احتلال بالجملة "إيراني على روسي، على أفغاني .."، وبرعاية "إسرائيلية"، معروفة أساساً. ولعل ما كشفه الفنان جمال سليمان مؤخراً، بشأن ما أسره الأسد إليه، بأن "إسرائيل" لن تسمح بإسقاطه. يندرج في خانة تأكيد المؤكد.
حقيقة، لا مفاجآت حتى الآن، قياساً لتاريخ عائلة الأسد. رغم كل الخراب الذي حل بسورية اجتماعياً و بشرياً واقتصادياً. باستثناء موقف مريدي تلك العائلة، من جماعة نظرية المؤامرة، وكأن ثمة مؤامرة أكثر انحطاطاً، من الاحتلال المباشر.
هؤلاء، من أتباع الأسد أو نحرق البلد، هم كثر. ويتوزعون بين مختلف الطوائف والمذاهب. لكنهم ينتمون "بالنسبة والتناسب"، وبعيداُ عن "التكاذب" و النفاق الوطني، إلى الطائفة العلوية أولاً. التي تُشكل قوة بشار الضاربة وخزانه البشري، من جيش وشبيحة وطيارين، شئنا أم أبينا.
المفارقة، أن كل ما ارتكبه أولئك، من مجازر وجرائم وتدمير، على مدار خمس سنوات. كان يُمكن، و ربما ما يزال بالإمكان تداركه، عبر "العدالة الانتقالية". لكن ما يستحيل نسيانه، أو شطب عاره من التاريخ، هو "استقواء" حاكم "علوي" على ثورة شعبية ضده ، باحتلال خارجي مزدوج روسي – إيراني. مُستنداً إلى قبول طائفته، أو معظمها. وعلى وقع أهازيجها، واحتفالاتها بتقليد ضباطها أوسمة العمالة، من نمرة العقيد سهيل الحسن.
تهمة الخيانة، هي الوشم الأبدي، الذي وشم بشار الأسد به "طائفته". والمصيبة أن جسم الطائفة "لبيس". إذ لا تزال تُتهم تاريخياً بمساندة الصليبيين، وبالمسؤولية عن سقوط أنطاكية بأيديهم، بعد سبعة شهور من الحصار، إثر خيانة ارتكبها "القائد العلوي" فيروز. عدا مساندتهم المغول، أثناء اجتياحهم بلاد الشام. ثم مطالبة بعض وجهائهم، بالانفصال عن سورية، أيام الاحتلال الفرنسي، وهذا مُثبت بوثيقة وزارة الخارجية الفرنسية 3547 تاريخ 15/6/1936. وأحد الموقعين عليها سليمان الأسد، جد بشار .
الواضح، أن الخيانة بالوراثة لدى عائلة الأسد، بدليل تسليم الأب حافظ هضبة الجولان "لإسرائيل". وهو ما أصبح مٌثبتاً بشهادة شهود العيان من مسؤولي تلك الحقبة، ومنهم الدكتور محمد أحمد الزعبي، وزير الإعلام آنذاك.
لا شك، أن الحوادث التاريخية تحتمل الجدل، خصوصاً حقبة ما قبل الفرنسيين. لكن الأمر ذاته لا ينسحب، على وقائع الاحتلال الروسي – الإيراني الحالي. وحفاوة غالبية العلويين به. كذلك من المستحيل طمس ما ارتكبته، قوات نخبة الأسد وشبيحته الطائفية. من مذابح بحق السوريين، والموثقة بالصوت والصورة. مُدعمة باليوم، والتاريخ، والساعة.
عموماً، لا يجوز التعميم. بيد أن طبيعة البشر غير عادلة. تتذكر خيانة سليمان الأسد، وتنسى ثورة الشيخ صالح العلي ضد الفرنسيين. تحضر في ذاكرتهم صورة حافظ الأسد بائع الجولان، وتغيب ذكرى اللواء صلاح جديد، الذي رفض الاعتراف "بإسرائيل" وفقاً للقرار 242. ليدفع 23 سنة من عمره بالسجن ويستشهد داخله، ثمناً لموقف قبله الأسد الأب، ثم قبض ثمنه توليه السلطة، وتوريثها. لذا من الطبيعي، أن تضيع أصوات الآلاف من العلويين، المؤيدين لثورة السوريين على أصالتها، تحت ركام المدن المدمرة بالبراميل المتفجرة. أو بين الزفرات الأخيرة لأطفال "الكيماوي"، أو خلف الهياكل المُحاصرة "بالجوع أو الركوع".
كان باستطاعة العلويين إنقاذ سورية. لكنهم اختاروا "إلا قلة" تدميرها وخيانتها، عكس ما انتظرنا طويلاً .. إنه التاريخ يندحر الاحتلال مهما طال. وتبقى الخيانة "سُبة" تُلاحق مرتكبيها.
التعليقات (14)