جامعو الأموال السورية.. مضايا تعيش على الفتات

جامعو الأموال السورية.. مضايا تعيش على الفتات
حملات التبرع لمضايا على صفحات الانترنت اليوم، هي الحملات الأكثر انتشاراً، شعارات جاهزة تملئ الفيسبوك السوري لتهز مشاعر الناس، مغتربون يشعرون بالذنب وبالمسؤولية ويفتشون عن أي طريقة للمساهمة في رفع الظلم عن جوعى مضايا، وما بين الشعور بالذنب وأشخاص بأسماء حقيقية وآخرين بأسماء وهمية وحملات هنا وهناك، أين ذهبت الأموال التي تبرع بها الناس.. ناهيك عن بضعة "رجال أعمال سوريين"، علت اصواتهم بالتبجح، وتناقلت بعض الصحف والمواقع السورية مقابلاتهم بكثير من التفخيم والشكر والتبجيل، وكيف لا يبجلونهم وهم، أي رجال الأعمال، أعلنوا أنهم ملتزمون بـ500 طن من المساعدات لمضايا والمعضمية وكفريا والفوعة، ولم يخجلوا من وضع اسم كفريا والفواعة "المحاصرين قولاً لا فعلاً والذين لم يعرفوا الجوع يوماً"، لم يخجلوا من وضع تلك المدن والقرى في ميزان واحد، وإن تغاضينا عن ذلك، فإن تلك الـ500 طن التي فاوضوا عليها روسيا لإدخالها اختفى ذكرها، وأدرك هؤلاء أن أحداً لن يذكرها لأننا مشغولون بالموت بينما هم لا يجدون وقتاً ما بين التصريحات والتسريبات التي تتحدث عن محادثاتهم السياسية البطولية من أجل مضايا. من داخل مضايا ومن صميم الجوع السوري تحدث أحد سكان مضايا إلى أورينت نت وأكد أنه لا يمكن لـ"النملة أن تدخل مضايا"، فأين وكيف ولماذا نقرأ البيان تلو البيان على الفيسبوك والتويتر من جامعي الأموال للتأكيد أنهم أدخلو آلاف الدولارات إلى مضايا. حزب الله اللبناني هي الجهة التي تحاصر مضايا اليوم، ومن سوء حظ المدينة أن حزب الله هو الذي يحاصرها وليس جيش الأسد "الجائع للمال والمرتشي بالفطرة"، وبحسب مصادرنا في داخل مضايا فإن الحل الوحيد لتأكل أي عائلة ولتحصل على بعض المواد الغذائية هي التوقيع على عقد بيع المنزل الذي تملكه للحزب، ولا نقصد هنا أن الحزب سيأخذ البيت أو الأرض مجاناً، على العكس فهو يعرض على مالك العقار سعراً عاليا ثمناً لبيته وطعاما لعائلته وإمكانية خروجه من مضايا إلى لبنان، ولا ينتهي الأمر هنا، فالأموال التي يتم التبرع بها تذهب إلى تجار الحرب في مضايا نفسها، وحركة الأموال "التبرعات" تصبح من صاحب الحملة إلى أقارب بعض مالكي الأموال بمضايا والمتاجرين بقوت الناس على أن يدفع الأخير ما استلمه قريبه خارج الحصار طعاماً إلى بعض المحاصرين وبالطبع فإن ما يدفعه على شكل طعام يتم احتسابه بحسب أسعار مضايا التي لا يصدقها عقل ولا يقبلها أي منطق، ليكون رغيف الخبز يكاد يكون أغلى من غرام الذهب. 

ثمن البسكوتة الواحدة في مضايا 10 دولارات أي أكثر من 3000 ليرة سورية، وبحسب فريق متطوع جمع تبرعات لسوريا وأعلن أمس أنه أدخل 180 كيلو دقيق إلى مضايا، ما يعني حصول كل عائلة على نصف كيلو غرام فقط، فإنه وزع بعض البسكويت ليدفع ثمن العلبة التي تحتوي على 10 قطع 1000 دولار، وأما عن كيفية إدخاله للمواد أو للأغذية، فإننا نعود إلى الحديث السابق، لأن الفريق دفع للتاجر ثمن البسكوتة 10 دولارات، فكم دفع إذاً ثمن كيلو اللحمة أو الطحين أو أو أو.. وبالطبع فإن إدخال الأموال تتم بالرشاوى الضخمة جداً، وإذا اعتبرنا أننا سنوزع على 40 ألف محاصر بسكويت فقط، فإننا نحتاج لـ40000 بسكويتة أي إلى نصف مليون دولار، ستذهب إلى التاجر آكل لحوم البشر، أي أننا أمام خيارين لا يمكن المفاضلة بينهما، ما بين الموت وإطعام الوحش ومن ثم الموت أيضاً على يده. 

وإلى الآن فإننا نفترض أن كل من جمع تبرعات "وخصوصاً تلك الحملات التي توجهت للسوريين في اوروبا واقترحت أن يكون التبرع بمبالغ زهيدة لا تذكر (يورو أو 2 يورو)"، نفترض أنهم بالفعل دفعوها لأولئك التجار فعلاً أي أنهم حاولوا إطعام بعض المحاصرين من اصل 40 ألف محاصر، فأين تلك الإثباتات أنهم بالفعل دفعوها، ولمن تم الدفع، وكم جمعوا من الأموال، ومن سيراقب هذه العملية، ولماذا انبرت فجأة كل تلك الفرق التطوعية لجمع التبرعات لمضايا، بينما كان من الممكن أن يتجهوا لجهد آخر في منطقة أخرى يموت فيها الناس من البرد أو من الجوع، ولماذا تصل الرسائل من داخل مضايا تناشد وتطلب بضعة لقيمات لتأجيل الموت؟

سؤال يطرح نفسه هنا، لماذا لا يوجد منظمة إغاثية واحدة تعمل على الموضوع؟ وإن كان العالم السياسي يتناول عشاءه مديراً ظهره لمشاهد موتنا، فأين العالم الإنساني وهيئات الأمم المتحدة التي لم تكلق ولا حملة واحدة للتبرع، واقتصرت التبرعات على تبرعات فردية لأشخاص قالوا أنهم سيجمعون أمال للتبرع للسوريين، وبالطبع لم نعول ولن نعول على تجار الـ500 طن، ولا على ائتلاف عجز عن تنظيم حملات تكتسب صفة الشرعية للم تبرعات للمناطق المحاصرة بعد أن فشل بنيل ثقة السوريين، وأكثر من ذلك بعد أن استطاع إقناع السوريين أنه كيان لا ينفع سوى للتصريحات والبيانات. بعض النظريات تقول أن جمع التبرعات يصب في مصلحة تكريس الحصار وإعطاءه شرعية، خصوصاً وأن الأموال لن تصل إلا للشبيحة وتجار الحروب، وكأننا نشتري البندقية لقاتلنا مع اشتراطنا تأجيل الإعدام ليوم واحد. ألم يحن الوقت لنختبر معنى القانون والإيصالات والتوثيق، وبالطبع فلا نقصد بالتوثيق تصوير فيديو في غرفة مغلقة لرجل لن يستطيع أحد إثبات أنه من داخل مضايا او من خارجها، وإن كنا بُلينا بمعارضة سياسية ومؤسسات تابعة لها نائمة 24 ساعة، غير معنية بالسوريين، مشغولة بإصدار البيانات، فهل من الطبيعي أنه وبعد 5 سنوات لازلنا كما قبل السنوات الخمسة؟ هل يجب أن نقتنع أننا كشعب سوري لا يوجد أناس شفافين وعلميين؟ أم علينا أن نقتنع بالتخريب الذي أحدثه النظام والمعارضة في أنفسنا؟ أسئلة برسم الحملات والقائمين عليها والمتبرعين والسوريين جميعاً.. نعم.. ربما يكون دخل مضايا بعض الفتات، ولكن الفتات لا يشبع الانسان ولا ينجيه من الموت، والمطلوب أولاً الضغط لفك الحصار

التعليقات (5)

    مستفزة

    ·منذ 8 سنوات 3 أشهر
    الصورة الشخصية مستفزة جدا ولا تتناسب مع عنوان المقال و مضمونه و مأساتنا، فكيف تكتب عن التجويع في مضايا و تضع صورة وهي تشعل سيكارتها وكأنها لا تبالي بما يحدث

    أحمد أوسو

    ·منذ 8 سنوات 3 أشهر
    كلامك صحيح دكتورة #هنادي_الخطيب ...ولن أقول إلا حسبي الله ونعم الوكيل... لايؤلم الجرح إلا من به لمم

    باسل

    ·منذ 8 سنوات 3 أشهر
    مالجديد في الموضوع وماقدمت تلك الكاتبة التي تقيم بدبي ؟؟؟؟؟

    ايجل

    ·منذ 8 سنوات 3 أشهر
    الافضل ان تطفئي السيجارة اولاً قبل ان تطلبي مقابلتنا من خلال مقالك ... انت لا تحترمين القارئ وانا لن أقرأ لك وشكلك وانت تدخنين لا يتناسب مع طبيعة هذه الصفحة .. وللحقيقة انا استمتع برؤية المرأة وهي تدخن ولكن ليس هذا مكانه بل في

    hussein basbous حسين بصبوص

    ·منذ 8 سنوات 3 أشهر
    ما وصل اليه شعبنا وما صارت اليه الحملات التطوعية من قبل الكثير من الفرق ولاسيما استنبول انا لازلت حتى الآن اطرح نفس الأسئلة التي طرحتها ولا اجد الاجوبة المثالية لها احدى الحملات وصلت بجمعها للتبرعات لما يقارب نصف مليون دولار والى الآن لم يتم تسجيل ادخال اي مادة اغاثية لمضايا
5

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات