كبيرة تعيق عمل هذه الروبوتات، لتجبر هذه الروبوتات على اتخاذ ممرات إجبارية تضعها مباشرة داخل كمائن الثوار .

فيديو نشره الروس قبل فترة عن طموحهم في مجال الروبوتات 

itqOaFAkBi8

التعليقات (1)

    Zin

    ·منذ 8 سنوات 3 أشهر
    لا تنسو أنها متحكم بها عن بعد ... ويقدر التشويش عليها (Radio jamming/signalshield)
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات